جاء إعلان الداخلية السعودية اليوم عن نجاح الاستخبارات السعودية في تحرير الدبلوماسي السعودي الذي كان مختطفا في اليمن، عبد الله الخالدي، ليثير الكثير من علامات الاستفهام حول العملية وتوقيتها، والخفايا فيها.
مطالب القاعدة وثمن التحرير:
وكان الخالدي قد اختطف من أمام منزله في عدن في 28 مارس 2012، من قبل مجموعة مسلحة، قامت بتسليمه إلى تنظيم القاعدة في اليمن، والذي تواصل مع السفير السعودي في اليمن وقتها، علي الحمدان، معلنا عن أربعة مطالب للقاعدة مقابل تسليم السفير الخالدي للمملكة.
وتضمنت مطالب القاعدة، الإفراج عن عدد من السجينات في سجون السعودية، منهن هيلة القصير، ونجوى الصاعدي وأروى بغدادي وحنان سمكري ونجلاء الرومي وهيفاء الأحمدي، وأيضا تضمنت المطالب الإفراج عن عدد من المشايخ المعتقلين في السجون السعودية والذين كان منهم فارس الزهراني، وناصر الفهد وعبدالكريم الحميد وعبدالعزيز الطويلعي وسليمان العلوان ووليد السنان وعلي خضير ومحمد الصقعبي وخالد الراشد، حيث طالبت القاعدة بتسليم النساء والمشايخ لهم في اليمن.
واحتوت مطالب القاعدة في بندها الثالث على اشتراط الإفراج عن جميع المعتقلين اليمنيين المسجونيين لدى المباحث العامة، أيا كانت تهمهم، ورابعا طالبت القاعدة بفدية مالية قالت في حينه إنها ستعلن عنها مسبقا.
ورفضت السعودية مباشرة جميع مطالب القاعدة، خاصة وأن من بين النساء المعتقلات من اتهمن بتهم تمويل القاعدة في السعودية واليمن والمساعدة في توصيل ذلك التمويل إلى مطلوبين أمنيين للنظام السعودي، في الوقت الذي هددت القاعدة فيه بتصفية السفير عبد الله الخالدي المختطف لديها، حيث نشر بعض قيادييها تغريدات تفيد بذلك قبل أن تعود القاعدة وتعلن عن وجوده حيا خلال مقاطع مصورة بثتها إلكترونيا.
وتساءل المراقبون عن الثمن الذي دفعته المملكة مقابل الإفراج عن الدبلوماسي السعودي، وعن التنازلات التي قدمتها، خاصة مع تشددها السابق حيال أي تنازلت طولبت بتقديمها للقاعدة، متسائلين في الوقت نفسه عما إذا كانت هناك تنازلات قدمتها القاعدة من جانبها في مقابل الإفراج عن الدبلوماسي.
وكانت الداخلية السعودية قد أعلنت أن الاستخبارات السعودية نجحت في عملية تحرير الدبلوماسي عبد الله الخالدي من خاطفيه من القاعدة في اليمن، دون أن تعلن عن الآلية التي قامت بها في تحريره، فيما أشارت مصادر قبلية يمنية، أن عملية الإفراج عن الدبلوماسي السعودي تمت مقابل مبلغ مالي دفعته الحكومة السعودية، حسبما قال بعض الناشطين على موقع تويتر من اليمنيين والسعوديين، كان منهم الناشط السعودي البارز عمر بن عبدالعزيز.
النظام السعودي الجديد وتعاملات جديدة:
وأوضح مراقبون أن السعودية في نظامها الجديد الذي يقوده الملك سلمان بن عبد العزيز منذ الثالث والعشرين من يناير الماضي، قد يكون لها تأثير كبير على المفاوضات التي جرت مع قاعدة اليمن في سبيل الإفراج عن الدبلوماسي السعودي المختطف.
وبين المراقبون أن نظام الملك السعودي الراحل عبد الله بن عبد العزيز، كان يعلن الحرب على ما أسماه “الإرهاب” بشكل عنيف ولا يترك أي فرصة للحوار مع من يعتبرهم إرهابيين، مع توسيع تعريف الإرهاب الذي بات يشمل حركات سياسية واجتماعية، بالإضافة إلى اعتماد الحل الأمني المباشر وتغييب الحلول الدبلوماسية والفكرية، بحسب المراقبين.
وقارن المراقبون بين عهد الملك عبد الله والملك سلمان، مشيرين إلى أن الملك سلمان بدا واضحا اتخاذه نمطا أكثر هدوءا في التعامل مع الأزمات التي تواجهه، مع اعتماده على الدبلوماسية أكثر من المواجهة المباشرة، مما أتاح له فرصا أكبر للتعامل مع الأزمات والمشاكل التي يتعرض لها أو التي ورثها من سلفه الراحل، مدللين على ذلك بعملية الإفراج عن الدبلوماسي السعودي المختطف منذ ثلاث سنوات بعد أقل من شهرين على توليه الحكم، وهي المهمة التي فشل فيها الملك الراحل.
سيطرة هادي على عدن هل تكون السبب؟
من جانبهم أشار مراقبون إلى أن وجود الرئيس اليمني عبدربه منصور هادي في عدن، مكان اختطاف الدبلوماسي السعودي، وإجراءاته الأمنية والعسكرية التي اتخذها منذ نجاحه في الإفلات من الإقامة الجبرية التي كان يفرضها عليه الحوثيون في صنعاء مطلع الأسبوع الماضي، قد عززت من إمكانية إجراء صفقة تحرير الدبلوماسي السعودي.
وأكد المراقبون أن الدعم السعودي لنظام الرئيس هادي، ربما كان أحد العوامل التي دفعت هادي للتدخل في إجراء الصفقة عبر رجال القبائل، حيث كانت السعودية أولى الدول التي أعلنت عودة سفيرها في اليمن للعمل من عدن، كما أن تقارير إعلامية تشير إلى أنها كانت وراء عملية إخراج الرئيس هادي نفسه من مقر الإقامة الجبرية في صنعاء.
شؤون خليجية