أكد المستشار القانوني الإماراتي «محمد بن صقر الزعابي» أن عام 2014 كان كارثيا على حقوق الإنسان في الإمارات بعدما شهد قرابة 1500 انتهاكا لحقوق الإنسان في الإمارات، وأن ما خفي كان أعظم وفق تقرير نشره مركز الإمارات للدراسات.
وقال القاضي السابق – المطارد من سلطات بلاده والمقيم في لندن – في حوار أجراه الخميس مع برنامج «حقوق الناس» على قناة «الحوار الفضائية»: «إن دولة الإمارات العربية المتحدة تحوّلت إلى محط انتقاد غير مسبوق من قبل هيئات ومنظمات ومؤسسات حقوقية محلية وخليجية وعربية بل وعالمية، لا سيما من منظمة «هيومان رايتس ووتش».
وأضاف أن الانتهاكات حققت رقما قياسيا، بعد أن بلغ معدل الانتهاكات المرصودة 4 انتهاكات يومياً خلال العام المنصرم، وتحول الإمارات إلى دولة بوليسية، تتسلط من خلال جهاز أمن الدولة على أبنائها من المواطنين، والإصلاحيين منهم على وجه الخصوص.
فئات الانتهاكات
وقسم «الزعابي» الانتهاكات إلى فئات بحسب نوعيتها وأماكن ممارساتها ومنها؛ انتهاكات إعلامية بحق حجب مواقع الكترونية حقوقية أو معارضة وقرصنة على الحسابات، لافتا إلى أن الفئة الأولى من المنتهكة حقوقهم هم المسجونون حاليا في السجون السرية بدون أي اتهام، ممن يبقون فيها لأشهر ويتعرضون لتعذيب ممنهج، على غرار ما يحدث في سجن الرزين سيئ السمعة، والذي أصبح سجنا سياسيا ترتكب فيه بحق المعتقلين من أبناء البلاد وغيرهم انتهاكات ومعاملات خارج إطار القانون.
واستشهد «الزعابي» -الذي تعرضت زوجته للاحتجاز ومنعها من السفر خلال العام ذاته- بتصريح للمعتقل السياسي الدكتور «محمد الركن» قال فيه إن المعتقلين يعاملون «معاملة الرهائن وليست معاملة السجناء التي يحكمها القانون».
ونبه المستشار إلى أن ما يتعرض له المعتقلون كثير كالحرمان من الزيارة، ومنع الأسر من التعامل مع ذويهم من المعتقلين بشكل طبيعي بل من خلال حاجز زجاجي، فضلا عن حرمان المرضى منهم من العلاج ومن إجراء عمليات جراحية لآلام يعانون منها، علاوة على المنع من الزيارة من الأساس.
وأشار «أحمد بن صقر» إلى أن ذلك يحدث على الرغم من أن السلطات الإماراتية تلقت صفعة حقوقية عندما تحدثت مقررة «الأمم المتحدة» الخاصة لشؤون استقلالية القضاء «غابيرلا كانول»، وبعد زيارة لها واجتماعها بعدد من المسؤولين، عن وقوع حالات تعذيب ممنهج داخل السجون الإماراتية، مطالبة الإمارات بتشكيل لجنة مستقلة للتحقيق في جميع الاتهامات بممارسة التعذيب أو سوء المعاملة خلال الاعتقال.
ولفت إلى أن المقررة «كانول» طلبت زيارة سجني الرزين والوثبة فلم يسمح لها، خلال مهمتها التي استمرت تسعة أيام والتي انتهت الأربعاء 5 فبراير/شباط 2014، وعليه قررت أن قضاء الإمارات غير مستقل.
1491 انتهاكا
وكان مركز الإمارات للدراسات والإعلام «إيماسك» قد رصد في تقرير حقوقي 1491 انتهاكا لمواطنين ومقيمين في الدولة، كان الإماراتيون الأكثر فيها، قام بها جهاز الأمن الإماراتي، في السجون السرية والرسمية بحق سجناء الرأي والتعبير الذين طالبت الأمم المتحدة بالإفراج الفوري عنهم منتصف عام 2014.
وأشار التقرير إلى أن السجون الرسمية والسرية تضم 209 معتقلا – أضيف خمسة شبان إماراتيين في ديسمبر/كانون الأول الماضي- من (13 جنسية) كان الإماراتيون في المرتبة الأولى فيها بواقع 107 معتقلاً بينهم 79 من المطالبين بحرية الرأي والتعبير.
وبحسب التقرير، فقد اعتقل جهاز أمن الدولة 44 شخصا في 2014، بينهم إماراتية واحدة جرى اختطافها لأيام ثم أفرج عنها وهي زوجة معارض إماراتي في لندن، ومصور ألماني اعتقل لأيام بسبب التقاط صورة لسفارة دولتة وتدخلت سفارة بلاده للإفراج عنه، ومدون فلسطيني اعتقل ثم جرى ترحيله إلى ماليزيا بسبب نشاطه على تويتر، و11 يمنيا لم توجه لهم تهم، وكويتي، وقطريين اثنين أدينا بالتخابر ولم يعرف مكانهما، وتركي، ومغربي وجزائري اعتقلا، ومصريين اثنين، والبقية 23 إماراتي اعتقلوا بسبب نشاطهم الحقوقي.
وكشف التقرير أن محكمة أمن الدولة العليا في الإمارات أصدرت 38 حكما سياسيا بينهم 17إماراتيا، 20 مصريا، و قطري واحد، في تهم تتعلق بالتعاون مع جمعية دعوة الإصلاح الإماراتية التي يقبع العشرات من أفرادها في السجون بسبب مطالبتهم بالإصلاح السياسي.
