“صحفيا الجزيرة بيتر جريست ومحمد فهمي محظوظان لامتلاكهما جواز سفر أجنبيا، وهو الحظ الذي ليس بحوزة آلاف آخرين”
جاء ذلك في سياق مقال لصحيفة كريستيان ساينس مونيتور الثلاثاء تحت عنوان “مصر تحرر صحفيي الجزيرة، لكن سجونها تتأوه بالسجناء السياسيين”.
وإلى نص المقال
عاد الصحفي الأسترالي بيتر جريست إلى وطنه بعد أن ظل محتجزا 400 يوم في سجن مصري لجرائم لم يقترفاها.
وربما يُفرج عن زميله الكندي-المصري محمد فهمي، بعد تخليه عن جنسيته المصرية كثمن لحريته.
إطلاق سراح جريست جاء وفقا لأوامر السيسي، لكن إدانته لم تُلغ.
وصرح وزير الخارجية الكندي (المستقيل) جون بيرد أن إطلاق فهمي “وشيك”.
ولكن بينما يتسبب إطلاق سراح مواطنين من دولتين حليفتين للولايات المتحدة، في المزيد من الأريحية لمساعدات واشنطن للقاهرة، لا تزال مصر تقبع في خضم أكبر فترات القمع السياسي على مدى عقود.
ومنذ الانتفاضة التي أسقطت الرئيس الأسبق حسني مبارك في أوائل 2011، حاربت مؤسسته العسكرية والسياسية على نحو جاد وناجح من أجل خنق مارد التغيير السياسي، وإرجاعه إلى مصباحه.
المحاكمات الصورية، ومد عقوبة الحبس الاحتياطي كانتا جزءا كبيرا من تلك الجهود.
وبينما يطير جريست إلى أستراليا، أصدرت محكمة مصرية حكما بإعدام 183 مصريا، بمباركة مفتي الديار بتهمة المشاركة في قتل 11 شرطيا أمام قسم شرطة كرداسة في أغسطس 2013.
معظم المتهمين المدانين من أنصار الإخوان، واشتكى فريق الدفاع خلال المحاكمة من عدم السماح له باستجواب الشهود الذين جلبتهم الحكومة.
وفي الوقت الذي يطلق سراح جريست وفهمي، يحتمل أن يظل زميلهما باهر محمد الذي يفتقد حماية جواز السفر الأجنبي سجينا لفترة أطول.
لكن يبقى أمريكي على الأقل محبوسا في مصر، وهو محمد سلطان الذي يحمل الجنسيتين المصرية والأمريكية والذي ينتمي والده لجماعة الإخوان.
وألقى القبض على سلطان منذ عام ونصف، بعد وقت قصير من فض اعتصامي الإخوان بالقاهرة.
القمع الذي حدث في أغسطس 2013 نجم عنه وفاة أكثر من 800 متظاهرا، فيما عرف بـ “مذبحة رابعة”.
وأتبع ذلك اعتداءات على قسم شرطة كرداسة في ظل اندلاع موجة شغب.
ولم يخضع أي من رجال الشرطة أو المسؤولين الأمنيين للمساءلة جراء قتل المدنيين.
أنصار سلطان ذكروا أنه دخل إضرابا عن الطعام امتد يمتد لشهور، ومكث نحو 60 يوما في حبس انفرادي.
ولم يحاكم سلطان بعد في الاتهامات الموجهة ضده المتمثلة في “نشر معلومات كاذبة لزعزعة الاستقرار”.
وقالت عائلته إن وضعه الصحي متدهور، وتخشى من إمكانية أن يقضي نحبه داخل السجن.
حالة سلطان اجتذبت اهتماما دوليا أقل من صحفيي الجزيرة، كما هو حال آلاف آخرين.
وقالت هيومن رايتس ووتش إن عشرات السجناء قضوا نحبهم العام الماضي في السجون بفعل التعذيب والتكدس والحرمان من الرعاية الطبية.
ونقلت المنظمة عن المركز المصري للحقوق الاقتصادية والاجتماعية قوله إن نحو 41000 شخص احتجزوا منذ “انقلاب” يوليو 2013 الذي عزل الإخوان، وجلب الجيش إلى السلطة.
وكانت السلطات قد ألقت القبض على جريست وفهمي في ديسمبر 2013، بجانب باهر محمد، وأدينوا باتهامات إرهابية في محاكمة تحمل نفحات القرن السابع عشر.
وقبيل المحاكمة، عرضت النيابة فيديو مدته 22 دقيقة بثته شبكة موالية للنظام، فيما وصف بأنها “خلية الماريوت”، ذلك الفندق الذي كان مقر إقامة مراسلي الجزيرة.
وصاحب الفيديو المذكور صوتا لمقطع موسيقى مسروق من الفيلم الكوميدي “ثور: العالم المظلم”، وتجولت الكاميرا على أجهزة الحاسوب والكاميرات.
هدف الفيلم آنذاك كان تغذية “رهاب الأجانب”، وهيستيريا مناهضة الإخوان، في مصر ما بعد الانقلاب.
الصحافة المصرية، بكافة المعايير، أقل حرية حتى من السنوات الأخيرة في عهد مبارك، وتحول العديد من الصحفيين العاملين على نحو حاد لموالاة الحكومة.
ولعل أحدث الأمثلة على ذلك، تصريحات نقيب الصحفيين ضياء رشوان، والذي دعا الصحفيين لإبلاغ السلطات عن زملائهم الذين “يحرضون” ضد الجيش والشرطة، مشجعا بشكل خاص بلاغات ضد منافذ إعلامية تمتلكها قطر.