رصدت منظمة “هيومن رايتس مونيتور” حالات تعذيب كثيرة تتم بشكل دوري وممنهج داخل أقسام الشرطة وأماكن الاحتجاز، ومنها عدد كبير ممن يقتل نتيجة للتعذيب.
أصدرت المنظمة اليوم الخميس تقريراً بعنوان “التعذيب الممنهج في مصر يودي بحياة ثلاثة معتقلين خلال يومين فقط”، قالت فيه: “تستمر السلطات المصريه في انتهاكها لحقوق الإنسان بكافة صورها. فلم تكتفِ باعتقال المواطنين اعتقالاً تعسفياً من دون توجيه أي تهم أو إصدار إذن من النيابة، ولكنها تقوم أيضاً بتعذيبهم بشتى الطرق من ضرب وسحل وصعق بالكهرباء وغيرها من طرق التعذيب الممنهج داخل أقسام الشرطه وأماكن الاحتجاز”.
وقال التقرير إن عمليات التعذيب كانت نتيجة آخرها ثلاثة حالات قتل تم رصدها يومي الأحد والثلاثاء الماضيين داخل قسم شرطة المطرية، شرقي القاهرة.
وطالبت هيومان رايتس مونيتور، الأمم المتحدة والمجتمع الدولي بإرسال بعثات تقصي حقائق لتفحص السجون وأقسام الشرطة وجميع أماكن الاحتجاز المصرية، والتحقيق في مقتل ما يزيد عن 200 معتقل داخل السجون نتيجة التعذيب الممنهج، وجلب مرتكبي هذه الجرائم إلى العدالة، مضيفة أنه على السلطات المصريه الالتزام بتعهداتها الدولية والالتزام بالقوانين الخاصة بمعاملة المساجين واتفاقية مناهضة التعذيب، وتحمل المسؤولية التامة والكاملة عن حياة المعتقليين داخل أماكن الاحتجاز الرسمية وغير الرسمية.
وكان الضحية الأولى هو مصطفى إبراهيم محمود (21 عاماً)، والذي كان طالباً في السنة الرابعة من كلية نظم المعلومات، وقتل يوم الأحد 22 فبراير/شباط الجاري، داخل قسم شرطة المطرية نتيجة التعذيب.
أما الضحية الثانية فهو كريم حمدي إبراهيم (28 عاماً) وهو محامٍ، وقد اعتقلته قوات أمن مرتدية زياً رسمياً ومدنياً من منزله يوم 22 فبراير/شباط الجاري واقتادته إلى قسم شرطة المطرية، حيث تم التعدي عليه بالضرب والصعق بالكهرباء، وتم عرضه في اليوم التالي على النيابة، حيث أبلغ المحامي وكيل النيابة عن تعرضه للتعذيب الشديد، وطلب فتح تحقيق بذلك، إلا أن وكيل النيابة تجاهل مطلبه وأمر بإعادته مرة أخرى إلى الزنزانة، بعد توجيه تهم له بالتظاهر وقطع الطرق. وبعد عودته إلى الزنزانة عاود أفراد الشرطة تعذيبهم له حتى فارق الحياة.
وصرحت عائلة ضحية التعذيب كريم، إلى هيومان رايتس مونيتور، أنهم وجدوا آثار تعذيب وكدمات واضحة على جثمانه أثناء تغسيله وتكفينه، تؤكد مقتله بالتعذيب على أيدي قوات قسم شرطة المطرية، وقاموا بتقديم بلاغ الى النائب العام للتحقيق في مقتله.
وكان عماد أحمد محمد العطار (42 عاماً) من منطقة شبرا الخيمة هو الضحية الثالثة لقسم شرطة المطرية، وعماد الذي كان يعمل كهربائياً تم اعتقاله من ميدان المسلة في القاهرة عقب مرور تظاهرة يوم 30 يناير/كانون الثاني الماضي، واقتادته قوات الأمن إلى قسم شرطة المطرية، ليبقى رهناً للتعذيب اليومي حتى علمت أسرته بمقتله أول من أمس من خلال اتصال هاتفي من قسم الشرطة يبلغهم بوفاته.
وصرحت عائلة عماد لهيومان رايتس مونيتور، أنهم كانوا يرون آثار التعذيب واضحة على جسده أثناء زيارتهم له قبل مقتله داخل القسم.
وقال تقرير المنظمة “إن استهتار السلطات بحياة المواطنين وقتلهم بشتى الوسائل وأثناء وجودهم في قبضة السلطات دليل على عدم احترام آدمية وحياة المواطنين المصريين، كما أن ازدياد التعذيب في كافة أماكن الاحتجاز يدل على أن التعذيب في مصر أصبح ممنهجاً وازداد بصورة مروعة، حتى باتت السلطات هي المنتهك الأول لحقوق المواطن بدلاً من أن تكون حامية لحقوقه وحياته، في مخالفة صريحة للمادة 52 من الدستور المصري التي تجرم التعذيب بحميع صوره وأشكاله وتعد هذه جريمة لا تسقط بالتقادم”.
وتابع التقرير “انتهكت السلطات المصرية أيضاً مواد العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية في الفقرة الأولى من المادة 6، والتي تنص على أن “الحق في الحياة حق مقدس لا يجوز انتهاكه لأي سبب من الأسباب. الحق في الحياة حق ملازم لكل إنسان. وعلى القانون أن يحمي هذا الحق. ولا يجوز حرمان أحد من حياته تعسفاً”.
كذلك انتهكت السلطات أيضاً مواد اتفاقية مناهضة التعذيب التي صادقت عليها مصر في 1986، والتي تجرم كل أنواع التعذيب، وكذلك المادة 7 من العهد الدولي الخاص بالحقوق المدنية والسياسية التي تنص على أنه لا يجوز إخضاع أحد للتعذيب وللمعاملة أو العقوبة القاسية أو اللاإنسانية أو الحاطة من الكرامة، كما لا يجوز انتزاع أية اعترافات بالإكراه أو استخدامها كأدلة أثناء التحقيقات، وهو ما دأبت السلطات المصرية على استخدامه كوسيلة لإدانة الضحايا.