انتهى مختبر عالمي متخصص في تحليل الأصوات ويتخذ من العاصمة البريطانية مقراً له الى تأكيد صحة التسجيل الصوتي الأول الذي تم تسريبه من مكتب عبد الفتاح السيسي عندما كان وزيراً للدفاع، وهو ما يؤكد أيضاً صحة باقي التسريبات، حيث أعلن مساء اليوم الاثنين نتائج تحليل شرعي للتسريبات الأولى استغرق عدة أسابيع، ليأتي بعد يوم واحد على خطاب السيسي للشعب المصري والذي زعم أن التسريبات تمت فبركتها بتكنولوجيا متطورة.
ويأتي هذا التطور الجديد بعد يوم واحد على خطاب السيسي المتلفز الذي زعم فيه أن التسجيلات المسربة غير صحيحة، ملمحاً الى أنها مفبركة باستخدام ما أسماه “تكنولوجيا الجيل الرابع”، فيما قال مصدر مطلع لــ”عربي21” إن بمقدور أية دولة في العالم، بما في ذلك مصر ودول الخليج أن يلجؤوا الى مختبرات شرعية مماثلة ودولية معترف بها وموثوق بحياديتها من أجل التأكد من صحة باقي التسريبات.
وجاء تأكيد صحة التسريبات والأصوات الواردة فيها عبر التحليل الذي انتهى اليه مختبر “جيه بي فرينش أسوشييتس” في لندن، بطلب من مكتب “آي تي إن” القانوني البريطاني، حيث أحيل التسجيل الصوتي الأول الذي بثته قناة “مكملين” الفضائية الى المختبر وتبين أن الأصوات الواردة فيه صحيحة، وهو ما يمثل دليلاً جديداً سيتوافر بين أيدي المحامين في محاكمة الرئيس محمد مرسي حيث يتضمن التسجيل المسرب اعترافاً بأن مرسي كان مختطفاً في مكان غير قانوني وأن عملية الاعتقال تمت في مكان مخالف للقوانين السارية في جمهورية مصر العربية.
والتسجيل الذي انتشر على نطاق واسع وبثته عدد من القنوات التلفزيونية ووسائل الإعلام الأخرى، وخضع للتحليل الشرعي في مختبرات “جيه بي فرينش أسوشييتس” كان لمحادثة بين كبار مسؤولي الدولة والجيش في مصر، وشملت صوت اللواء ممدوح شاهين، المستشار القانوني للمجلس الأعلى للقوات المسلحة، متحدثاً لشخصيات أخرى من كبار المسؤولين في الجيش والحكومة بما في ذلك اللواء عباس كامل مدير مكتب رئيس ما بعد الانقلاب عبد الفتاح السيسي.
وتكشف التسجيلات عن قلق داخل أوساط النظام العسكري من أن محاميْ الرئيس مرسي كانوا يثيرون جدلاً قانونياً حول مكان احتجازه، مما قد يؤدي إلى الإفراج عنه مباشرة ورفض جميع الإجراءات القانونية ضده. وكانت الشخصيات الأساسية التي تتحاور في التسجيل تخطط لتزوير الدليل بهدف دحض ادعاءات المحامين، حيث تكشف التسجيلات عن تفاخر كبار الضباط بأنهم خبراء في تزوير الأدلة، كما كانت الخطة المزعومة غاية في التعقيد وكانت تشمل إعادة تصميم الثكنة العسكرية بأسرها وإعادة كتابة السجلات حتى تبدو الثكنة كما لو كانت مركزاً قانونياً لاحتجاز المدنيين في الأصل.
وكلف مكتب المحاماة البريطاني “آي تي إن” بالنيابة عن حزب الحرية والعدالة خبراء مستقلين في التحليل الشرعي للأصوات تابعين لمؤسسة “جيه بي فرينش أسوشييتس” للتعرف على هوية أصوات المتحاورين في التسجيلات ولمعرفة ما إذا كان التسجيل نفسه حقيقياً أم لا، حيث من المعروف أن “جيه بي فرينش أسوشييتس” هو أكبر معمل صوتي شرعي في بريطانيا، ويتم تكليفه بشكل منتظم بتحري الدليل في أشهر وأكبر القضايا الجنائية نيابة عن الادعاء وكذلك نيابة عن الدفاع.
ويقود خبراء التحليل الصوتي رئيس مؤسسة “جيه بي فرينش أسوشييتس” بيتر فرينش، وهو واحد من أكبر خبراء التحليل الصوتي الشرعي في العالم وأستاذ علم التحليل الصوتي الشرعي في جامعة يورك، حيث تم الطُلب من البروفيسور بيتر فرينش تقديم ما يؤكد ما إذا كان المشارك المزعوم الرئيسي في التسجيلات هو فعلاً اللواء ممدوح شاهين، المستشار القانوني للمجلس الأعلى للقوات المسلحة أم لا، وهو ما انتهى الى تأكيده بعد أسابيع من الفحص.
