أثارت التسجيلات المسربة الجديدة التي أذاعتها قناة “بانوراما ليبيا” مساء اليوم الخميس 19 فبراير 2015، والتي ذكر فيها مدير مكتب قائد الانقلاب العسكري في مصر بعض حكام الإمارات، والقيادي الفتحاوي الهارب محمد دحلان الذي يعمل مستشارا لولي عهد أبو ظبي، أثارت تساؤلات قوية وجدلا واسعا حول علاقة الإمارات بمحاولات الانقلاب الفاشلة والمتكررة في ليبيا على المؤتمر الوطني والثورة والحكومة الليبية.
وكان قائد الانقلاب العسكري في مصر عبد الفتاح السيسي قد تحفظ في التسريب المذاع اليوم على ظهور دحلان في مصر وقتها، وهو ما رد عليه مدير مكتبه بأن دحلان يعمل مستشارا في الإمارات وأن غضب أبو مازن كان سببه أن القائد العام طلب منه أن تكون فتح على قلب رجل واحد، في إشارة إلى ضرورة تحسين علاقته مع دحلان وليس مع “حماس”.
وتساءل مراقبون عن الرابط بين الإمارات ، والسيسي ، ودحلان ، وقذاف الدم ، وعلي زيدان ، ودورهم في دعم تلك المظاهرات التي خرجت مرارا وتكرارا للاحتجاج على المؤتمر الوطن الليبي، وهي المظاهرات التي لم تنجح في التأثير على المؤتمر الوطني.
ويحاول موقع “شؤون خليجية” في هذا التقرير الوقوف على تفاصيل الموقف الإماراتي من الحكومة الليبية المنتخبة عقب ثورة 17 فبراير والتي أطاحت بالقذافي، والخطوات التدريجية التي قامت بها الإمارات بهدف القضاء على الثورة الليبية والثوار الليبيين وخاصة الإسلاميين منهم.
أولا- الإمارات تعد خطة لسحق الإسلاميين في ليبيا:
وكان موقع “العربي الجديد” قد نشر تقريرا بتاريخ 27 أغسطس 2014، تحت عنوان “في ليبيا ومصر والإمارات.. ودحلان رابعهم” ذكر التقرير أن معلومات قد سُرّبت نهاية العام الماضي، عن مساهمة الإمارات في تمويل تظاهرات “جمعة إنقاذ بنغازي” التي جرت في سبتمبر 2012 ضد كتائب الثوار، عن طريق رجل الأعمال الليبي، صاحب قناة “ليبيا أولاً”، حسونة طاطانكي، والتي انتهت بتفكيك كتائب الثوار التي كانت تحفظ أمن بنغازي، وظهور موجة من الاغتيالات طالت عسكريين ومدنيين وإعلاميين عُرف عنهم انتماؤهم إلى ثورة فبراير 2011.
وبحسب المعلومات فإن الإمارات لعبت دورا قذرا في هدم وتفكيك الثورة الليبية، بهدف إقصاء الإسلاميين وإعادة تمكين رموز نظام القذافي للحكم في ليبيا مرة أخرى.
ثانيا- “أبو ظبي” تشكل خليه لمتابعة ليبيا بقيادة دحلان:
وأفادت المعلومات أن ولي عهد أبو ظبي، محمد بن زايد آل نهيان، شكّل غرفة عمليات خاصة في ليبيا يترأسها القيادي المفصول من حركة “فتح”، محمد دحلان يساعده فيها محمد إسماعيل، أحد أبرز المستشارين الأمنيين لسيف الإسلام القذافي، وذلك لتولي إدارة الدور الإماراتي في ليبيا.
واحتضنت الإمارات رئيس حزب تحالف القوى الوطنية، محمود جبريل، طوال تأسيسه الحزب، وحتى بعدما فشل في الوصول أو الحصول على مناصب حساسة في الدولة، كتولّيه حقيبة رئاسة الوزراء، أو تولّي المقربين منه ملفات الاستخبارات ومصرف ليبيا المركزي وديوان المحاسبة، وقيادة الأجهزة الأمنية ذات الطابع الاستخباراتي.
واستطاعت الإمارات عن طريق حزب الليبي محمود جبريل وغيره من حلفائها الليبيين، استجلاب الذين عُرفت عنهم مواقف إقصائية ضد تيار الإسلام السياسي، كسفير ليبيا في الإمارات، عارف النايض، والملحق العسكري في السفارة الليبية سالم جحا.
