أثار الحوار الذي أجراه بشار الأسد مع إذاعة “البي بي سي” جدلاً كبيرًا، وردود أفعال غاضبة أيضًا بكافة الأوساط العربية والغربية.
وزعم الأسد خلال حواره أنه لم يستخدم البراميل المتفجرة في سوريا ضد المعارضة، مضيفًا أنه لم يستخدم السلاح الكيماوي على حد زعمه، وأن ما يؤرقه هو الحياة الآن ، وأن يعيد بناء المدارس.
ويرى عددٌ من المراقبين “أن ذلك اللقاء في ذلك التوقيت له أسبابه وأبعاده المرتبة له”، مؤكدين “أن – بشار – بدعم غربي وأمريكي يسعى؛ لتحسين صورته بالتنصل من جرائم نظامه بسوريا”.
الجارديان: الأسد.. متعجرف
وعلقت صحيفة “الغارديان” البريطانية على طريقة الأسد في الرد على أسئلة مراسل هيئة الإذاعة البريطانية “بي بي سي”، بأن “مراقبة الأسد وهو يعلق بطريقة متعجرفة وعادية عن المأساة المستمرة ، بدت وكأنها امتحان حول الإنكار. فلم يقل ولا كلمة عن المذابح ، التي ترتكبها قواته، التي تركت مدنًا بكاملها مثل حمص وحلب في حالة من الدمار الكامل، وهي مجازر تُذكر بفظائع القرن العشرين ، التي ارتُكبت في مدن مثل كورنيكا في إسبانيا ودرسدن في ألمانيا”.
رايتس ووتش تكذب الأسد
أما منظمة “هيومان رايتس وواتش” فقد أصدرت بيانًا تنتقد فيه الثقة، التي تحدث بها الأسد خلال حواره ، والفكاهة، التي يرسمها في حين أنه قاتل.
وجاء في فحواها ما يلى:” ما أحفل الأمر بالمغزى، حين يتجرأ زعيم أمة من الأمم على تقديم رد فكاهي عند سؤاله على التلفاز عن سلاح مميت، مسؤول عن قتل وتشويه الآلاف من مواطنيه..في مقابلة – للبي بي سي – تم بثها اليوم، سُؤل بشّار الأسد، رئيس سوريا ، الذي كان يبدو واثقًا من نفسه، عن استخدام قواته للقنابل البرميلية، أو براميل النفط المحشوة بالمتفجرات والشظايا المعدنية، التي تُلقى من المروحيات الحائمة على ارتفاعات كبيرة لتجنب النيران المضادة للطائرات، أنها أسلحة عديمة التوجيه، ورخيصة وفتاكة”.
ورد الأسد بابتسامة عريضة: “هذه قصة طفولية”، عندما سأله محرر “البي بي سي” لشؤون الشرق الأوسط، “جيريمي براون”، عن استخدام تلك الأسلحة.
وعلق الصحفي البريطاني “إليوت هيغنز” على نفي الأسد لإستخدام البراميل المتفجرة في سوريا، قائلاً:”إما كان واهمًا أو كذابًا أو واهمًا كذابًا”، وفي الموضوع نفسه صرحت مراسلة “هافينغتون بوست” في الشرق الأوسط، “صوفيا جونز” بالقول: “إنكار الأسد سقوط البراميل المتفجرة هي مثل إنكاره أن السماء لونها أزرق، والأدلة في كل مكان”.
من جانبه، رأى دكتور سعيد الحاج الباحث والمحلل السياسي، أن لقاء “البي بي سي” مع الأسد ليس عشوائيًا ولا اعتباطيًا، بل جزء من استراتيجية إعادة تأهيله ، أو تأهيل نظامه، وقد سبقه بأيام لقاؤه مع “الفورين أفيرز”.
وأضاف قائلاً خلال تدوينة له عبر صفحته على موقع التواصل الاجتماعي”فيس بوك”: ربما لن يقول الغرب أبدًا أن – الأسد – مقبول وهم يتعاونون معه، لكن الواقع يقول بذلك، المطلوب غربيًا – كما كان دائمًا – هو وأد الثورة السورية ؛ بحيث لا تؤدي إلى تغيير النظام وتأتي بغير المرغوب بهم، وأن لا تخرج سوريا كدولة منها قوية وعفية”.
واختتم تدوينته قائلاً:” أخيرًا، لا يمكن فهم هذه الرؤية الغربية ، دون وضع المفاوضات الأمريكية الإيرانية حول الملف النووي في الاعتبار، وعناصر القوة الإيرانية – الذاتية والمسموح بها أمريكيًا – على طاولة المفاوضات، من العراق إلى سوريا إلى لبنان إلى اليمن والخليج”.
يُشار إلى أن الأسد قال في مقابلته نصًا:” أنه لم يسمع باستعمال جيش النظام السوري للبراميل المتفجرة وأردف ساخرًا ولا بأواني الضغط المنزلي”.
وزعم: ” ما أعرفه عن الجيش أنه استخدم القنابل، والرصاص والصواريخ” ، وأكد على “أن جيش النظام يستهدف الإرهابيين في الحرب، وذلك لحماية المدنيين ، وليس هناك حرب بدون ضحايا”.
وتجدر الإشارة إلى “أن مجلس الأمن الدولي قد أصدر بالإجماع، القرار رقم 2139 في 22 فبراير 2014 ، والذي أمر بموجبه جميع أطراف النزاع في سوريا ، بالكف عن استخدام البراميل المتفجرة ، وغيرها من الأسلحة العشوائية في المناطق الآهلة بالسكان، بعد أن وثقت منظمة – هيوماتن رايتس ووتش – أكثر من 650 تضرر من البراميل”.