انعكست آثار الحرب الإسرائيلية الأخيرة على قطاع غزة على مجمل قطاعات الحياة في القطاع المنهك بالفقر والحصار، ولعل أخطرها عزوف عدد كبير من الشباب الفلسطيني في قطاع غزة عن الزواج بسبب الحصار التواصل، والبطالة، والتأخر في عملية إعمار ما دمرته آلة الحرب الإسرائيلية، والتي تسببت في دمار كلي وجزئي حسب الأمم المتحدة بنحو 96 ألف منزل، وفي مقابل ذلك ارتفعت نسبة الطلاق مقارنة بالأعوام السابقة للأسباب نفسها.
صحيفة “مصر العربية” سلطت الضوء على هذه القضية الخطيرة وانعكاساتها السلبية على الغزيين، وقال رئيس المجلس الأعلى للقضاء الشرعي الدكتور حسن الجوجو لـ”مصر العربية”، إن سبب عزوف الشباب عن الزواج هو الحصار والحرب وبطء الإعمار في غزة، والإحصائيات في عام 2014 عن نسبة الزواج أشارت إلى أدنى معدلات الانخفاض مقارنة بالأعوام السابقة.
وأكد الجوجو وفقًا لإحصائيات للمحاكم الشرعية، أن نسبة الزواج انخفضت مقارنة بالأعوام السابقة قابلها ارتفاع في نسبة الطلاق.
وتابع: “سبب زيادة الطلاق وانخفاض الزواج في غزة لعدم وجود مسكن مستقل للزوجة بعيدًا عن العائلة نتيجة تدمير آلاف المساكن وعدم دخول مواد البناء منذ عدة سنوات لغزة وارتفاع أسعار شقق الإيجار إلى 300 دولار شهريًا، وهو مبلغ كبير بالنسبة للشباب الغزي الذي لا تتوفر له فرص عمل”.
وأضاف: “عام 2014 شهد كارثة في المحاكم الشرعية، حيثُ انخفاض الزواج وارتفعت نسبة الطلاق، وهذا يهدد بانهيار عام للنسيج الاجتماعي، وانعدام الأمن الاجتماعي، وبالتالي تأثيراته على البنية الاجتماعية بشكل عام “.
وأشار الجوجو إلى أن نسبة الزواج وفق إحصائيات المحاكم انخفضت بواقع 1500 عقد زواج مقارنة بالعام السابق مقابل ارتفاع حالات الطلاق بواقع 1%.
وحذر الجوجو من أن تزيد نسبة الطلاق لـ20% مقابل عزوف شبه تام من الشباب على الزواج خلال الفترة القادمة، لأن الأوضاع في غزة سيئة للغاية.
من جانبه، يقول الشاب محمد إبراهيم 30 عامًا، إنه على الرغم من تقدمه في العمر لم يتزوج حتى الآن، “بسبب ارتفاع تكاليف الزواج من مهر وسكن غير متوفر وعدم توفر المال لدي، لأنني عاطل عن العمل، الشباب الذين هم في مثل هذا العمر يجب أن يكونوا متزوجين فاتحين بيت وعندهم أطفال، لكن إحنا ظروفنا في غزة صعبة أنا خايف أوصل عمري لـ40 سنة دون زواج “.
وتابع: “لا أعرف إلى متى سأبقى عزابي، وعلى فكرة كثير شباب في غزة يعانون من نفس المشكلة وهي عدم القدرة على الزواج”.
في حين يقول شاب آخر: “إحنا الشباب في غزة محبطون لا أمل لنا في المستقبل، لا عمل، لا زواج، لا بيت، والمشكلة إنه ما فيش سكن ولا بناء في غزة، لأن الأسمنت ممنوع يدخل بسبب الحصار الإسرائيلي، والذي فاقم الوضع أكثر الحرب الأخيرة التي شردت عشرات آلاف العائلات في غزة”.
أما الشاب حسن حمد، فيؤكد أن “سن الزواج والعنوسة ارتفعت بشكل مخيف في غزة خلال الشهور الماضية بسبب العدوان الأخير الذي تسبب في تدمير بيوت وأحلام كثيرة للشباب، يضاف إليها أن معظم الشباب في غزة دون عمل، فالشاب يفكر ألف مرة كيف سيكون أسرة دون دخل، لذلك لا يقدم على الزواج، وهذا كمان انعكس بالسلب على الفتيات فيما يتعلق بالزواج حيث ارتفعت نسبة العنوسة “.
في السياق تقول وزارة الإسكان في غزة إن قطاع غزة يحتاج أكثر من 250 ألف وحدة سكنية بعد العدوان الأخير على قطاع غزة، وأن عملية إعادة إعمار قطاع غزة تسير بشكل بطيء، وأنها بحاجة إلى جهد أكبر، وأن آلاف الأسر تنتظر عملية إعادة الإعمار لإيجاد المأوى لها.
كما أن معدلات الفقر والبطالة التي طالت فئة الشباب بغزة ساعدتهم على قرار العزوف عن الزواج، حيث سجلت معدلات البطالة في القطاع ارتفاعا ملحوظا منذ بداية العام الماضي، حيث تجاوزت الـ70% في صفوف الشباب بواقع أكثر من 300 ألف شخص عاطل عن العمل، وفقد أكثر من 700 ألف مواطن دخلهم اليومي في حين بلغت نسبة الفقر 65%.