أكد الكاتب الصحفي المصري «ياسر رزق» رئيس مجلس إدارة مؤسسة أخبار اليوم المصرية أن «الأمن الاجتماعي» يمثل تهديدا حقيقيا أمام استقرار الأوضاع في مصر ويمكن أن يقود في نهاية الأمر إلى «انتفاضة خبز»، ومن ثم لابد من وجود برامج اجتماعية للمواطن من أجل أمن النظام الجديد مشيراً إلى أن التحدي الأمني هو التحدي الأصعب أو التهديد الأكبر أمام الدولة في مصر .
وفيما اعتبره البعض شكلاً من أشكال الاستجداء باسم الحكومة المصرية على لسان أحد أبرز الإعلاميين الداعمين للانقلاب العسكري في مصر، أكد «رزق» في جلسة حوارية نظمها مركز المستقبل للأبحاث والدراسات المتقدمة في أبوظبي ـ المدعوم سياسيا وماليا من ولي عهد أبوظبي الشيخ «محمد بن زايد» ـ أكد أن الرهان قائم على تقديم مساعدات استباقية قبل رفع الدعم كاملاً، وتنفيذ برامج متزامنة مع زيادة الدعم للفئات المهمشة.
وأوضح أن النظام القائم يمكن أن تستمر شرعيته وشعبيته إذا لم يقم باستنساخ نظام مبارك مجدداً، ومحاسبة الفساد والتربح غير المشروع، على أن يوازي ذلك المضي قدماً في إقامة مشروعات كبرى إضافية إلى جانب مشروع قناة السويس الجديدة، وبما يعطي للناس أملاً في غد أفضل.
وأضاف «رزق» أن التحديات الاقتصادية والتدهور الاجتماعي أخطر من الإرهاب كونهما مهددين داخليين كامنين، خاصة في ظل رفع الدعم، وقرب تطبيق المرحلة الثانية من رفع الدعم عن الوقود والكهرباء بالتبعية من أجل توجيه ميزانية أكبر للصحة والتعليم والبحث العلمي وفقاً للدستور الجديد ، وهو الأمر الذي سوف يلقي بظلال من الصعوبة والضغط على الطبقات الوسطى والفقيرة.
وتوقع رزق أن تأتي الانتخابات بالشخصيات العامة أو أسر معروفة وراسخة في الشأن العام، ولا يتوقع أن يحصل النواب السابقون على مقاعد في البرلمان القادم إلا بنسبة ضئيلة جداً بسبب اعتماد نظام الانتخابات البرلمانية لنسبة 80% للفردي، 20% للقوائم، وفي مقابل ذلك، هناك إغفال كبير للانتخابات المحلية على الرغم من أهميتها، لأنه يمكن من خلالها أن يتسلل «الإخوان» وبعض السلفيين ليعودوا مرة أخرى بعد خمس أو عشر سنوات قادمة وفقاً لقوله.
أما عن قضية الحريات والديمقراطية، أكد رزق حاجة الإعلام المصري إلى قدر من التنظيم، خصوصاً مع تراجع الذوق العام وتمتع المناخ الإعلامي بحرية كبيرة تكاد تكون مفرطة وغير مسؤولة!
ويرى «ياسر رزق» أن حق التظاهر، يجب أن يؤجل حتى تستقر الأوضاع الأمنية ، وأن يتم التعامل مع التظاهرات بذكاء شديد، بما لا يسمح بتحويلها لنافذة للإخوان المسلمين لاستخدامها ، مطالبا في الوقت ذاته بضرورة احتواء الشباب الثائر وعدم التعامل معه بقسوة، بمعنى أن ثمة ضرورة لوجود انتقائية وذكاء أمني في التعامل مع التظاهرات.
واعترف «رزق» بعدم وجود أحزاب سياسية قوية تلعب دوراً فاعلاً وقوياً في المستقبل القريب، لكنه أكد على حاجة المجتمع لخوض تجارب تداول للسلطة حتى يصل لحالة النضج السياسي، على أمل أن تعزز الأحزاب دورها لأن هذا سيكون إضافة كبيرة لتعزيز المناخ الديمقراطي في مصر.
وحول ما يعتبره البعض بأن مصر تواجه إرهابا في سيناء أشار «رزق» إلى قضية الإرهاب التي تواجه الاستقرار الأمني في مصر، وتؤثر على المجتمع بوجه عام، حيث يرى أن مشكلة الإرهاب إجمالاً ليست وليدة نظام الإخوان، فهي سابقة عليه بسنوات طوال، مع إهمال نظام «مبارك» لمنطقة سيناء، وتراجع سلطة الدولة عليها، وإخفاق الدولة في توفير الخدمات الأساسية لسكانها، وتركها للجماعات المتطرفة التي توغلت في المنطقة.
