خلصت صحيفة “تودايز زمان” التركية إلى أن الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد يفضل في تعامله مع منطقة الشرق الأوسط، الرقص (على حد وصفها) مع ملك السعودية سلمان بن عبدالعزيز دون أن يغير أساليبه مع كل من إيران ومصر.
وأشارت الصحيفة إلى أن تركيا، التي لطالما لعبت دورا في الوساطة، أصبحت بحاجة لمن يتوسط إليها لإصلاح علاقاتها مع عدة دول في الشرق الأوسط من بينها مصر، التي تتهم تركيا دائما بدعم جماعة الإخوان المسلمين المحظورة من قبل سلطات القاهرة.
وإلى مقتطفات من التقرير:
عندما كان رئيس الوزراء الحالي أحمد داوود أوغلو مستشارا للسياسة الخارجية خلال السنوات الأولى لحزب العدالة والتنمية الحاكم، استطاعت تركيا أن تصنع لنفسها إسما في الوساطة الدبلوماسية، لكن في الوقت الحالي فإن تلك الأيام، التي حاولت فيها الوساطة بين الإسرائيليين والسوريين والأمريكيين والإيرانيين وبين الصرب ومسلمي البوسنة، قد ولّت.
عزلة تركيا على صعيد الشئون الخارجية أصبحت أكثر سوءا حتى بعد أن اضطر أردوغان مؤخرا للاعتراف بأن قادة العالم يتجاهلونه، وباتت تركيا الجديدة التي يحكمها العدالة والتنمية غير قادرة على الوساطة في أي صراع بالمنطقة لأنها أصبحت جزءا من تلك الصراعات، وتحولت تركيا من وسيط لدولة تحتاج لمن يتوسط إليها.
تلك الحالة المحزنة للشئون الخارجية التركية كانت ملحوظة مؤخرا خلال زيارة أردوغان للسعودية، حيث حاول الملك الجديد سلمان بن عبدالعزيز إجراء مصالحة بين تركيا ومصر، ولم تكن تلك خطوة دقيقة من السعوديين تزامنا مع وصول الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي إلى السعودية.
وفي مقابلة أجراها مع الصحافة السعودية، أكد السيسي، الذي تتهمه تركيا بتنظيم انقلاب أطاح بحكومة الإخوان المسلمين المنتخبة ديمقراطيا من سدة السلطة، أن بلاده لم يحدث وأن أهانت تركيا، وأردوغان بدوره اعترف لوسائل الإعلام التركية وللملك السعودي أنه يرغب في علاقات أفضل بين القاهرة وأنقرة، لكنه سارع بالتأكيد على أن تركيا ليست لديها مشكلات مع الشعب المصري.
وبطبيعة الحال، فإن الأمر الأكثر إلحاحا بالنسبة للسعودية هو إيران، فخلال العقد الماضي، نجحت الدولة، التي تعد عدوا للمملكة، في التحكم بشكل فعال في أربع دول ذات أهمية حيوية للسعودية وهم العراق وسوريا ولبنان واﻵن اليمن، ولا داعي للقول إن السعوديين يشعرون أنهم محاطون بدائرة شيعية ويشعرون أنهم بحاجة للرد بواسطة تحالف إقليمي يقوي الجبهة السنية في مواجهة إيران.
مايزيد الأمور سوءا للرياض هو أن إدارة الرئيس الأمريكي باراك أوباما يبدو وأنها تتأهب لإبرام اتفاق نووي مع إيران لن يقضي على الطموحات النووية لها بل سيؤجلها، فالإمكانات النووية الكامنة لإيران تمثلا تهديدا وجوديا لدولة أخرى لديها مشكلات مع إدارة أوباما.
إن ميزان القوى في الشرق الأوسط يخلق دون شك حلفاء غريبي الأطوار، وعلى الرغم من ذلك، فأن تحظى السعودية بإسرائيل كحليف لها سيواسيها كثيرا، والتحدي الحقيقي للملك الجديد هو التوطيد الكامل للجبهة السنية ضد إيران.
وهذا ما يؤثر بشكل أكبر على الخلاف الحالي بين مصر وتركيا، فالبلدان يبلغ عدد سكانهما 160 مليون نسمة، ومصر هي الدولة الأكثر أهمية في العالم العربي وتركيا هي الدولة الوحيدة المسلمة في حلف شمال الأطلسي (ناتو)، ما يعني أن انخراط البلدين المسلمين بجيشيهما واقتصادهما الكبيرين في المنطقة في حرب دبلوماسية في الوقت الذي يتحد فيه الشيعة، يُعد انتكاسة للسعوديين.
كل ما سبق يجعل من المنطقي أن تتوسط السعودية بين تركيا ومصر، لكن التحدي الأكثر صعوبة سيكون إقناع حكومة العدالة والتنمية بأن التقارب بين إيران والغرب ليس ضمن المصالح الوطنية التركية، وفي نهاية الأمر، فإن تركيا ستفضل أن تكمل الرقص مع السعوديين دون أن تغير أساليبها مع مصر وإيران.