في 21 مارس 1942، أراد الله أن يزرق عبد الله صالح المنتمي لقبيلة سنحان والقاطن بقرية بيت الأحمر باليمن، بولد أسمه عليًا، ليصبح بعد 48 عامًا الرئيس اليمني علي عبد الله صالح.
توفي عبد الله صالح، وربي علي على يد زوج أمه، وعمل برعي الغنم، التحق في سن العاشرة بمعلامة القرية ما يعني الكتاب “بالعامية المصرية”، وفي سن الـ16 وبمساعدة وساطة قبلية التحق الرئيس اليمني السابق بصفوف الجيش الأمامي ومن بعدها بمدرسة للضباط في سن 18.
مع قيام ثورة 26 سبتمبر وإعلان حاشد تأييدها للثورة المنطلقة من تعز، التحق علي عبد الله صالح هو وباقي أفراد قريته إلى القوات الجمهورية وكان صالح سائق مدرعة وكُلف بحماية مواقع للجيش الجمهوري في صنعاء.
رقي إلى مرتبة ملازم ثان عام 1963،وتدرج صالح في حياته العسكرية، حيث التحق بمدرسة المدرعات في 1964 ليتخصص في حرب المدرعات، ويتولى بعدها مهمات قيادية في مجال القتال بالمدرعات قائد فصيلة دروع ثم قائد سرية دروع، وترفَّع إلى أركان حرب كتيبة دروع ثم قائد تسليح المدرعات تلاها كقائد كتيبة مدرعات إلى أن وصل إلى قائد للواء تعز عام 1975ذلك وفقا لسيرته الذاتية الصادرة عنه.
تدرج علي عبد الله صالح في رتب الجيش الجمهوري وبرز نجمه عقب “الانقلاب الأبيض” الذي قام به الرئيس إبراهيم الحمدي لينهي حكم الرئيس عبد الرحمن الأرياني والذي كان الرئيس المدني الوحيد من حكام اليمن.
عين علي عبد الله صالح قائدا للواء تعز برتبة رائد، بدأت حكومة الحمدي ببطء ولكن بخطى ثابتة، بناء مؤسسات مدنية وتنفيذ برامج إنمائية على المستوى المحلي والخارجي وكوّن حكومة من التكنوقراط. لم تكن كل الشرائح المجتمعية سعيدة بتوجهات الحمدي ومحاولته تغييب البنى التقليدية السائدة والالتزام بالمبادئ التي قامت من أجلها ثورة 26 سبتمبر فاغتيل في ظروف غامضة لم يُبت فيها.
تولى الغشمي رئاسة الجمهورية عقب اغتيال الحمدي ولم تمض ثمانية شهور حتى اغتيل الرئيس الجديد بحقيبة مفخخة لا يُعرف مصدرها على وجه التحديد إلا أن تكهنات تشير بضلوع جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية في الحادث انتقامًا للحمدي والذي كان متوافقا مع رؤيتهم لحد كبير بعد مقتل الغشمي تولى عبد الكريم العرشي رئاسة الجمهورية مؤقتا ولم تكن القيادات العسكرية واثقة في علي عبد الله صالح.
ويقول سنان أبو لحوم شيخ مشايخ بكيل أن علي عبد الله صالح تمكن من إقناع القيادات القبلية بقدرته على الرئاسة، أصبح علي عبد الله صالح عضو مجلس الرئاسة رئيسا للجمهورية العربية اليمنية بعد أن انتخبه مجلس الرئاسة بالإجماع ليكون الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة اليمنية في 17 يوليو 1978م، فقبائل حاشد وبكيل وخولان أكثر عدداً ونفوذًا من سنحان فاعتقدوا أن علي عبد الله صالح سيكون رئيسا دمية يسهل التحكم به.
أول قرار اتخذه في 10 أغسطس 1978 كان إعدام ثلاثين شخصا متهمين بالانقلاب على حكمه.
أضعف سقوط الاتحاد السوفييتي موقف جمهورية اليمن الديمقراطية الشعبية فاتفق علي سالم البيض مع علي عبد الله صالح بعد سنوات من المفاوضات على الاتحاد واعتبار علي عبد الله صالح رئيسًا للجمهورية اليمنية وعلي سالم البيض نائبًا للرئيس.
في عام 1990، عارض علي عبد الله صالح جلب قوات أجنبية لتحرير الكويت، خشية أن تعرقل السعودية مسار الوحدة اليمنية فحليف كصدام حسين سيمكنه من خلق توازن في العلاقات اليمنية السعودية، بعد رفض الأخيرة انضمام اليمن لمجلس التعاون الخليجي لاختلاف النظام السياسي بها.
