نشرت صحيفة “واشنطن بوست” مقالا للكاتب تشارلز كروثامر أشار فيه الى أنه “رغم الصدام الحاد الذي أثاره المسعى الإيراني لصنع قنبلة نووية بين البيت الأبيض والكونغرس الأميركي، تتغاضى واشنطن بشكل كبير عن المسعى الإيراني للهيمنة على دول العالم العربي، ولكن هذا التهديد التقليدي جذب انتباه الدول العربية، ولاسيما دول الخليج التي تشعر الآن بقلق عميق حيال الموقف الأميركي”، لافتا الى أن “المتمردون الحوثيون المدعومون من إيران أطاحوا بالحكومة اليمنية، التي كانت موالية للولايات المتحدة، عن طريق الاستيلاء على القصر الرئاسي وإرغام رئيس البلاد على تقديم استقالته”.
وأشار الكاتب الى إن “المطالب الدينية للحوثيين قد تكون مشروعة نظراً إلى أنهم أقلية في دولة ذات أغلبية سنية، ولكنهم أيضاً وكلاء لإيران التي تقوم بتسليحهم وتدريبهم وتزودهم بالمشورة”، موضحاً أن “الانقلاب اليمني يجب أن يشغل اهتمام المسؤولين الأميركيين في إطار الحرب التي تشنها الولايات المتحدة ضد تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية، ولأن الهيمنة الإيرانية المتنامية تشكل تهديداً خطيراً على الحلفاء الأميركيين والمصالح الأميركية في الشرق الأوسط بأكمله”، لافتا الى أنه “في سوريا، يتصاعد النفوذ الإيراني على نحو مماثل، فقد أنقذ الزعماء الإيرانيون النظام السوري من خلال إرسال الأسلحة والأموال التي يحتاجها وحث قوات الحرس الثوري الإيراني ومقاتلي حزب الله اللبناني على المشاركة في المعركة، ونتيجة لذلك يعاني الثوار المعتدلون من الفوضى والانقسام بينما يعيش الأسد في سلام فعلي مع تنظيم الدولة الإسلامية، الذي يسيطر على جزء كبير من بلده”.
وأشار الكاتب إلى أن “طهران تستخدم نفوذها على الحكومة السورية و”حزب الله” لبناء ما يبدو كجبهة خاصة ضد إسرائيل، ويستطيع الإسرائيليون درء أي هجوم تقليدي ضدهم، ولكن لا يمكن قول الأمر نفسه عن دول الخليج العربي التي تشاهد إيران وهي تشيد “هلالاً شيعياً” يمتد إلى البحر المتوسط ويضم كلا من العراق وسوريا ولبنان في الشمال بينما توطد هيمنتها على اليمن في الجنوب، ومع ذلك يبدو أن إدارة الرئيس الاميركي باراك أوباما مستعدة للرضوخ أمام الواقع الجديد للهيمنة الإيرانية في سوريا، وهذا من خلال التخلي عن هدفها المعلن والمتمثل في الإطاحة بحكومة بشار الأسد”.
ورأى الكاتب إن “الوضع الراهن يمثل كابوساً بالنسبة للسعوديين ودول الخليج الأخرى، حيث إنها تواصل الخسارة في صراعها الإقليمي الموسع مع إيران- فقد خسرت لبنان وسوريا والعراق، الذي يسقط في مرحلة ما بعد الانسحاب الأميركي تحت هيمنة إيرانية متزايدة. وسيتفاقم هذا الكابوس بشكل هائل في حالة امتلاك إيران للسلاح النووي الذي تسعى ورائه”، مشيرا الى أن “ما يزيد من حيرة الحلفاء الأميركيين في العالم العربي هو معارضة أوباما الشرسة لاقتراح الكونغرس حول تعزيز الموقف التفاوضي الأميركي عن طريق تمرير عقوبات يتم تفعيلها إذا رفضت طهران التخلي عن برنامجها النووي”، مؤكدا أن “الحلفاء الأميركيين في المنطقة يشعرون بقلق عميق إزاء التقدم الإيراني على الصعيدين النووي والإقليمي، ولكن حليفهم الاستراتيجي الأميركي يواصل السكوت عن هذا التقدم”.