صور صادمة لواقع الإجهاض المعقد في المغرب نقلته إحدى القنوات الفرنسية من خلال تحقيق بث أخيرا ضمن برنامجها “مبعوث خاص”.
اشتعل الجدل صبيحة اليوم التالي لبث التحقيق، حيث أصدرت وزارة الصحة المغربية قرارا بإقالة الدكتور شفيق الشرايبي الذي شارك في البرنامج من منصبه كرئيس لمصلحة النساء والتوليد بمستشفى حكومي للولادة في العاصمة الرباط.
يتزعم الشرايبي تيارا مدنيا يدعو إلى محاربة الإجهاض السري. فالبلد لا يزال يدرج الظاهرة ضمن المحظورات رغم الأرقام المفجعة لضحاياها من النساء.
الدكتور شفيق الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الاجهاض السريالدكتور شفيق الشرايبي رئيس الجمعية المغربية لمحاربة الاجهاض السري
اهتزت مواقع التواصل الاجتماعي لإعفاء الشرايبي تحت مبرر “المساهمة في تشويه سمعة المملكة”، وقاد نشطاء على فيسبوك وتويتر حملة تضامنية مع المعني بالأمر ومؤيدة لمضامين التحقيق التلفزيوني.
المحرم القاتل
حسب الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري التي يرأسها الدكتور الشرايبي، تجري يوميا في المغرب بين 600 إلى 800 عملية إجهاض، وكشفت أيضا أن هذه العمليات تتم بسرية وخارج إطار القانون.
وأظهرت دراسة أخرى أنجزتها الجمعية المغربية لتنظيم الأسرة أن معدلات الإجهاض في تنام مستمر، إذ بلغ 1400 حالة يوميا،
وتجدر الإشارة إلى أن القانون المغربي يعاقب بسنتين سجنا في حق كل من أقدم على الاجهاض باستثناء ما يعرف “بالإجهاض التلقائي” الذي يتم اللجوء إليه في حالات الضرورة القصوى مثل إنقاذ حياة الأم.
وتقول الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري، إن دفاعها المستميت عن تشريع الظاهرة ووضع إطار قانوني لها، جاء لإنقاذ أرواح آلاف النساء المغربيات ممن يلجأن تحت ضغط العائلة والمجتمع إلى الإجهاض.
وتلجأ هؤلاء النساء إلى طريقتين للإجهاض كلاهما تشكل خطر على حياتهن، بعضهن ممن ليست لهن سعة من المال يجهضن أنفسن بوسائل تقليدية (القابلات، أعشاب طبية). أما بالنسبة للحوامل الميسورات، فيتجهن إلى عيادات سرية تفتقر إلى شروط السلامة.
وكانت الجمعية المغربية لمكافحة الإجهاض السري كشفت عن توفرها على “لوائح لأطباء معروفين بالإجهاض السري، وضمنهم أسماء ومعروفة في عالم الطب” اختارت التخندق في صف “تجار الاجهاض”.
رفض لتشريع الظاهرة
يزيد من جدلية موضوع الاجهاض في المملكة، اختلاف زوايا النظر إلى الظاهرة، فبينما تواصل منظمات محلية غير حكومية ضغوطها على السلطات لوضع إطار قانوني للإجهاض، تقف منظمات أخرى تسندها أصوات محافظة آتية أساسا من داخل المؤسسة الدينية في وجه التقنين.
ويرى المعارضون أن عدم التقنين للإجهاض يأتيلعدة اعتبارات من بينها عدم موافقته للقوانين الدوليةوللإعلان العالمي لحقوق الإنسان الذي يركز على الحماية الخاصة قبل الولادة للجنين، وميثاق 1979 الخاص بالقضاء على جميع أشكال التمييز ضد المرأة.
ويضيف أصحاب هذا التيار أن تشريع الاجهاض يخالف مواد دستور البلاد وأيضا يخدش كثيرا حقوق المرأة.
ماذا بعد؟
لقد جاء تحقيق القناة الفرنسية ليعضد تقارير لمنظمات ووسائل إعلام محلية طالما رسمت “واقعا مظلما عن ظروف الإجهاض في المغرب”، وكثيرا ما أكدت هذه التقارير على أن “ما يحدث داخل بعض العيادات أصبح مخيفا” كاشفة عن “عمليات تجري في جنح الظلام بشكل ي بعيدا عن أعين السلطات”.