آنغوس ماكدويل – رويترز – من خلال تعيينه اثنين من الورثة بسرعة، أوقف العاهل السعودي الملك سلمان، “لعبة سودكو الخلافة”، كما وصف واحد من أبرز الصحفيين المحليين التكهنات حول نجم من آخذ في الارتفاع، ونجم من آخذ في التراجع، في أسرة آل سعود الحاكمة.
اختيار الأمير مقرن، الذي يبلغ من العمر 69 عامًا، كولي للعهد، ومحمد بن نايف، البالغ من العمر 55 عامًا، كنائب لولي العهد، حل المعضلة الأكثر أهمية في التاريخ الحديث للسلالة الحاكمة، وهي كيفية القفز من أبناء مؤسسها الملك عبد العزيز، إلى أحفاده.
وفي حين تم إعطاء الكثير من الاهتمام لتسمية مقرن وابن نايف، أشارت التحركات التي تمت ملاحظتها بشكل أقل إلى تغييرات أوسع في معالم كيفية إدارة آل سعود لسلطتهم، وأي من الأمراء الشباب قد يحكم أكبر دولة مصدرة للنفط في العالم، والحليف الرئيس للغرب، في المستقبل.
وبعد عقود من منح المناصب العليا لنفس الحفنة من الأشخاص، تضع هذه التعيينات الجديدة فريق حكم جديد في الهيمنة على السياسة السعودية، وذلك في الوقت الذي تشهد فيه المنطقة الاضطرابات غير المسبوقة والتحديات طويلة المدى.
وأهم تغيير كما يبدو هو إنشاء لجنتين جديدتين بصلاحيات واسعة، تعطيان محمد بن نايف، وابن الملك محمد بن سلمان، سيطرة واسعة على معظم جوانب عملية وضع السياسات السعودية.
محمد بن نايف، والذي هو أيضًا وزير الداخلية، يرأس حاليًا لجنة السياسة والأمن التي من شأنها تطوير الاستراتيجية السعودية بشأن كيفية التعامل مع إيران، الدولة الإسلامية، والحروب في العراق وسوريا، والأزمة في اليمن، والمنشقين المحليين.
وأما محمد بن سلمان، والذي كان قد تم تعيينه في سن 35 عامًا كوزير للدفاع ورئيس للديوان الملكي، فيرأس لجنة السياسة الاقتصادية والتنمية، وهو ما يجعل صوته الأكثر أهمية فيما يتعلق بالقضايا الكبرى وطويلة المدى التي تواجه المملكة.
وقال خبير العلوم السياسية السعودي، خالد الدخيل: “بصرف النظر عن أولئك الذين هم على مقربة من الأمير، لا يعرف الناس الكثير عن محمد بن سلمان، ولكنه قادم بقوة. هو في الواقع رئيس الوزراء؛ لأن في يديه الكثير من السلطة“.
غروب شمس السديريين
وبالنسبة لبعض المحللين الغربيين، أظهرت تحركات سلمان تأكيده على سلطة ما يسمى بكتلة السديري من آل سعود، وهم الإخوة السبعة من أولاد عبد العزيز من زوجته المفضلة. الملك الجديد هو واحد من هؤلاء الإخوة، ومحمد بن نايف هو ابن واحد آخر منهم. وعن طريق تركيز السلطة في يديه، ويدي ابنه، وابن أخيه السديري، ينظر إلى سلمان من قبل البعض على أنه يقوم بتعزيز سلطة فرعه من الأسرة.
ومما يعزز هذا التحليل أيضًا حقيقة أن ولي العهد الأمير مقرن، والذي ينظر إليه كموال لعبد الله، لم يعط دورًا وزاريًا كبيرًا لتعزيز قاعدة سلطته قبل أن يصبح في نهاية المطاف ملكًا. وينظر أيضًا إلى الإقالة السريعة لاثنين من أبناء عبد الله كحكام للرياض ومكة المكرمة، بنفس الطريقة.
ومع ذلك، يقول سعوديون ودبلوماسيون إنه، وبعد عقود من بلوغ قوتهم ذروتها خلال الثمانينيات، ليس من الواضح الآن ما إذا كان السديريون لا يزالون يشكلون فصيلًا متماسكًا. روابط الدم التي جعلت الإخوة السبعة أكثر أهمية من العشرات من أشقائهم، باتت أقل أهمية بين أبناء العمومة الذين تختلف أعمارهم على نطاق واسع، والذين يفتقرون إلى الروابط التي شكلها آباؤهم وأعمامهم خلال صراع الأسرة على السلطة في الستينيات. ويضيف محللون سعوديون إن التحالفات والمنافسات بين الشخصيات الرائدة من أسرة آل سعود الآن باتت مرتبطة أكثر بالتاريخ الشخصي لكل منهم.
التحدي الذي ينتظر الأميرين محمد ومحمد
وتعد التساؤلات حول كتل السلطة في أسرة آل سعود ذات أهمية خاصة في المملكة، حيث إن الخلافة هناك لا تمر من الأب إلى الابن الأكبر مباشرةً، ولكن من خلال المرسوم الملكي، والأقدمية، والخبرة، وموافقة الأسرة. وحتى الآن، كانت عملية الخلافة سلسة إلى حد ما، حيث مررت السلطة عبر خط من الإخوة، وتخطت أولئك الذين يفتقرون إلى الخبرة السياسية أو الدعم الأسري واسع النطاق.
ولكن، عند التفكير بما بعد مقرن، وهو أصغر هؤلاء الإخوة، لا نجد آلية واضحة لتحديد كيف ستتحرك الخلافة بين المئات من أبناء العمومة، أو حتى ما إذا كان يجب أن يتم استنفاد هذا الجيل قبل أن يتم تمرير الحكم إلى أبنائهم. وقد يكون تعيين سلمان لابنه في مناصب أعلى يستهدف وضع الأمير محمد كوريث محتمل لمنصب نائب ولي العهد.
ومع ذلك، وفي الأسرة التي لا تزال تمنح الكثير من الأهمية للسن والأقدمية، سيكون على الأمير محمد أن يثبت نفسه ليس فقط كمسؤول، ولكن أيضًا كلاعب ماهر في سياسة القصر. لقد انهارت مملكتان سابقتان وضعتهما أسرة آل سعود في القرنين الـ 18 والـ 19 بسبب الصراعات الداخلية على السلطة. ويعد تجنب هذا المصير، في بلد بدأ فيه دخل الفرد من النفط يتضاءل، التحدي الذي ينتظر اثنين من الأمراء يحملان اسم محمد.