أفادت مصادر إعلامية أن الحضور الإماراتي “المحتشم” في مراسم تشييع الملك السعودي الراحل عبدالله أثار تساؤلات بشأن مستقبل العلاقة بين حكام البلدين.
وأرجعت هذا المصادر هذا الغياب الواضح لحاكم دبي وأوبوظبي إلى استياء محمد بن زايد، حاكم الإمارات الفعلي، بسبب الانقلاب السديري على جناح عبدالله المقرب منه، والخلاف “المستتر” بينه وبين وليّ وليّ العهد الجديد
ذلك أن محمد بن راشد وولي عهد أبو ظبي محمد بن زايد كانا الغائبين الباروين عن جنازة ملك السعودية عبدالله. وحدهم حكام الشارقة وعجمان ورأس الخيمة حضروا الجنازة. ويرى متابعون أن الحاكم الفعلي للإمارات، محمد بن زايد، يقف وراء هذا التمثيل “المتدني جدا” محمد بن زايد.
واستنادا لبعض المعلومات، لا يُعلم مدى دقتها، أن ولي عهد أبو ظبي أصرّ على عدم حضور ولي عهد دبي محمد بن راشد مراسم تشييع عبدالله والاكتفاء بحضور مشايخ ثلاثة من الإمارات السبع.
وهذا راجع، وفقا للمعلومات نفسها، إلى انزعاج ولي عهد أبو ظبي من التطورات التي شهدتها السعودية صبيحة يوم دفن الملك عبدالله، حيث جاءت الدفعة الأولى من الأوامر الملكية على عكس تقديرات محمد بن زايد الذي تلقى ضربة موجعة بتعيين محمد بن نايف وليا لولي العهد وطرد خالد التويجري من الديوان الملكي وإزاحة متعب بن عبدالله من المناصب الثلاثة الأولى.
وأما لماذا هذا السخط والامتعاض الإماراتي من غلبة الجناح السديري على القصر، فترى مصادر إعلامية أن ذلك راجع إلى جملة من العوامل السياسية والشخصية، فمحمد بن زايد صديق وحليف لوزير الحرس الوطني السعودي، كذلك فإنه يعتبر صديقا مقربا وحليفا قويا للأمين الأسبق لمجلس الأمن الوطني بندر بن سلطان، وعبر هاتين الشخصيتين المقربتين من الملك السابق كان لولي عهد أبو ظبي كلمته في الكثير من مواقف الرياض، مقابل مكافآت وإغراءات وتأثير في دوائر صنع القرار السعودي، خصوصا في السنوات الأخيرة من حكم الملك الراحل.
وقد كشفت وثائق ويكيليكس سابقا حقيقة العداء بين محمد بن زايد ووليّ وليّ العهد السعودي الجديد، إذ أفادت فيما تسرب منها، في شهر مارس الماضي، بأن وليّ عهد أبو ظبي تعمّد تحقير والد محمد بن نايف الذي كان وقتها وزيراً للداخلية، وذلك في محادثة مع مدير مجلس العلاقات الخارجية الأميركي ريتشارد هيس. وتضيف تسريبات ويكيليكس أن ولي عهد أبو ظبي قال لمحدثه إنه حينما يرى نايف يترسخ لديه الاقتناع بأن داروين كان محقاً حين قال إن الإنسان انحدر من القرد.
وتشير المصادر المتابعة إلى أنه ليس تغيب المسؤولين الإماراتيين عن مراسم تشييع الملك السابق العلامة الوحيدة على الخلافات بين الجانبين، فتغطية وكالة “إرم الإماراتية” للأوامر الملكية السعودية التي أعقبت وفاة عبدالله دليل إضافي على تلك الخلافات.
ذلك أن الوكالة التي يديرها ديوان رئيس الدولة شكّكت في صحة تعيين محمد بن نايف ولياً لولي العهد، وقالت إن سلمان لم يستشر هيئة البيعة في ذلك، وإن اختيار محمد بن نايف من بين العديد من الأحفاد المهمين أثار انتباه المراقبين.
وفي تعليقه على تغطية “إرم” يقول الكاتب البريطاني ديفيد هيرست إن ما ذكرته الوكالة ليس اعتباطيا، ويشير الكاتب إلى أن الثلاثي المكوّن من خالد التويجري ومحمد بن زايد وبندر بن سلطان أطلق حملة إعلامية للتشكيك في ولاية عهد سلمان بمجرد أن انتشر خبر مرض الملك عبدالله. حملة استهدف المحافظون الثلاثة من خلالها ضمان انتقال منصب وليّ وليّ العهد إلى الأمير متعب بحسب ما يؤكد هيرست.
ويستشهد الكاتب البريطاني في كشفه لتلك الحملة بما نقلته بعض التقارير من أن مقدم البرامج التلفزيونية المصري يوسف الحسيني تعمّد التحريض على الملك سلمان ونجله محمد بإيعاز من الديوان الملكي السعودي، وعبر وساطة عباس كامل مدير مكتب الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي.
وترى المصادر المتابعة نفسها أنه من المبكر الجزم بما ستؤول إليه العلاقات بين مراكز القوة والقرار الرئيسة في كل من الرياض وأبو ظبي والقاهرة، إلا أن المحسوم أن صفحة من الازدهار طُويت برحيل عبدالله وأن تغييرات ستطرأ على سياسة السعودية حيال أكثر أعضاء مجلس التعاون قرباً منها وحيال النظام الذي أَنفقت المملكة المليارات لتثبيت دعائمه، وقد لا تتعلق هذه التغييرات بالإستراتيجيات بل بما دون ذلك، لكنه سيؤثر حتما في مستقبل التحالف المعادي للثورات العربية.
العصر