أيّد عددٌ من السينمائيين قرار جهاز الرقابة المصري الأخير والذي يقضي بتفاصيله بعدم حذف أي من المشاهد الجنسية والتركيز فقط على منع الأفلام التي تدعو إلى الإلحاد، أما آخرون فعارضوه واعتبروه قراراً غير حكيم.
من ناحيتها وصفت الفنانة سميرة أحمد قرار إلغاء الرقابة على المصنفات الفنية بـ “كارثة جديدة وإرهاب من نوع مختلف يهدد المجتمع”، وقالت ساخرة في تصريحاتها لـ”العربي الجديد”: “إن الأفلام والمسلسلات تحتوي على مشاهد وألفاظ لا ينبغي أن يشاهدها أو يسمعها أي من أفراد الأسرة، هذا والرقابة موجودة، فماذا إذا غابت الرقابة؟ ماذا سيحدث حينها؟”. وتحدثت عن تحديد الفئة العمرية لمشاهدة الأفلام قائلةً “إن الممنوع مرغوب، فإذا وجد أي شاب يقلّ عمره عن الـ 18 عاماً فيلماً للكبار فقط أو يُمنع لمن هم دون الثامنة عشرة من مشاهدته، فإما سيدخل لمشاهدته في دور العرض ولن يسأله أحد عن بطاقته، أو سيشاهده بعد أن يُنشرعلى الإنترنت، فأين الحماية لأولادنا بهذه الحالة؟!”.
أمّا الفنانة اللبنانية مادلين طبر فأيّدت قرار إلغاء الرقابة قائلةً “إن الحرية في الإبداع في غاية الأهمية، وإن الشباب يشاهدون كل الأفلام على الإنترنت”، وأضافت أن “القيم لن يتم تدميرها لمجرد طرح موضوع جريء، فعلينا أن ندعم الحرية”. وأوضحت “أن الجمهور المصري سيرفض الرخص، فكم من أفلام “حرّاقة” فشلت؟”. وأيّدت مادلين القرار مؤكدةً أن الحرية ستُعيد لنا الأفلام السياسية وستطرح وجهات نظر بقيت مكتومة لـما يقارب الـ35 عاماً.
الممثلة المصرية رانيا يوسف أيّدت القرار أيضاً قائلةً “لطالما حدثت صدامات عديدة بين المبدع والرقيب بسبب تدخل الرقابة بشكل أكثر من اللازم في ما يريد المبدع رصده على الشاشة”، مؤكدةً أن “القرار لن يُبشر بموجة جنس وعُري كما يُخيّل للبعض لأن الخروج عن المألوف لا يجدي في المجتمع العربي، فالحرية مسؤولية ورقيب الفنان هو ضميره”.
من ناحيته قال المخرج المصري عمر زهران “إن قرار إلغاء الرقابة يُعدّ قراراً عشوائياً، فقد سبق أن اختبرنا الديمقراطية لكن للأسف الشديد عندما تتوافق الحرية مع الجهل يضيع الوطن”. وأكّد أن القرار “فرصة كبيرة لزيادة عدد المتطرفين”.
أمّا الفنان سامي العدل فأيّد القرار موضحاً أنه “قرارٌ صائب مليون في المائة وكان يجب تفعيله منذ سنوات تحاشياً للصراع الدائر الذي امتد لسنوات بين الرقابة والقائمين على الأعمال السينمائية، فلا بد أن نبدأ عهداً سينمائياً جديداً بمزيد من الحرية وأن نكون رقباء على أنفسنا فيكون المبدع نفسه رقيباً على ذاته ويسير وفقاً لما يُمليه عليه ضميره”. وأضاف العدل قائلاً: “إن إلغاء الرقابة لا يعني أننا سنرى أفلاماً إباحية، لا.. فللحرية أيضا حدود”، سائلاً: “من سيسمح بوجود مشاهد جنسية صريحة ومَن مِن الممثلات أو الممثلين المصريين سيرضى بتقديم هذه المشاهد التي هي مرفوضة أخلاقياً قبل أن تكون مرفوضة رقابياً”.