وتوصل التقرير، الذي سيقدم كدليل في الإجراءات القانونية داخل مصر إلى أن المتحدث الرئيسي هو فعلاً اللواء ممدوح شاهين حيث نص التقرير على ما يلي:
“في سبيل الوصول إلى استنتاج، قمنا بتقدير احتمال إيجاد المواصفات في التسجيل موضع التساؤل لو كان ممدوح شاهين هو المتحدث موضع التساؤل مقابل احتمال إيجاد هذه المواصفات فيما لو كان المتحدث شخصاً آخر، وللقيام بهذه المهمة أخذنا بعين الاعتبار درجة التشابه بين المشار إليه والتسجيلات موضع التساؤل، كما أخذنا بعين الاعتبار خصوصية أو تميز المواصفات التي وجدناها في التسجيلات موضع التساؤل حيث أن لذلك تأثير في الإجابة على سؤال كم من المتحدثين من النوعية المشابهة لغة يمكن للمرء أن يتوقع اشتراكهم في نفس المواصفات.
وبناء على هذه التقديرات فإننا نرى أن الدليل يدعم بقوة الرأي الذي يذهب إلى أن المتحدث موضع التساؤل هو فعلاً السيد ممدوح شاهين”.
وبالإضافة إلى ذلك قام خبراء “جيه بي فرينش أسوشييتس” بتحليلات إضافية للتأكد من مدى صدقية وأصالة التسجيلات وعدم وجود تلاعب أو تزوير فيها، وخلص تقريرهم إلى ما يلي:
“لا توجد مؤشرات على أن المادة المنطوقة في التسجيلات قد تم تزويرها أو التلاعب بها من خلال قص أو إضافة أو حذف فقرات طويلة أو قصيرة من الحديث. من الصعب جداً خلق محادثة مقنعة بهذه الطريقة. إضافة إلى ذلك، مواصفات الكلام المنطوق تؤكد أنها محادثة طبيعية ومنسجمة تماماً مع ما يتوقعه المرء من تسجيل حقيقي وأصيل”.
وتعليقاً على ذلك قال المحامي المختص في قضايا حقوق الإنسان طيب علي: “لقد تم الآن إثبات صحة وصدقية هذه التسجيلات من خلال تحليل صوتي شرعي هو الأفضل الذي يمكن أن يحصل عليه المرء على مستوى العالم. وبذلك يكون الدليل حاسماً وقاطعاً بكل المقاييس وينبغي أن يكون كافيا لضمان إطلاق سراح الرئيس مرسي مباشرة. يكشف الدليل عن وجود مؤامرة لتعطيل مجرى العدالة في مصر، وبذلك تصبح جميع الأدلة التي قدمت إلى المحكمة غير موثوقة بل ويعتريها العوار. إذا ما أريد لهذه الإجراءات أن تنسجم مع المعايير المقبولة دولياً من حيث الإنصاف والنزاهة والدقة فإن من غير المعقول أن يسمح لها بالاستمرار يوماً واحداً”.
ويقول كبير المحامين رودني ديكسون، الذي يتابع الإجراءات القانونية الدولية نيابة عن الرئيس مرسي وحزب الحرية والعدالة: “يتوجب على السلطات المصرية أن تعيد النظر مباشرة في احتجاز الرئيس مرسي وكذلك احتجاز الآلاف من أنصاره الذين مايزالون رهن الاعتقال لأسباب سياسية ودون دليل صادق يدينهم. إن الاعتقال الجماعي لكل نشطاء المعارضة بعيداً عن الإجراءات القانونية السليمة والنزيهة إنما هو عدوان صارخ على العدالة وعلى سيادة القانون. ينبغي على الاتحاد الأوروبي والأمم المتحدة أن تتخذا إجراء سريعاً لوضع حد لهذه الانتهاكات الفظيعة للقانون الدولي”.
وقال مصدر قانوني في فريق الدفاع عن الرئيس محمد مرسي لــ”عربي21″ إن هذا الدليل الهام تم إرساله الى مجلس حقوق الانسان في جنيف، والى الاتحاد الأفريقي والشرطة البريطانية، مؤكداً أن “هذا الدليل له أهمية خاصة إذ أنه يثبت أسلوب السيطرة المباشرة للمجلس العسكري في مصر في إصدار أوامر مباشرة وتنفيذية، مما يشير الى مسؤوليتهم المباشرة عن التعذيب ويعرضهم للملاحقة القانونية.