أثارت حادثة مقتل أفراد عائلة مسلمة، في ضاحية شابيل هيل بولاية كارولينا في الولايات المتحدة الثلاثاء الماضي، على يد أمريكي أبيض، جدلا واسعا بعد التكتم المتعمد الذي انتهجته وسائل الإعلام الأمريكية في تغطية الحادثة، لتتعالى بعدها الأصوات داخل الولايات المتحدة بعد ذلك التجاهل بضرورة “إظهار الاهتمام نفسه بجميع ضحايا العنف، بغض النظر عن دينهم أو عرقهم”.
هذا التجاهل دفع صحيفة /إندبندنت/ البريطانية، في عددها الصادر الأربعاء (11|2)، إلى التعليق على الحادثة بالقول إن “عدم وجود تغطية للحادث يثبت أن تجريد الغرب للمسلمين من صفاتهم الإنسانية قد اكتمل تقريبا”، مشيرة إلى أن الأمر لا يحتاج لأن يكون الشخص مسلما حتى يشعر بمأساة هؤلاء الضحايا الذين قتلوا بدم بارد بل كل ما هو مطلوب أن تكون إنسانا”.
الرهان على الإعلام الجديد
إلا أن اللافت، كان تجاوز النشطاء والمتضامنين لتلك القنوات والوكالات، سريعا، وحال ورود الأنباء الأولية عن حادثة القتل، ليتم تناقلها وتداولها على صفحاتهم، باهتمام بالغ، شد لها انتباه وكالات أنباء عربية وأوروبية، لتسلط بعدها الضوء على الحادثة، وترصد كذلك ردود فعل النشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي.
فخلال ساعات قليلة على وقوع الحادثة، نُشرت أكثر من 300 ألف تغريدة على الهاشتاغ العالمي #ChapelHillShooting، وأكثر من 20 ألف تغريدة على هاشتاغ MuslimLivesMatter# ، بحسب احصائية لشبكة بي بي سي البريطانية.
كما أطلق مغردون وسم #مجزرة_شابيل_هل #ChapelHillShooting، ليتصدر بذلك قائمة الوسوم الأكثر تداولاً على مستوى العالم؛ إذ ظهر في أكثر من 600 ألف تغريدة، كما تداول النشطاء على الانترنت تفاصيل الحادثة وصور الضحايا، بما يا يدع مجالا بأن القضية وصلت للصغير قبل الكبير بالتعرف عليهم وعلى حادثتهم، والتفاعل معها.
خبراء الإعلام .. والإعلام الجديد
من جانبها، قالت الإعلامية الإماراتية مهيرة عبد العزيز في تغريدة لها: “مقتل 3 مسلمين بأمريكا، والإعلام الغربي لم يغط الخبر ولولا تويتر ما كنا علمنا عن مجزرة شابيل هل”، كما نشرت صوراً للزوجين الضحية.
بينما تساءلت الكاتبة صبرية برفير، وهي مسلمة بريطانية، في صحيفة “إندبندنت”، الصادرة الأربعاء (12|2)، عن سبب عدم اهتمام الإعلام الغربي بمقتل ثلاثة شباب مسلمين، مشيرة في الوقت نفسه أنه وفور وصول رسالة إلى هاتفها بنبأ الحادثة “ذهبت بعدها حالا أفتش في تويتر”، مؤكدة أن “مجموعة قليلة من المواقع ذكرت الحادث، مثل (الجزيرة) و(أسوسيتد برس) و(إندبندنت)، وهي التي غطت الأحداث في ذلك الوقت”.
أما خبير الإعلام والمتخصص في الاعلام الجديد خالد طه، فقد علق على صفحته على موقع التواصل الاجتماعي “فيسبوك”، “الإعلام الجديد نجح في كسر احتكار الإعلام التقليدي في التعطية على الحدث وتجاهله”، مؤكد أن “الكل بإمكانه المشاركة والتأثير في صناعة الرأي العام”.
في الوقت الذي رأت فيه سناء سعيد، والتي تعمل منتجة لصالح منصة “الجزيرة بلس” التفاعلية، على مواقع التواصل الاجتماعي، التابعة لشبكة الجزيرة: “الحادث مخز، ويظهر كيف تعمل الإسلاموفوبيا”، في تغريدة على حسابها الشخصي، في موقع تويتر.
سلاح الاعلام الجديد
فإذا كان الإنسان خلال السنوات الماضية، يتمسمر أمام شاشة التلفزيون لمعرفة الجديد، متسلحا بـ “الريموت كنترول” للتنقل بين قنواته لمعرفة الجديد، أصبح اليوم سلاحه جهازه الذكي، الذي لا يغادره أينما ذهب، ليصنع هو ومن خلال وسائل التواصل الاجتماعي الحدث ويتفاعل معه، متجاوزا ما ستمليه عليه تلك القنوات من أخبار، كاسرا احتكار الصحف، ومختلف وسائل الإعلام التقليدي للمعلومة والخبر، ليكون مشاركا برأيه وطرحه بكل حرية.