ثمة مؤشرات تحدثت فيها وسائل الإعلام عن وجود فرص حقيقية للمصالحة بين الإخوان والقيادة السعودية في ظلال الملك الجديد سلمان بن عبد العزيز، وهو ما ينعكس إيجابيًا على حركة حماس التي تمثل الجماعة في فلسطين.
وزير الخارجية السعودي، سعود الفيصل، لخص مشكلة بلاده مع الإخوان المسلمين بقوله: “ليس لنا مشكلة مع الإخوان المسلمين، مشكلتنا مع فئة قليلة، هذه الفئة تقول إن في رقبتها بيعة للمرشد“، بحسب ما نقلته الصحفية سمر المقرن، في صحيفة الجزيرة السعودية.
ويرى مراقبون أن في هذا انعطافًا سعوديًا تجاه مراجعة المملكة لملف الإخوان المسلمين، في عهد الملك الجديد، فما يحدده الأمير سعود الفيصل لا يبرر بشكل كاف وضع الجماعة على قائمة الإرهاب السعودية.
حماس التي توترت علاقاتها مع السعودية، خاصة بعد فشل اتفاق مكة للمصالحة مع فتح برعاية الملك الراحل، تنظر بعين الأمل إلى العهد الجديد، مع اشتداد حلقات الحصار عليها سياسيًا واقتصاديًا في غزة.
ومعروف أن السعودية أحد أكبر الداعمين لسلطة الانقلاب في مصر، التي اتخذت إجراءات قاسية ضد غزة وشددت من حصارها بإغلاق معبر رفح وإقامة منطقة عازلة على طول الحدود مع غزة البالغة 14 كيلومترًا.
ومن هنا يبرز تطلع حماس إلى علاقات صحية مع السعودية التي لها ثقل سياسي واقتصادي في المنطقة، ولها تأثير بشكل خاص على النظام الحاكم في مصر الذي حظر نشاط الحركة مؤخرًا، وصنّف الجناح العسكري كتائب القسام ضمن قوائم الإرهاب.
حماس كانت سارعت إلى تعزية السعودية برحيل الملك عبد الله، وكان لافتًا اهتمام وكالة الأنباء السعودية الرسمية بذلك، في حين قدم رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل واجب العزاء في سفارة السعودية بقطر التي يقيم فيها.
نائب رئيس المكتب السياسي لحماس، إسماعيل هنية، لخص موقف الحركة بقوله إن حماس تتطلّع إلى علاقات مستقرّة وثابتة مع السعوديّة، الّتي تمثّل ثقلًا دينيًّا وعربيًّا واقتصاديًّا وإقليميًّا ودوليًّا للشعب الفلسطينيّ؛ لأنّ العلاقات بين الشعب الفلسطينيّ و”حماس” والسعوديّة طويلة وعميقة تاريخيًّا.
تفاؤل في حماس
ويشير الكاتب السياسي عدنان أبو عامر إلى أن الأجواء داخل حماس متفائلة بالملك الجديد سلمان، أملًا منها بأن يحدث تغييرًا في السياسة الإقليمية للسعودية، خاصة وأن قيادة حماس تمتلك علاقات جيدة مع ولي العهد الجديد الأمير مقرن، حين شغل منصب رئيس الاستخبارات السابق.
وكان ملاحظًا حضور حلفاء حماس في مجلس عزاء الملك السعودي (تركيا وقطر)، فيما تغيب خصومها الأشداء رغم زيارتهم اللاحقة (الإمارات ومصر)، لكن تغيبهم عن صلاة الجنازة، وتشييع جثمان الملك، له دلالة سلبية في الأعراف السائدة في التراث العربي، وفق الكاتب أبي عامر.
ونقل الكاتب في مقال له “توقعات أوساط حماس أن السعودية مرشحة لإحداث تغييرات بسياساتها؛ بسبب سيطرة الحوثيين على اليمن، والتغيرات المالية في سعر النفط، والحراك في منطقتها الشرقية“.
كما أن فشل المفاوضات حول القضية الفلسطينية، وانكشاف الموقف الأمريكي تجاه (إسرائيل)، وعدم استقرار بعض أنظمة المنطقة سيضطر الرياض لإيجاد تحالفات معينة”، ولن تكون جماعة الإخوان وحماس بمنأى عن هذه التحالفات.
ويرى الكاتب الفلسطيني أن دوائر صنع القرار في المملكة اعتبرت أن تفاؤل حماس بالعهد الجديد في الرياض قد يكون له ما يبرره، خاصة وأن الملك سلمان سيكون معنيًا بترميم الكثير من العلاقات التي أصابها بعض التوتر في المنطقة مع السعودية، ومن ضمنها حماس.
تقارب ليس سهلًا
وتدرك حماس أن تقاربها مع السعودية، وانتقالها من البرود والتباعد في علاقاتها إلى الدفء والتقارب معها ليس سهلًا؛ فالحركة تعلم أن الرياض ترتبط بعلاقات وثيقة مع واشنطن، وهناك تنسيق بينهما في شؤون المنطقة، وهي مصدر دعم رئيس للسلطة الفلسطينية التي تعيش خلافات كبيرة مع حماس.
ولاشك أن التقارب بين حماس وإيران، لا يريح السعودية بشكل خاص والخليج بشكل عام، خاصة في ظل التوسع الإيراني وأطماعها في المنطقة والتي لم تنته بدعم انقلاب الحوثيين في اليمن.
وبدا التقارب الأخير متعثرًا خاصة بعد هجوم مواقع إخبارية مقربة من حزب الله والحرس الثوري على مشعل، الذي تأخرت زيارة كانت مقررة له للقاء مسؤولين إيرانيين على رأسهم مرشد الثورة.
ويشير مراقبون في هذا الصدد إلى أن حماس مع العهد الجديد في السعودية واقتراب موعد توقيع الدول العظمى على معاهدة نووية مع إيران، تحاول إمساك العصا من طرفيها ومحاولة الحفاظ على علاقة جيدة مع الدولتين العظميتين المحليتين العدوتين.
ويؤكد الناطق باسم حماس، حسام بدران، من قطر على أن “حماس لا تنطلق في علاقاتها الإقليميّة بالاقتراب من طرف على حساب آخر، ولا تريد علاقة مع إيران على حساب السعوديّة، فالحركة بعيدة عن منطق المحاور مع أو ضدّ، ونحن نرحب بأيّ علاقة لخدمة مشروعنا السياسيّ الوطنيّ“.
وقال إن: “حماس تعتقد أنّ هناك مساحة كافية لتقاربها مع إيران والسعوديّة في الوقت نفسه؛ لأنّ القضيّة الفلسطينيّة كفيلة بأن تجمع الأطراف الإقليميّة حولها، مهما كانت خلافاتها في ملفّات أخرى في المنطقة، لأنّ حماس تأمّل بتوافر الرّغبة والإرادة من طهران والرياض وبقيّة العواصم لدعم شعبنا الفلسطينيّ“.
محمد الشريف – التقرير