وأعربت الفنانة إلهام شاهين عن سعادتها بقرار إلغاء الرقابة على الأفلام قائلةً: “إنه قرار صائب، والسير بعد ذلك على نهج التصنيف العمري يضعنا في مصاف دول العالم المتقدمة التي تطبق هذا القانون منذ سنوات طويلة، وهذا القرار وإن جاء متأخراً لكن الحمد لله أنه جاء، فعلى أي مبدع أن يضع نفسه رقيباً على ما يقدمّه ليرضي نفسه ويرضي جمهوره بما لا يخرج عن العادات والتقاليد التي تربينا عليها”.
الفنان الكبير يوسف شعبان رفض القرار، مشيراً إلى “أن الأزمة ليست فقط في إلغاء الرقابة على الأفلام ولكن الأزمة في مدى استيعاب المبدعين لهذا القرار، فمن المفترض أن يصبّ القرار في صالحهم وبالتالي يفعلون بدورهم ما هو لصالح الجمهور ولا يخدشون حياءه. ولكن وللأسف قد لا يفهم هذا القرار كثيرون وقد يعتبرونه بمثابة إتاحة لمناخ العري والألفاظ الخادشة التي نراها ونسمعها في الأفلام، وهو بكل تأكيد خطر كبير يهددنا، فشيء عظيم أن يكون المبدع رقيباً على نفسه ويقوم بطرح الفيلم على ضميره وعقله، قبل أن يُتيح للجمهور مشاهدته”.
أمّا الناقد السينمائي نادرعدلي فقال “إن القرار لن يتم العمل به بالشكل الذي يتخيله البعض، لأن الفيلم يعرض أولاً كسيناريو على الرقابة وإن كان هناك مشهد مخل فسيطالب الرقيب بحذفه، وهذا أمر مفروغ منه فقانون الرقابة مطاط ولطالما طالبنا بتعديله وهو أمرٌ لم يحدث”. وأضاف قائلاً: “أيدي الرقابة لن تُرفع عن هذه الأفلام لأن لديها مفاتيح عديدة تعاقب بها المبدع”. وبحسب عدلي، الغريب في موضوع الرقابة أنّ لا أفلام جنسية صريحة في مصر، فالمنتج المصري يخشى إنفاق الملايين على فيلم به أيّ مشاهد جريئة وتتخطى المسموح به لأن مصيره سيكون عدم العرض. وعن تحديد الفئة العمرية لمشاهدة الأفلام، قال نادر إنه موضوع قديمٌ جديد طُرح في مصر من قبل لتكون كالدول الأُخرى من ناحية التصنيف. وأنهى عدلي كلامه موضحاً “أنّ التغيير لن يكون ملحوظاً أو جديداً وأنّ تصريحات الرقيب عبد الستار فتحي بإلغاء الرقابة ما هي إلا سير بمبدأ أنا لا أكذب ولكنني أتجمّل”.
وقد نُسبت تصريحات للناقدة المصرية ماجدة خير الله تقول “إذا تم تطبيق هذا القرار فهذا أمر جيد، وسنكون وصلنا إلى ما وصل إليه العالم من سنين، وهو أن من حق المبدع أن يقدم أفلامه بالشكل الذي يرتئيه، ومن حق المواطن أيضاً أن يدخل الفيلم أو لا يدخله حسب سنه وعقليته”. وأكدت بحسب التصريح المنسوب إليها “أن لا أحد يجرؤ في مصر على تقديم أفلام بورنو صريحة، وحتى هذه الأفلام في العالم لم تعد موجودة”. وعن جزئية تدخل الرقابة فقط في الفيلم إذا كان يدعو إلى الإلحاد، قالت بحسب التصريح: “إن الرقابة لا تستطيع تحديد وتصنيف ماهية الأفكار التي تدعو للإلحاد”، مشيرةً إلى أن عدداً كبيراً من الأفلام المُرشحة للأوسكار كان أبطالها يقومون بأداء أدوار شخصيات ملحدة لا تؤمن بوجود الله، ففكرة وجود ملحد لا يؤمن بوجود الله لا تعتبر دعوة للإلحاد. وختمت قائلةً: “لو طبقنا هذا يبقى إحنا بنهزر”.
القاهرة ــ مروة عبد الفضيل
عن “العربي الجديد”