لا تزال زيارة الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي للسعودية تشغل الكتاب والمحللين في إسرائيل، لما لها من مدلولات قد تلقى بتبعاتها على المنطقة كلها وتؤثر على إسرائيل نفسها التي ترتبط بعلاقات جيدة مع القاهرة لاسيما على المستوى الأمني، في وقت يؤكد فيه المحللون الإسرائيليون تصاعد مخاوف النظام المصري من تغيير المملكة سياستها.
موقع “إسرائيل ديفينس” المتخصص في التحليلات الأمنية نشر تحليلا لعقيد الاحتياط دكتور “شاؤول شاي”، أكد فيه أن الملك السعودي سلمان بن عبد العزيز ناقش مع السيسي 4 قضايا محورية، على رأسها استمرار المساعدات السعودية لمصر، وعلاقات نظام السيسي بجماعة الإخوان المسلمين وحلفائها في تركيا وقطر، إضافة للحرب على داعش والتصدي للتوسعات الإيرانية بالمنطقة.
وكتب “شاؤول”: ”بشكل رسمي سافر الرئيس السيسي للرياض لتهنئة الملك السعودي بمناسبة تتويجه، لكن جرى اللقاء على خلفية المخاوف المصرية من تغيرات في السياسة السعودية فيما يتعلق بالمسائل الحيوية بالنسبة لمصر، والمساس بالتحالف الاستراتيجي بين الدولتين”.
وتابع أن السيسي كان حريصا خلال اللقاء على معرفة مصير المساعدات السعودية لنظامه، مضيفا: ”ساعدت السعودية مصر من خلال منح مالية ومواد بترولية بقيمة 5 مليارات دولار. كان الملك عبد الله هو صاحب الفكرة لإقامة المؤتمر الاقتصادي المقرر أن يلتئم في شرم الشيخ خلال شهر مارس الجاري”.
ومضى يقول: ”في هذا المؤتمر سيكون للملكة السعودية أهمية كبيرة وسوف يشارك قرابة 1000 شركة ورجل أعمال من السعودية. للرئيس المصري مصلحة حيوية في ضمان استمرار المساعدات السعودية للاقتصاد المصري الذي يعاني أزمة عميقة منذ الثورة في 2011″.
كذلك قال الكاتب الإسرائيلي إن من ضمن الملفات التي طُرحت خلال اللقاء، تعامل نظام السيسي مع جماعة الإخوان ومؤيديها سواء كانت تركيا أو قطر وكذلك حماس، وعلق قائلا: ”اتخذ الرئيس المصري خطوات قمعية صارمة ضد جماعة الإخوان المسلمين. وتم إعلان التنظيم إرهابيا، واعتقل قادته وحوكموا (صدرت أحكام إعدام بحق المئات منهم) وأعلنت محكمة مصرية مؤخرا حركة حماس تنظيمًا إرهابيًا، وتسود مخاوف في مصر هذه الأيام من إمكانية أن تغير السعودية من نهجها مع جماعة الإخوان المسلمين، وهي المسألة التي طرحت في الغالب خلال الزيارة”.
وتطرق اللقاء أيضا، بحسب المحلل الإسرائيلي، لتدهور العلاقات المصرية القطرية، حيث لعبت المملكة دور الوسيط بين الدوحة الداعمة للإخوان ونظام السيسي، وهو ما تمخض عن مصالحة برعاية الملك الراحل عبد الله، سرعان ما انتهت وعاد التوتر مجددا ليسود بين الدولتين، فيما يحاول الملك الجديد مجددا الصلح بين الجانبين، بحسب “شاؤول يشاي”.
العقيد الإسرائيلي نوه بالأهمية التي توليها السعودية لاستئناف العلاقات مع تركيا، في ظل الملفات المشتركة لاسيما فيما يتعلق بالوضع في سوريا الذي يقلق كلتا الدولتين، الساعيتين لإسقاط نظام الأسد.
وزعم أن تركيا والسعودية وكذلك قطر، وافقت مؤخرا على استضافة برامج تدريب لتنظيمات المعارضة السورية المعتدلة، وهو ما اعتبره دليلا على التقارب بين المحور القطري – التركي من جانب، والسعودية من الجانب الآخر.
زيارة السيسي جاءت متزامنة مع زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة ولقائه بالملك سلمان، في وقت تسود توترات غير مسبوقة بين القاهرة وأنقرة على خلفية تأييد الأخيرة للإخوان المسلمين. وبالتأكيد يتخوف نظام السيسي من تحسين السعودية علاقتها مع تركيا على حساب مصر، وفقا لتحليل “إسرائيل ديفينس”.
قضية أخرى طرحت على مائدة سلمان والسيسي، هي الحرب على تنظيم الدولة الإسلامية، فهناك تعاون بين مصر والمملكة ودول عربية أخرى وصفها الكاتب بـ”المعتدلة” ومن بينها الإمارات والأردن.
وفي ليبيا تحاول مصر – التي نفذت غارات جوية على مواقع “داعش” ردا على مقتل 20 من مواطنيها الأقباط – دفع عملية إنشاء ائتلاف دولي للعمل ضد التنظيم المتشدد في ليبيا.
ويدعو الرئيس السيسي لشن عملية مشتركة للائتلاف بهدف قطع مصادر تمويل وتسليح “داعش”، كذلك تحاول مصر تبني مبادرة لإنشاء قوة عسكرية عربية مشتركة للعمل ضد التنظيم، وهي الفكرة المتوقع طرحها خلال القمة العربية القادمة، وذلك في الوقت الذي تركز القاهرة فيه جهودها العسكرية على قتال التنظيم بسيناء، وعلى الحدود الليبية.
القضية الرابعة التي قال العقيد الإسرائيلي إنها طُرحت خلال اللقاء هي التهديد الإيراني، ففي مقابل المفاوضات التي تقودها الدول الغربية مع إيران حول برنامجها النووي، تتبع إيران سياسة عدوانية لتحقيق مصالحها الاستراتيجية بالمنطقة.
وتتورط طهران في الحرب السورية فتقف إلى جانب نظام الأسد، وكذلك الحال في الحرب بالعراق التي كثيرا ما تتخذ طابعا طائفيا، وتقدم الدعم لحلفائها الحوثيين في اليمن. ولإيران اليد الطولى فعليا في 4 عواصم عربية اليوم، هي بغداد ودمشق وبيروت وأخيرا صنعاء. وتنظر السعودية وكذلك مصر للتمدد والعدوانية الإيرانية على أنها تشكل تهديدا لمصالحهما الحيوية وتعملان على وقف واحتواء التهديد الإيراني.