لا شيء يستطيع تسليط الضوء بشكل صارخ على التحول الذي يجري في العراق أكثر من لوحة تصور الزعيم الإيراني، آية الله روح الله الخميني، وضعت مؤخرًا في ساحة الفردوس في بغداد. هذه الصورة تحجب اليوم رؤية أطلال المكان الذي وقف فيه تمثال صدام حسين الضخم ذات مرة قبل أن تدخل قوات مشاة البحرية الأمريكية إلى العاصمة العراقية في عام 2003.
وكان تحطيم تمثال صدام هذا عام 2003 لحظة رمزية عميقة، أشارت إلى إتمام الانتصار السريع للقوات الأمريكية على جيش الرئيس العراقي المتداعي. ولكن تلك اللحظة أشارت أيضًا إلى بداية انجراف العراق في فلك النفوذ الإيراني، وهو اتجاه تسارعت وتيرته بشكل كبير منذ توغل الدولة الإسلامية في شمال العراق الصيف الماضي.
ولوحة الإعلانات هذه هي واحدة فقط من العديد من اللوحات المشابهة المعلقة في شوارع بغداد، والتي تروج للميليشيات الشيعية المتعددة التي ظهرت لمحاربة الدولة الإسلامية، ويحظى كثير منها بدعم من إيران.
وتعلن هذه اللوحة عن كتائب القيام الحسيني، وهي مجموعة تشكلت حديثًا، ويقول العراقيون إنه تم إنشاؤها مباشرةً من قبل إيران. ويظهر في الصورة أيضًا خليفة الخميني والزعيم الأعلى الحالي في إيران، آية الله علي خامنئي. وأما الفندق الظاهر في الخلفية، فهو فندق فلسطين، الذي أقام فيه العديد من الصحفيين الذين غطوا الغزو الأمريكي للعراق في 2003، والذي وضعت فيه قوات مشاة البحرية الأمريكية واحدًا من أوائل مكاتبها بعد الغزو.
ويعد الكثير من التنافس السني الشيعي الذي يمزق العراق اليوم متجذرًا في العداء بين صدام حسين والخميني، مهندس الثورة الإيرانية.
في الثمانينيات، وفي ظل نظام حسين الذي هيمن عليه السنة؛ شن العراق حربًا استمرت ثماني سنوات ضد إيران الشيعية، وقتل في تلك الحرب أكثر من مليون إيراني وعراقي. وقد حصل العراق حينها على تأييد الدول السنية في الخليج، وكذلك الولايات المتحدة، التي رأت في عراق صدام حسين حصنًا ضد الطموحات التوسعية لجمهورية الخميني الشيعية الجديدة.
وأما اليوم، وبعد 35 عامًا من إطلاق العراق لتلك الحرب، فقد مات كل من الرجلين؛ حيث توفى الخميني عام 1989، وأعدم حسين في عام 2006، ولكن صورة الخميني هي التي تقف الآن في قلب العاصمة العراقية.
واشنطن بوست – التقرير