كتب المعلق الأمريكي ديفيد إغناطيوس في صحيفة “واشنطن بوست” أن إستراتيجية “قطع رأس التنظيم”، باغتيال قياداته هي ما تبنته أمريكا في حربها ضد القاعدة، حيث استطاعت قتل زعيم التنظيم أسامة بن لادن عام 2011. واعتقد الكثير من المعلقين الأمريكيين أنها نجحت واعتمد أوباما على النجاح في حملته الانتخابية عام 2012.
ومع ذلك، شك باحثون في فاعلية الإستراتيجية، ومنهم جينا جوردان من مدرسة سام نان للدراسات الدولية بمعهد جورجيا للتكنولوجيا، فقد قيمت الإستراتيجية بدراسة في مجلة الدراسات الأمنية “عندما تطير الرؤوس: تقييم فعالية قطع رأس القيادة” (2009).
وجاء فيها أن “قطع رأس القيادة ليست إستراتيجية مكافحة إرهاب فاعلة”، وناقشت أن قتل القيادة لا يؤدي في النهاية لانهيار منظمة، بل بالعكس يترك آثارا سلبية على الجماعات الدينية، القديمة والانفصالية.
ويرى الكاتب أن تطور تنظيم القاعدة بعد قتل قيادته إلى تنظيم الدولة الإسلامية يشير إلى صعوبة سحق التنظيمات المتطرفة تماما مثل صعوبة قتل السرطان. ومقارنة مع تنظيم القاعدة في العراق بزعامة أبو مصعب الزرقاوي الذي اتسم بالوحشية، فتنظيم أبو بكر البغدادي أكثر وحشية.
وحللت جوردان 298 حالة تم فيها قتل القيادة في الفترة ما بين 1945- 2004، فوجدت أن نسبة انهيار التنظيم بسبب مقتل قياداته لا تتجاوز 30%، وفي الجماعات الدينية لم تتجاوز النسبة 5% وفي الغالب ما تتراجع المنظمة حالة نجا زعيمها من الاغتيال. وعزز نتائج دراسة جوردان حالات عملية، فمنذ التسعينات من القرن الماضي وإسرائيل تمارس عمليات اغتيال قادة حماس “فلم تكن حماس قادرة على مواصلة نشاطاتها أمام الهجمات المتكررة بل وزادت قوتها مع استمرار الانتفاضة”.
وقامت جوردان بتطوير دراستها العام الماضي “مهاجمة القائد: عدم إصابة الهدف”، ونشرتها في مجلة الدراسات الدولية. وركزت في الدراسـة على عقد من ملاحقة تنظيم القاعدة بعد هجمات سبتمبر 2001 وحلل 109 هجوم شنت الولايات المتحدة ضد قادة القاعدة ما بين 2001 – 2011.
ورغم كل هذه الضربات زادت قدرات التنظيم وعملياته بشكل مطرد. ومع زيادة الهجمات على القيادة تراجعت قدرتها في وقت ازداد فيه نشاط الفروع. وتقول جوردان إن القاعدة لم تعان القاعدة من الضعف، وما حدث هو أنه عندما يقتل القائد يعيد التنظيم تجميع نفسه ويواصل عملياته. وبناء عليه تتساءل الكاتب عن الطريقة المثلى لهزيمة القاعدة محيلة للدراسة التي نشرتها مجلة “أتلانتك مونثلي”: “ماذا يريد تنظيم الدولة؟”.
وناقش كاتبها، غريام وود، أن انتشار التنظيم عبر وسائل التواصل الاجتماعي وعلى الأرض هو نتاج لجاذبية التنظيم للقطاعات المحرومة من المسلمين. ويرى أن المعركة القادمة ضد التنظيم ليست مع قادته، بل ضد عدد كبير من الأتباع الحقيقيين والافتراضيين.