نشر موقع الفرقان، التابع لتنظيم الدولة الإسلامية “داعش”، مساء الثلاثاء، شريط فيديو يظهر إعدام الطيار الأردني، معاذ الكساسبة، حرقا، بعد أيام من مفاوضات مع الأردن لإطلاق سراح السجينة العراقية، ساجدة الريشاوي، انتهت بقتل الرهينة الياباني.
ونشر التنظيم المصنف إرهابيا، الفيديو الذي يشبه فيلما وثائقيا مدته 23 دقيقة، بتقنية الصورة فائقة الجودة “إتش دي”، يضم لقطات أرشيفية توثق المواقف الأردنية الرسمية، التي يزعم التنظيم أنها مبرر لجريمته، التي أحدثت صدمة لدى الملايين حول العالم.
ويبدأ الفيلم بتصريح للعاهل الأردني يتحدث فيه عن مشاركة بلاده في الحرب الدولية على داعش، قائلا: “عندما قال رئيس الأركان الأردني للطيارين: نحن ضد داعش ونبحث عن متطوعين، فمن يرغب فليتقدم، رفع كل الطيارين أيديهم معلنين تطوعهم”.
وأظهر الفيلم لاحقا مع صوت راوٍ من التنظيم في الخلفية، لقطات للعاهل الأردني، الملك عبد الله، مع الرئيس الأميركي، باراك أوباما، معتبرين ذلك دليلا على التبعية للغرب، ثم مشاهد تظهر جنودا أردنيين يتدربون مع جنود أميركيين.
وتؤكد مشاهد الفيديو المطول الذي نشرته داعش وأسمته “شفاء الصدور”، ما عرف عنها من قدرات إعلامية كبيرة، ظهرت في لقطات سابقة نشرتها، حيث ضم الفيلم مشاهد موثقة تم جمعها خلال الأشهر الماضية، كما يضم عملا فنيا دقيقا، ما بين مؤثرات بصرية وصوتية معدة بطريقة احترافية.
وبعد عرض لقطات عدة منقولة عن شبكات إخبارية عربية وعالمية تُظهر خبر اعتقال الكساسبة من جانب داعش عقب سقوط طائرته. تظهر صورة الكساسبة نفسه على الشاشة مرتديا الملابس البرتقالية، التي تعني أنه ينتظر تنفيذ حكم الإعدام بحقه، ثم يبدأ في الحديث عن نفسه، فيما يبدو اعترافاً منه، متحدثا عن الرحلة التي تم أسره خلالها بعد إسقاط طائرته.
وخلال رواية الكساسبة لشهادته، أو بالأحرى اعترافه، يعمد منتجو الفيلم إلى استعراض قدراتهم الفنية والتقنية مجددا، بوضع مسار الطلعة الجوية التي شارك فيها، في مشاهد احترافية، لا تملكها إلا القنوات الإخبارية العالمية، أو منتجو السينما المحترفون.
ويظل الكساسبة يتحدث على مدار ست دقائق ونصف الدقيقة، تتخللها مؤثرات بصرية وصوتية بتقنيات احترافية، ويختم برسالة إلى أسرته والشعب الأردني يهاجم فيها الحكومة الأردنية بحدة، ويتهمها بالعمالة للغرب وللكيان الصهيوني، في ما يبدو أنه اعتراف أجبر على قراءته من جانب خاطفيه.
ثم يقول الكساسبة، الذي تظهر على وجهه آثار اعتداء، لأهالي الطيارين: “أؤمروا أبناءكم بالكف عن المشاركة في ضرب مواقع الدولة الإسلامية حتى لا يكون مصير أبنائكم مثل مصيري”.
وفور انتهاء الكساسبة من رسالته المطولة، يعود الفيلم لعرض مشاهد لطائرات التحالف تقصف مناطق تنظيم الدولة، كما يظهر مشاهدا لأطفال يزعم أنهم أصيبوا في القصف.
واستمرارا في الأسلوب السينمائي المعتمد، يظهر الكساسبة مجددا يتجول داخل أطلال المباني المدمرة التي قصفتها طائرات التحالف، التي كانت طائرته بينها، قبل أن تبدأ عملية الإعدام الوحشية بوضعه داخل قفص حديدي، وإغراقه بمادة قابلة للاشتعال تظهر جليا على ملابسه، بينما يحيط به جنود مدججون بالسلاح، وكأنهم فرقة الإعدام المكلفة بقتله.
مشهد الإعدام أيضا معد بطريقة سينمائية، حيث يمد فريق الإعدام خيطا طوله عدة أمتار من المواد القابلة للاشتعال ينتهي بالقفص، الذي يحتجز فيه الكساسبة، ويتم إشعال الخيط ليتحرك شعاع النار ويصل إلى القفص، ويبدأ احتراق الشاب الأردني على وقع أنشودة جهادية، ثم نص منقول عن العلامة ابن تيمية يبررون به فعلتهم.
وينتهي مشهد الحرق بجرافة تهيل التراب على قفص الشاب الأردني المحترق، قبل أن تسويه بالأرض، ليكون مكان القفص، الذي احترق فيه، هو نفسه قبره.
لكن الفيلم لا يكتفي بذلك، وإنما يعرض صورا وأسماء لطيارين أردنيين آخرين يتهمهم بالمشاركة في الهجوم على مواقعه، ويبدو أن عناصر التنظيم حصلوا على الأسماء من الطيار الكساسبة الذي تم التحقيق معه قبل قتله، غير المعروف تاريخه.
وعرض الفيلم صور وأسماء نحو عشرين من الطيارين الأردنيين مكتوبا عليها “مطلوب قتله”، فيما يبدو أنه إمعان في الحرب النفسية التي يعتمدها التنظيم منذ ظهوره، لإرهاب الأعداء.
سلامة عبد الحميد
العربي الجديد