في أول زيارة له إلى السعودية منذ تولي الملك سلمان بن عبدالعزيز مقاليد الحكم في البلاد، التقى عبد الفتاح السيسي قائد الانقلاب العسكري في مصر العاهل السعودي في قصره بالعاصمة الرياض، وبحضور الأمير مقرن بن عبدالعزيز ولي العهد السعودي، ثم أقيمت له مأدبة غداء انصرف على إثرها للقاهرة، دون أن يقوم بتأدية مناسك العمرة كما هو المعتاد من الحكام المسلمين الذين يزورون المملكة، كما لم يلتق كذلك بأي من المسؤولين السعوديين باستثناء الملك سلمان وولي عهده الأمير مقرن.
زيارة السيسي الخاطفة للسعودية والتي استغرقت ما يقرب من 3 ساعات فقط، تزامنت معها زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان، والذي يزور المملكة منذ أمس السبت 28 فبراير، حيث استهل زيارته بأداء مناسك العمرة في مكة المكرمة، وقام بزيارة المدينة المنورة، وسط حفاوة سعودية بالغة، كما من المقرر أن يعقد اجتماعا موسعا غدا مع الملك سلمان بن عبدالعزيز لبحث القضايا المشتركة.
تويتر يسخر من زيارة السيسي:
وتناول نشطاء ومغردو مواقع التواصل الاجتماعي زيارة السيسي للمملكة بشكل ساخر، حيث اعتبروها أقصر زيارة لرئيس عربي إلى السعودية، منذ تولي الملك سلمان مقاليد الحكم في المملكة، وهو ما يكشف أن السعودية لم تعد الملاذ المحبب إلى قلب السيسي بعد تولي الملك سلمان الحكم.
الدكتور سعد بن مطر العتيبي، الأستاذ المساعد بقسم السياسة الشرعية بجامعة الإمام محمد بن سعود، كان أحد أبرز اللذين رصدوا قِصَر زيارة السيسي للمملكة، حيث غرد عبر حسابه الشخصي بتويتر قائلا: (السيسي يغادر السعودية بعد زيارة لبضع ساعات، وأردوغان يصل السعودية في زيارة لبضعة أيام).
أما الناشط الخليجي فؤاد الفرحان، فغرد قائلاً: “السيسي وصل السعودية، جلس ٤ ساعات، قابل الملك ثم غادر. ٤ ساعات عربياً لا تكفي لقول كيف الحال؟ فلنترقب الإعلام المصري الأيام القادمة”.
فيما اعتبر البرلماني والمعارض المصري، حاتم عزام، أن زيارة السيسي للسعودية التي لم تزد عن الثلاث ساعات تكشف تقزم دور مصر في المنطقة العربية، مضيفا: “ففي حين لم تتعد أول زيارة عمل رسمية للسيسي إلى السعودية مع الملك سلمان ٣ ساعات، يلتقي الملك سلمان بعده مباشرة بأردوغان في زيارة لـ ٣ أيام، لا شك أن هذه رسالة يفهمها جيداً أهل السياسة الخارجية والدبلوماسية، تعكس بوضوح الأوزان النسبية وتوضح الفارق بين الشركاء الأنداد والأقوياء والمتسولين”.
وتابع عزام قائلا: “وكأنه ذهب طالباً لمزيد من الأرز على غرار: عندكم رز تاني واوعوا تصدقوا التسريبات.. لا ما عندناش.. خلص وانت أكلت كتير.. الرز النهاردة بشروط.. طيب سلام عليكم.. عليكم السلام”.
تزامن الزيارات ليس مصادفة:
وكانت صحف مصرية وسعودية، ومراقبون سياسيون قد استبعدوا في وقت سابق أن تكون زيارة السيسي وأردوغان للسعودية بعد زيارة تميم، هي من قبيل المصادفة، وليست في إطار تنسيق مسبق ومشاورات يجريها الملك سلمان بين كل من قطر وتركيا ومصر، بهدف تسوية عدد من الملفات العالقة منذ انقلاب 3 يوليو 2013، والذي توترت على إثره العلاقة بين كل من مصر من ناحية، وقطر وتركيا من ناحية أخرى .
وبالرغم من تأكيد أردوغان- في تصريحات صحفية أمس السبت قبيل مغادرته إلى السعودية- أنه لن يلتقي السيسي في السعودية، وأن هذا غير وارد على أجندته على الإطلاق، إلا أن مراقبين يؤكدون أن نفي اللقاء لا يعني نفي المفاوضات.
السعودية تسعى لتشكيل تحالف إقليمي:
ومع تزايد حدة الجدل حول المفاوضات التركية المصرية، وطبيعتها، توقع سياسيون أن يكون التفاوض المتوقع بين السيسي وأردوغان غير مرتبط بشكل أو بآخر بموقف تركيا من الانقلاب العسكري المصري على الرئيس محمد مرسي في الثالث من يوليو 2013، واعتبار هذا الحدث انقلابا عسكريا من عدمه، حيث من الممكن أن يكون التفاوض في إطار تحالف إقليمي “سني” تسعى السعودية إلى تشكيله لمواجهة الزحف الشيعي بقيادة إيران في المنطقة.
التحالف السابق أكده جمال خاشقجي، الكاتب الصحفي السعودي المقرب من الأسرة الحاكمة في المملكة، ومدير قناة “العرب” الفضائية، في تغريدة له عبر حسابه الشخصي على “تويتر”، حيث أكد أن زيارة الرئيس التركي رجب طيب أردوغان للمملكة العربية السعودية اليوم، ستعقبها زيارة من الملك سلمان بن عبد العزيز لتركيا في وقت آخر، وأن تلك الزيارات تفتح صفحة لتعاون وتنسيق يشمل كل المنطقة لم يكشف عن تفاصيله بعد.
وقال خاشقجي في تغريدته: “زيارة أردوغان للمملكة والتي ستعقبها زيارة لخادم الحرمين لتركيا، تأتي تتويجا لحوار صريح استمر أسابيع، وتفتح صفحة لتعاون وتنسيق يشمل كل المنطقة”.
شؤون خليجية