واتهم «ياسر رزق» الرئيس المعزول «محمد مرسي» ضمنيا بدعم الإرهاب وقال: «إن دعم نظام مرسي للتطرف بشكل أو بآخر في مصر قد فاقم، بل ودعم الإرهاب، وزاد من حدته، وبارك وجوده، وسمح بظهور العناصر المتشددة على الساحة السياسية، هذا فضلاً عن علامات الاستفهام التي تحيط ببعض القرارات والحوادث التي تمت في عهد الرئيس مرسي، ولعل أهمها حادثة رفح الأولى في أغسطس 2012».
وعرج «رزق» إلى نظرة السلطات المصرية الحالية للتعامل الأمني مع قضية الإرهاب في شبه جزيرة سيناء، عبر مجموعة من التغيرات التكتيكية ، ومن المتوقع استكمال عمليات إخلاء السكان لمساحات أكبر من ذلك، حتى تتمكن قوات الأمن من مواجهة العناصر الإرهابية بمرونة أكبر من دون التكبل بالحذر اللازم من أجل الحفاظ على حياة سكان قرى رفح , تمهيداً لتنفيذ خطط المنظومة الأمنية بواسطة الأجهزة عالية التقنية الخاصة بأعمال المراقبة والرصد.
وأشار «رزق» إلى أن هناك إمكانية لإنهاء الإرهاب في سيناء من خلال إطلاق النيران الكثيف، ولكن يقابل هذا الخيار وقوع بعض الضحايا، وهو ما يراعيه الجيش المصري تماماً، ومن ثم آثرت أجهزة الدولة انتهاج سياسة «النفس الطويل».
من ناحية أخرى، أشار إلى ضرورة تطوير تكتيكات خاصة لمواجهة خلايا الإرهاب في سيناء، فما يحدث هو أن هناك جيشاً نظامياً يقابل حرب عصابات، ومن أجل التعامل الفعال لابد من استخدام ذات التكتيك، من خلال الاستعانة بالقوات الخاصة ذات الحركة الخفيفة والاستغناء عن المعدات الثقيلة ، وفي مقابل صعوبة «حروب العصابات» في سيناء، تأتي سهولة مواجهة «داعش» في بلدان أخرى لأنها تستخدم تكتيكات الجيش النظامي، ولكن تكمن المشكلة في الحرب غير المتناظرة وعنصر المفاجأة وامتلاك الإرهابيين زمام المبادرة في بعض الأوقات بالنظر لطبيعة هذه الحرب.
وحول منهجية تعامل نظام السيسي مع «الإخوان»، فيرى «ياسر رزق» أهمية القضاء على التنظيم، وعدم السماح له بإعادة إنتاج نفسه مرة أخرى، بمعنى عدم مشاركته السياسية، مع السماح لأعضائه من الشباب، إذا أرادوا ممارسة السياسة، والاندماج مع أية أحزاب أو حركات سياسية أخرى.
وحول سبل القضاء على تنظيم الإخوان فصل «ياسر رزق» رأيه في السياسة الأمنية الحالية القائمة على ستة محاور من خلال:
ـ كسر إرادة الإخوان، وليس الاكتفاء بهزيمتهم، فكسر الإرادة يعني قناعة داخلية بعدم جدوى محاولات إعادة التنظيم وعدم قدرتهم على ذلك.
ـ تحطيم قدرة التنظيم على إعادة هيكلة نفسه، وهدم أي أمل بالعودة مرة أخرى وملاحقة التنظيم الإخواني الموازي والذي يعمل في الظل أو السر.
ـ إطلاق أحكام قضائية سريعة وتنفيذها، بمعنى تحقيق العدالة الناجزة.
ـ التعامل مع تظاهرات الإخوان بأقصى ما يسمح به القانون.
ـ تطهير مؤسسات الدولة الحيوية من عناصر الإخوان، خاصة المؤسسات الحساسة والحيوية، مثل قطاع الكهرباء على سبيل المثال.
ـ عدم السماح باستمرار وجود بعض الشباب داخل السجون، وإعادة النظر في اعتقالات الشباب الذي لم يرتكب مخالفات كبيرة، وضرورة التصالح مع جيل الشباب بشكل عام وعدم إيجاد خصومة مع شباب الدولة.
يذكر أن « ياسر رزق» بدأ حديثه بالإشارة إلى أهمية أحداث ”ثورة 30 يونيو“ بحسب وصفه، ولم يأت على ذكر ثورة 25 يناير ، واعتبر «رزق» أحداث يونيو إنجازاً كبيراً وفر على الدولة المصرية الوقوع في عدة مخاطر كانت متوقعة في ظل حكم جماعة الإخوان المسلمين، وبالتالي فأي عقبات أو صعوبات حالية يمكن تجاوزها مع الوقت والإدارة الجيدة، مقارنة بما كان يمكن عليه الوضع لو استمر «الإخوان» في الحكم أكثر من ذلك.