أنكر الإعلامي المصري إبراهيم عيسى حجية الأحاديث الصحيحة في البخاري ومسلم وما جاء فيها عن النبي صلى الله عليه وسلم.
وكتب عيسى مقالاً في جريدة “المقال” اليومية الصادرة الجمعة، (التي يرأس تحريرها)، تحت عنوان: “محمد القرآن غير محمد السنة”.
وتساءل عيسى في مقاله: “هل نترك قرآناً يقول: (وما أرسلناك إلا رحمة للعالمين)، ونصدق سننهم التي تقول: (جعل الله رزقي تحت ظل رمحي)؟”.
وتابع تساؤلاته: “كيف لعاقل أن يقتنع أن الرسول كان يطوف على زوجاته جميعاً كل ليلة، وهو يقوم ثلثي الليل، ونصفه، وثلثه؟”.
وأضاف: “الدهشة من حقنا عندما نرى من يصطنع قداسة لأحاديث مزوّرة منسوبة إلى سيدنا المصطفى صلى الله عليه وسلم، متحجاً بأنها وردت في كتب الصحيح، بينما صحيحه هو صحيح السند والرواة، وليس صحيح القرآن، فيقدم صورة مغالطة تماماً، ومناقضة كلية للنبي صلى الله عليه وآله وسلم، عن تلك الصورة التي يقدمها القرآن الكريم”، على حد قوله.
وتابع عيسى: “من المؤكد أن كتب الحديث ومروياته تقدم لنا النبي في مواضع ومواقع كثيرة هو نفسه نبي القرآن، لكن ماذا نفعل مع أحاديث في ذات الكتب، تحوّل صورة النبي إلى أبعد ما يكون عن حقيقته.. هل ساعتها نحن مطالبون بأن نصدق هذه الأحاديث حتى لو تناقضت تماماً مع صفات نبينا القرآنية؟”.
وهاجم من لا يسمحون بمهاجمة الحديث النبوي ووصفهم بـ”المدلسين بالالتفاف والدوران والمراوغة وليّ عنق الحقيقة، حتى لا يسمحوا لأنفسهم بالطعن في صحة الحديث، حتى لو كان رواته ممن يقدسون سلسلتهم، أو لأنه جاء في البخاري، ومسلم”، وفق قوله.
واستطرد عيسى: “يدعو نبينا المصطفى الناس بالرحمة وللرحمة.. (فذكر إنما أنت مذكر لست عليهم بمسيطر).. (أفأنت تكره الناس حتى يكونوا مؤمنين)..(لا إكراه في الدين قد تبين الرشد من الغي).. (ليس لك من الأمر شيء أو يتوب عليهم أو يعذبهم فإنهم ظالمون).. (فمن شاء فليؤمن ومن شاء فليكفر)”.
بينما “محمد في سننهم، لا سنته”، يقول: “أمرت أن أقاتل الناس حتى يشهدوا أن لا إله إلا الله”. ويقول: “جعل الله رزقي تحت ظل رمحي”.. ويأمر “من بدل دينه فاقتلوه”.
وتابع عيسى: “يخبرنا القرآن الكريم عن نبي الرحمة فيقول تعالى: (إن ربك يعلم أنك تقوم أدنى من ثلثي الليل ونصفه وثلثه وطائفة من الذين معك).. أما ما نقرؤه في كتبهم التي يصبغونها بالقداسة أن هذا القانت الذي يقوم الليل تعبداً وصلاة، إنما يطوف على زوجاته جميعهن في كل ليلة بغسل واحد.. حيث أعطاه الله قوة أربعين رجلاً”.
وتساءل عيسى: “أهذا ما يقبله عقل أو قلب مؤمن بالله ونبيه؟ أنصدق كتاب الله أن النبي متعبد قائم بالليل (ثلثي الليل ونصفه وثلثه) أم نقبل بأنه متفرغ ليله للنساء؟”.
وتابع: “محمد صلى الله عليه وسلم يعامل أهل الكتاب بمنتهى الرقة والسماحة والحب والود والاحترام.. (ولا تجادلوا أهل الكتاب إلا بالتي هي أحسن).. (قل يا أهل الكتاب تعالوا إلى كلمة سواء بيننا وبينكم).. (ادع إلى سبيل ربك بالحكمة والموعظة الحسنة)، بينما محمد في كتبهم، التي يقال عنها صحيحة، ينهى عن إلقاء السلام على أهل الكتاب، وأن ندفعهم في السير إلى أضيق الطريق”،على حد قوله.
واستطرد: “يخبرنا قرآننا عن نبينا: (فبما رحمة من الله لنت لهم ولو كنت فظاً غليظ القلب لانفضوا من حولك).. بينما تقول لهم كتبهم إنه يهدد الناس ويروعهم (لقد جئتكم بالذبح)”.
مراقبون: إبراهيم تشيّع
وتعليقاً على المقال، قال مراقبون إن الإعلامي المصري (الكثير الطعن في الصحابة، وإنكار فضلهم)، قد تشيّع، أو أنه متأثر بالشيعة في نظرتهم لصحابة الرسول صلى الله عليه وسلم، وصحيحي البخاري، ومسلم.
وأبدوا اندهاشهم من جرأة عيسى على إنكار ما هو معلوم من الدين بالضرورة، دون أن يعترض عليه أحد سواء من علماء الأزهر، أو من أتباع “الدعوة السلفية” أو “حزب النور”، الذين يعتبرون أنفسهم “حراساً على العقيدة”.
وربط مراقبون بين جرأة عيسى فيما كتبه، ودعوة عبد الفتاح السيسسي إلى “ثورة دينية للتخلص من أفكار ونصوص تم تقديسها على مدى قرون، وباتت مصدر قلق للعالم كله”.
وكان السيسي قال في كلمة له بمناسبة ذكرى المولد النبوي في أوائل كانون الثاني/ يناير الماضي، إنه “ليس معقولاً أن يكون الفكر الذي نقدسه على مئات السنين، يدفع الأمة بكاملها للقلق والخطر والقتل والتدمير في الدنيا كلها”.
وأضاف أن هذا الفكر “يعني أن 1.6 مليار (مسلم) حيقتلوا الدنيا كلها التي يعيش فيها سبعة مليارات عشان يعيشوا هم”.
وذكر أن الخروج من هذا الفكر يقتضي ثورة دينية وتدقيقاً، والاطلاع عليه من الخارج لأنه “لا يمكن أن يكون داخلك وتحس به”.
ومن جهتهم، قال علماء إن “كلام السيسي غاية في الخطورة، وقلب للحقائق، وانقلاب على الدين حتى وإن طالب قائله بثورة دينية”.
وأضافوا أنه لا يُقبل من حاكم أو محكوم مثل هذا الخلط والتعميم.
و”داليا سامي” -التي استشهد ببحثها إبراهيم عيسى- باحثة مصرية مغمورة نشر لها موقع “أهل القرآن” 12 مقالة، منها مقالة بعنوان: ” محمد السني ومحمد القرآني بأيهما تؤمن؟ بتاريخ الأربعاء 21 تشرين الثاني/ نوفمبر 2007، واستلهم منها عيسى مقالته، وإن كانت مهاجمة صحيح البخاري، وإنكار حجيته، ليس أمراً جديداً عليه، فكثيراً ما فعل ذلك في مقالاته خلال السنوات الأخيرة.