قالت صحيفة تركية، الاثنين، إنه من المحتمل أن تنظر المملكة العربية السعودية لحزب الإصلاح في اليمن بنظرة مختلفة عن الإخوان في العالم، بعد سيطرة الحوثيين على البلاد.
وقالت صحيفة (وورلد بوليتين) التركية في تقريره عن اليمن بعنوان (الأزمة اليمنية أول اختبار لملك السعودية) أن الاضطرابات التي تضرب اليمن ستضع ملك السعودية الجديد سلمان بن عبدالعزيز في أول الاختبارات الكبرى وستقدم لمحة أيضا ما إذا كان نهجه في تفتيت المنطقة سيختلف عن سابقه الملك عبدالله بن عبدالعزيز.
وأشار الموقع إلى أن اليمن يهددها شبح الانقسام مع صعود الحركة الحوثية، الجماعة التي تتحالف بشكل رئيسي مع إيران المنافس الإقليمي اللدود للرياض، في بلد هو أيضا معقل لأحد أكثر أفرع تنظيم القاعدة نشاطا وهو (تنظيم القاعدة في شبه الجزيرة العربية).
وأضاف: ومن هذا المنطلق، فإن اليمن تعكس ما يحدث في شتى أنحاء الشرق الأوسط، مع هيمنة حلفاء طهران الشيعة في العراق وسوريا الممزقتين بفعل الحرب، ومحاولة السعودية دعم الجماعات السنية هناك، فتحت حكم عبدالله، التزمت السعودية بسياسة إقليمية ثنائية المسار بمحاولة احتواء النفوذ الإيراني وفي الوقت نفسه معارضة نمو الإسلام السياسي الذي كانت تراه بمثابة تهديدا أيديولوجيا لحكمها الملكي.
ويقول محللون إنه من غير المرجح أن يشهد ذلك التوجه تغيرا، على الرغم أن وصول سلمان لسدة الحكم الملكي السعودي قد يجعله ملزما بتوجه أكثر نشاطا، ومن الممكن أن يتضمن ذلك بذل جهود للتواصل والانخراط مع اللاعبين الإقليميين في اليمن.
السياسة الخارجية في السعودية هي عمل جماعي لعصبة الأمراء الحاكمين، على الرغم من الرأي النهائي يكون للملك، وسلمان كان جزءا لا يتجزأ من فريق عبدالله، وجعل العديد من الأمراء ينضوون تحت لواءه، وقد يكون لدى سلمان القدرة على أن يولي اهتمامه بالقضايا الكبرى وربما يعني ذلك أن السياسية السعودية ستكون استباقية لاسيما في اليمن.
ويقول مصطفى العاني وهو خبير أمني على صلة قريبة من وزارة الداخلية السعودية “أعتقد أنهم سيذهبون لليمن بوعي أكبر وسيحاولون التواصل مع جميع أطراف الأزمة ولن يقدموا على استثناء أي منهم”.
وبعد عقود من شراءهم لدعم القبائل والساسة ورجال الدين في اليمن، وقف آل سعود يشاهدون شبكتهم وهي تسقط خلال انتفاضة 2011 واﻵن عادت للسياسة الأمنية الدفاعية، أما اﻵن فالرياض تنشأ حدودا قوية لعزل نفسها عن جارتها المضطربة اليمن وقامت بقطع التمويل عن صنعاء على أمل أن يقنع ذلك في نهاية المطاف حُكامها الجدد بتسوية الأمور.
خبرة خارجية
الأمير مقرن، الذي كان رئيسا للاستخبارات السعودية من 2005 إلى 2012 وأمه يمنية ونائب ولي العهد ووزير الداخلية محمد بن نايف، كانا على صلة وثيقة بالسياسة الخارجية للسعودية فيما يتعلق باليمن، والأمير محمد لا يعمل مع صنعاء ضد القاعدة فحسب، بل يقوم أيضا بتعزيز الدفاعات الحدودية لبلاده.
وإذا كانت سياسة السعودية في التعامل مع اليمن ستتم بأن تكون استباقية بشكل أكبر، فقد يعني ذلك التواصل مع الرئيس الأسبق علي عبدالله صالح وحزب الإصلاح (المنتمي للإخوان المسلمين)، وقد يكون سلمان أقل قلقا حيال حزب الإصلاح ما سينجم عنه تعديل موقف الرياض حيال شريكها الوحيد المحتمل داخل اليمن.
لكن ثمة شيء آخر، فأي تغيير في التوجه السعودي تجاه حزب الإصلاح سيكون مراقبا عن كثب من قبل الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، الذي سحق بلا رحمة الإخوان المسلمين من خلال الصخب الذي صنعه للملك عبدالله وسعيه المستمر وراء الدعم الاقتصادي الذي توفره له السعودية.
وعلى الرغم من ذلك، فالسعودية ترى الحياة السياسية داخل اليمن مختلفة عن بقية دول المنطقة، لذا فإن سلوكها تجاه الإصلاح أو الحوثيين قد لا يعكس مواقف أوسع حيال الإخوان أو إيران، ويقول برنارد هيكل أستاذ دراسات الشرق الأدنى في جامعة برينستون الأمريكية “لا أعتقد أن سياستهم تجاه اليمن هي انعكاس لسياستهم تجاه العالم، فاليمن هي الساحة الخلفية للسعودية”.
هناك احتمال قليل بأن ينحسر الصراع الإقليمي مع إيران على الرغم من الزيارات القصيرة لوزير الخارجية محمد جواد ظريف يومي الجمعة والسبت الماضيين لجنازة الملك عبدالله وتقديمه واجب التعازي، أما الرئيس حسن روحاني فقد دفع من أجل تحسين العلاقات بين البلدين، الذين كان التنافس بينهما هو العامل الأساسي في صراعات منطقة الشرق الأوسط.
لقد هاجمت طهران وزير خارجية السعودية الأمير سعود الفيصل لتعليقاته اللاذعة حول السياسة الإيرانية داخل سوريا ويقول دبلوماسيون إن إيران تراه المتشدد الذي يعرقل التصالح بين البلدين، بيد أن سعود لا يضع السياسة الخارجية لبلاده بمفرده وعلى الرغم من أهمية آراءه فهو مجرد فرد ضمن مجموعة من الأمراء، الذين يتشاركون في الأمر، ويتم عرضه على الملك لإبداء رأيه النهائي.
أبرز الشخصيات في عائلة آل سعود ترى أن استمرار الدعم الإيراني للرئيس السوري بشار الأسد هو عائق أساسي أمام إقامة علاقات ودية بين البلدين والأزمة في اليمن زادت الطين بلة وزادتهم تشددا ضد دعوة إيران للمصالحة، ويقول هيكل “إن سلمان يتخذ موقفا متشددا ضد إيران، وسيكون على الإيرانيين بذل المزيد من الجهود لتغيير سياسته تلك”.