ثالثا- بعد فشل جبريل.. الإمارات اتجهت لدعم حفتر:
وتؤكد تقارير صحفية أن الدور المصري جاء في ليبيا متأخراً عن الإماراتي، تحديداً بعد انقلاب عام 2013، وتشكيل حلف ساهم بشكل كبير في تمويل حركتي اللواء المتقاعد، خليفة حفتر، اللتين وصفتا بالانقلابيتين.
وتشير التقارير إلى أنه بعد فشل اللواء خليفة حفتر في إنجاز أي تقدم عسكري في مواجهة الحركات المسلحة الإسلامية منذ أكثر من سبعة أشهر وضعت النظام المصري والإماراتي في مأزق كبير، حيث فشل دعمهما في تغيير الموقف على الأرض لصالح اللواء خليفة حفتر وبرلمان طبرق الحليف له، وهو ما أجبر القوى المتصارعة في ليبيا على القبول بالحوار مع الإسلاميين برعاية أممية.
رابعا- طائرات إماراتية تضرب مواقع للثوار في ليبيا:
وفي أغسطس 2014 ذكرت صحيفة “نيويورك تايمز” الأمريكية أن الغارة الجوية التي ضربت مناطق في محيط عاصمة ليبيا طرابلس في الشهر ذاته واستهدفت تجمعات المجموعات الإسلامية المسلحة في ليبيا نفذت بموجب اتفاق سري بين مصر والإمارات.
وأشارت الصحيفة إلى أنه بحسب أربعة مسئولين دبلوماسيين أمريكيين فأن شهر أغسطس شهد غارتين من جانب طائرات وصفت حينها ب”مجهولة الهوية” اتضح انه تقف خلفهم القاهرة وأبو ظبي في اطار تصعيدي بين مؤيدي ومعارضي الإسلام السياسي.
وبحسب الصحيفة فإن المسئولين الأمريكيين أكدوا على أن الولايات المتحدة فوجئت على حين غرة بما فعلته مصر والإمارات، الحليفتين المقربتين والشركاء العسكريين لواشنطن، حيث تمت هذه الغارات دون إبلاغ واشنطن أو طلب موافقتها. وهو ما يعني تهميش إدارة أوباما، بالتوازي مع نفي المصريين القاطع لهذه العملية.
خامسا- الإمارات توكل السيسي للحرب في ليبيا:
فيما يؤكد مراقبون أن النظام المصري الانقلابي كان بحاجة إلى ذريعة ليتدخل بشكل علني ومباشر في ليبيا، وأن ما أعلنته داعش من ذبح المصريين النصارى في ليبيا كان طوق النجاة الذي تعلق به النظام الانقلابي للتدخل في جارته التي يعاني من فوضى السلاح فيها فضلا عن رغبته في مواجهة إسلامييها.
وأوضح المراقبون أن التصعيد المصري الأخير تقف وراءه الإمارات بشكل قوي، خاصة بعد الأنباء عن قيامها بدعم صفقة طائرات الرافال الفرنسية إلى مصر، بهدف تعزيز القدرات العسكرية للجيش المصري من جهة وضمان تأييد فرنسا السياسي للتدخل المصري في ليبيا.
وبحسب مراقبين وسياسيين وثوار ليبيين فإن عبد الفتاح السيسي يقود حربًا بالوكالة عن الإمارات ودول وأوروبية كفرنسا وغيرها ضد ليبيا، لعدة أهداف؛ أهمها “إضعاف شوكة الإسلاميين في ليبيا والذين باتوا يسيطرون على الأوضاع في ليبيا بشكل تام مع اقتراب الذكرى الرابعة لثورة ليبيا، خاصةً في ظل فشل العمليات العسكرية التي يقودها اللواء المتقاعد خليفة حفتر المدعوم من قوى خليجية ودولية في تحقيق أهداف على مدار عام ونصف”.
سادسا- الإمارات تشتري طائرات فرنسية للسيسي:
وأكدت تقارير صحفية عربية أن الشيخ محمد بن زايد آل نهيان ولي عهد الإمارات لعب كذلك دورًا مهمًّا في إقناع الفرنسيين بإتمام الصفقة خلال زيارة رسمية قام بها لفرنسا، تمهيدًا لاستخدام محتمل لتلك المقاتلات في عمل عسكري في ليبيا وسوريا والعراق ضد تنظيم الدولة الإسلامية.
وأشارت التقارير والمصادر الصحفية إلى أنه بفضل الوساطة الإماراتية، فمن المقرر أن تغطي مصر 15% من قيمة الصفقة عبر قرض من بنوك فرنسية تضمنه الحكومة الفرنسية.
شؤون خليجية