عمل علي عبد الله صالح على إضعاف القيادات الجنوبية وتهميشها بحيث لا يكون للحزب الاشتراكي تأثير على البنية السياسية اليمنية وهو السبب الذي دفع الشطر الشمالي للبلاد بدعم من السعودية لنقض الاتفاقيات في أعوام 1972،1973،1979 و1980.
في يوليو 2005 أعلن علي عبد الله صالح أنه لن يرشح نفسه لفترة رئاسية أخرى وأعاد نفس الخطاب أكثر من مرة. ولكن في مقابلة مع “بي بي سي” في 24 يونيو 2006 أعلن أنه سيرشح نفسه للانتخابات في شهر سبتمبر لأنها إرادة الشعب على حد تعبيره.
حاول صالح 2007 توطيد حكمه بتعيين أقاربه في مناصب عسكرية متعددة لضمان ولاء المؤسسة.
تزامنت الاحتجاجات مع ثورة يناير المصرية وكانت بسيطة في البداية ومقصورة على الشباب الصغار ولم يشترك أي من أحزاب المعارضة التقليدية وتم قمع التجمعات الأولى بقوة السلاح من قبل الأجهزة الأمنية.
تزايدت أعداد المتظاهرين وبلغت ذروتها في شهر فبراير لعام 2011 وقمعت الأجهزة الأمنية الاحتجاجات السلمية، وقُتل ما يقارب 52 متظاهر سلمي برصاص قناصة في 18 مارس.
أعلنت الأحزاب المعارضة دعمها للثورة بعد تصاعد الاحتجاجات في صنعاء وتعز وعدن والمكلا وتصف نيويورك تايمز أحزاب المعارضة في اليمن بأنها كانت تتفرج من “الرصيف” حتى كبرت الثورة فانضموا إليها.
تزايدت أعداد المتظاهرين رافضة أي نوع من الحوار مع صالح دون تنحيه بلا شروط من رئاسة البلاد، تمسك صالح بالسلطة ووصلت أعداد المتظاهرين في مدينة صنعاء وحدها إلى نصف مليون متظاهر ووصل عدد القتلى بين المتظاهرين من فبراير 2011 إلى أكتوبر إلى قرابة 1500 ووصل العدد إلى ألفين قتيل في فبراير 2012.
تعرض صالح لمحاولة اغتيال في 3 يونيو 2011 بعد حشد أنصاره في جمعة أسموها جمعة الأمن والأمان، في الوقت الذي اسماها شباب الثورة والمعارضون جمعة الوفاء لتعز الصمود، تمت محاولة اغتيال الرئيس اليمني في مسجد دار الرئاسة، إثر انفجار قنبلة داخل المسجد بالقصر الرئاسي.
وفق التقارير الرسمية، أصيب صالح بحروق بالغة وظهر بعد الحادث بفترة قصيرة عبر مكالمة مع التلفزيون اليمني يشير فيها إلى سلامته من الحادث وبدى الإعياء ظاهرًا على صوته واتهم “آل الأحمر” (زعماء حاشد) بالوقوف وراء الحادث ونفى صادق الأحمر الاتهامات توجه علي عبد الله صالح للسعودية وظهر في بث تلفزيوني من قصر الضيافة بالمملكة السعودية عقب نجاح العمليات وظهر بوجه محروق.
هدأت المظاهرات بعد توقيع “المبادرة الخليجية” والتي نصت على تسليم سلطات الرئيس للمشير عبد ربه منصور هادي ومنح صالح حصانة من الملاحقة القانونية.
أثار قرار الحصانة الذي أقره البرلمان اليمني، حفيظة شباب الثورة الذين لا ينتمون لأحزاب والمؤسسات الدولية بحجة مخالفتها للدستور اليمني الذي يقر محاكمة رئيس البلاد وأعضاء الحكومة ما توجب ذلك دون امتيازات خاصة.
دخلت البلاد موجة من العنف فقد سلم صالح السلطة رسميًا عقب توقيع المبادرة وبقي أبناؤه على رأس الأجهزة الأمنية في البلاد واستمر صالح بممارسة عمله السياسي كرئيس لحزب المؤتمر الشعبي العام وتصفه الصحف الموالية بالـ “زعيم” ووجهت له اتهامات من الأمم المتحدة وعدد من السفارات الغربية بمحاولة عرقلة الفترة الانتقالية هو وأبنائه وأقاربه، ولا زال يمارس عمله كسياسي بل ظهر في مهرجان احتفالي امام حزبه حزب المؤتمر الشعبي العام في 27 فبراير 2013 مظهرًا دعمه وتأييده لعبدربه منصور هادي داعيا اليمنيين إلى “طي صفحة الماضي والنظر إلى مستقبل بتفاؤل” على حد تعبيره بعد ثلاث وثلاثين عامًا من حكمه بقي اليمن على ما كان عليه منذ 1978.