ومن الانتهاكات التي رصدها المركز منع جهاز أمن الدولة 28 شخصا من دخول الدولة بسبب قضايا رأي، وجرى ترحيل بعضهم لذات السبب، بينهم محاميتين بريطانيتين تعملان في منظمات دولية كبيرة، وناشط إعلامي بحريني، وطلبة كويتيين بسبب نشاطهم الطلابي في الجامعات الإماراتية.
وأصدرت الإمارات قانون الإرهاب سيء السمعة الذي من المتوقع أن يكون ذريعة لملاحقة الناشطين السياسيين، وقامت بالقرصنة على صفحات شخصية في تويتر وانتحلت شخصية «منظمة العفو الدولية»، فيما جرى حجب عدة مواقع إلكترونية.
وتصاعدت الانتهاكات في السجون الرسمية والتي ارتكبت بحق معتقلي حرية الرأي والتعبير، ووضعت إدارة سجن الرزين 28 معتقلا في السجن الانفرادي، وتعرض 26 معتقلا للضرب، إضافة إلى 62 حادثة تلفظ بألفاظ نابية، وخضع 48 لتفتيش مهين، وتم رصد 422 انتهاكا بمنع المعتقل من الاتصال بعائلته أو ومنعه من الزيارة، و50 حادثة منع ومصادرة دواء ومنع من الطبيب، إضافة إلى 363 حادثة منع من الخروج للرياضة مصادرة الأوراق، منع من الصلاة، والحرمان من الضوء والطعام.
ديسمبر نموذجا
وضمن التقرير في مفرداته وتفاصيله نماذج للانتهاكات التي حدثت خلال العام الماضي ففي ديسمبر الماضي، تعرض المعتقلون في سجن الرزين لتسمم غذائي في العنبر 10 مع أنباء عن حالات تسمم غذائي في بقية العنابر، في وقت يقبع فيه سجن الرزين السياسي خارج أي رقابة قانونية أو إعلامية.
ومن بين الانتهاكات في الشهر نفسه حرمان المعتقل «سالم ساحوه» من تشييع كريمته أو حتى رؤيتها قبل دفنها فضلا عن حرمانها من رؤيته بشكل عام لمدة عامين.
وفي 15 ديسمبر/كانون الأول بدأت محكمة أمن الدولة محاكمة المواطن الإماراتي الناشط «محمد علي الشحي» بتهمة الانتماء والعمل في قسم العمل الخيري في جمعية و«دعوة الإصلاح».
وأشار التقرير إلى أنباء متداولة على شبكات التواصل الاجتماعي عن اختفاء المواطن الكويتي «خالد العجمي» في الإمارات منذُ شهرين دون معرفة مكانه وتهمته، وقال الناشطون أن «العجمي» سافر إلى الإمارات قبل 60 يوم واعتقل في أبوظبي وهو يعاني من مرض.
وفي نفس الشهر قال مواطن جزائري يدعى «أحمد عدايله» أنه تعرض للاعتقال ثمانية أشهر في الإمارات منذ مارس/آذار 2014، تعرض خلالها للتعذيب الجسدي وتم منعه من السفر.
وقبل انتهاء العام، شن جهاز أمن الدولة حملة اعتقالات طالت خمسة شبان إماراتيين بين (16 -20 عاما) في مدينة خور فكان، وتم اقتيادهم إلى جهات مجهولة دون توجيه تهمة.
رصد أممي
التقارير الأممية التي تحدث عنها «محمد بن صقر الزعابي» في مقدمة التقرير كانت صفعة على وجه السلطات الإماراتية التي تكذب تقارير للمعارضة الإماراتية أو الإصلاحيين كما يحبون تسمية أنفسهم، فقد تحدثت المقررة الأممية الخاصة لشؤون استقلالية القضاء من داخل دولة الإمارات، وبعد زيارة لها واجتماعها بعدد من المسؤولين، حيث أكدت وقوع حالات تعذيب ممنهج داخل السجون الإماراتية.
وانتقدت «غابريلا كانول» في مؤتمر صحافي في أبوظبي التجاوزات والنقص في الشفافية في الإجراءات القضائية في الإمارات حيث تمت محاكمة عشرات الإسلاميين في الأشهر الأخيرة بتهمة التآمر على نظام الحكم.
وقالت «كانول» للصحافيين «لقد حصلت على معلومات وأدلة ذات مصداقية حول تعرض موقوفين للتعذيب أو لسوء المعاملة مثل الاعتقال من دون أمر من المحكمة وعصب الأعين والنقل إلى أماكن مجهولة، والحبس الانفرادي لأشهر، والوضع على الكرسي الكهربائي».
وقبل ساعات قليلة، شن إماراتيون مؤيدون للنظام حملة ضد تقارير حقوق الإنسان الصادرة عن منظمة «هيومن رايتس ووتش»، بعدما قالت إن «الإمارات تزدري حقوق الإنسان وتواصل قمع وتعذيب معارضيها، وتجاهلوا أيضا حجب الإمارات لموقع مركز الخليج لحقوق الإنسان».
وهو ما أثبتته صحف رسمية إماراتية في أعقاب تقرير «كانول» قبل نحو عام حيث قالت صحيفة «الخليج» في عنوان لها «مقررة الأمم المتحدة: الإمارات ترسي نموذجا يحتذى في دول مجلس التعاون في تجاهل للانتقادات الحادة التي وجهتها المقررة للإمارات».
وتستمر الإمارات العربية المتحدة في قمع حرية التعبير وتكوين الجمعيات، كما تحتجز السلطات تعسفيا عشرات الأفراد المشتبهين بصلات تربطهم بجماعات إسلامية داخل وخارج الإمارات.
الخليج الجديد