مجتمع غزة، محافظ بطبعه، حيث لا ثقافة هناك تعلو فوق ثقافة المقاومة، تحارب الشرطة هناك ما تعتبره انحرافات أخلاقية كشرب الخمور والمخدرات، لكن في الضفة الغربية يختلف الأمر تماما، حيث تنتشر حانات شرب الخمور والمراقص، وينظر طلاب الجامعات إلى الكحوليات على أنها “موضة” فينظمون حفلات خاصة للشراب، بل ويحتسونه داخل الحرم الجامعي.
كان هذا ملخص تقرير بعنوان “سالسا وزنا وكحول..حياة الليل الصاخبة في رام الله” نشره موقع” ميدل نيوز” الإسرائيلي عن أماكن اللهو في الضفة الغربية والتي تنتشر على وجه الخصوص في مدينة رام الله القديمة ذات الغالبية المسيحية، حيث قاعات الرقص والحانات، التي يرتادها مسلمون ومسيحيون على حد سواء، من الطبقة الوسطى الفلسطينية.
إلى نص التقرير..
تحظى الحانات والنوادي وباقي أماكن اللهو المرغوبة في رام الله القديمة بإقبال شديد ليس فقط من قبل المسيحيين، كذلك يعمل المسلمون ويلهون هناك، وليس بعيدا عن هناك تقام في حفلات صاخبة لاحتساء الخمور في نزل الطلبة.
من هي المرأة الأكثر شهرة بمدينة رام الله؟ الإجابة بسيطة: أنيسة. ليس بسبب إنجازاتها الدراسية، والمهنية أو السياسية، بل بسبب الحانة وقاعة الرقص الشهيرة التي تملكها. ويقع هذا النادي الذي يحمل اسم “بيت أنيسة” في حي عيد منجد برام الله.
حيت تقتربون للمكان، ستجدون في المنطقة مجموعة من رجال الأمن يعملون في شركة حراسات خاصة. وفي المدخل تتجول نساء بانتظار أن يأتي زبون ويختار واحدة منهن لقضاء الليلة معها. لكن “بيت أنيسة” ليس بيت دعارة، بكن حانة ومطعم، يتحول بعد الساعة 11 مساءً إلى نادي رقص صاخب، يكسب منه الكثير من الناس رزقهم. السكان في محيط المكان يبدون غضبهم من الضوضاء المتزايدة وقدموا شكاوى في هذا الشأن لبلدية رام الله.
حانات من هذا النوع موجودة في عدة أماكن برام الله. تتركز غالبيتها في منطقة “رام الله القديمة”. ذات الأغلبية المسيحية. لكن هذا لا يعني أن زبائن تلك الحانات مسلمون فقط. فرغم أنه يسمح في رام الله بمنح رخصة بيع الخمور للمسيحيين فقط، فليس بالضرورة أن يكون العاملون والزبائن في تلك الحانات هكذا.
قال محمد ( اسم مستعار)، وهو نادل شاب يعمل في المطعم والحانة بمنطقة رام الله القديمة، لموقع “صوت فتح” بالعربية:” أنا هنا لأن العمل ممتع والراتب مجزي. انظر حولك. يريد الناس أن يفرحوا قليلا، ولو لساعات معدودة”. ويقام في الحانة التي يعمل بها محمد كل ثلاثاء أمسية سالسا يتعلم فيها الزبائن الرقصة المشهورة.
في إحدى الحانات اعتاد أحد الموظفين الحكوميين- طالب عدم الكشف عن اسمه- أن يلهو. فبعد انتهاء دوامه في العمل يأتي للنادي، كي يضع الفحم لمدخني الشيشة. يسأل مستنكرا: “هل تعتقدون أن بإمكاني العيش دون هذا العمل الإضافي؟. بالمناسبة، تنشر بلدية رام الله يوميا بيان في الإذاعة الفلسطينية يأتي فيه:” مستمعينا الأعزاء. تدعو بلدية رام الله كل المعنيين بالحذر وعدم السماح ببيع المشروبات الكحولية لمن لم يبلغ السن القانوني”.
ينحدر الزبائن الأساسيون للحانات الشهيرة بالمدينة من الطبقة الوسطى الفلسطينية. مع ذلك، فإن طلاب الجامعات الذين لا يملكون ما يكفي من المال لزيارة تلك الحانات بشكل مستمر، يجدون لأنفسهم بدائل كالسفر إلى بير زيت. فهناك في المنطقة ذات الأغلبية المسيحية أيضا، الكثير من نزل الطلبة التي تضج بالحياة والخمور.
الطالب” أ.ت” قال لـ”صوت فتح” أن هناك قاعدة غير مكتوبة تتعلق بالخمور في بيرزيت هي أنه لا توجد شقة واحدة في بيرزيت تخلو من حفلات شرب الخمور”. في هذه الحفلات يتم توزيع مشروبات رخيصة تتنوع بين التكيلا والجن، وخلطات قوية ذات تأثير كبير.
من يحاول الغوص عميقا في هذا العالم، يكتشف أن الأمر لا يتعلق فقط بالطلاب في بيرزيت، بل بكل الجامعات بالضفة الغربية. فالطلاب يتناولون الخمور حتى داخل الحرم الجامعي في سرية، بعد مزجه بمشروبات عادية. في بداية العام الماضي قدمت عائلات من بيرزيت شكاوى لرئيس البلدية حول “الانتهاكات غير الأخلاقية” التي تقوم بها ثلاث مطاعم بالمدينة. وصل الأمر إلى وقفة احتجاجية تدعو لإغلاقها.
تحول شرب الخمور إلى موضة بين الشباب الفلسطينيين. الأمر لا يتعلق فقط بمجموعة معينة تنتمي لتيار سياسي معين. يساعد على ذلك حقيقة أن الحكومة لا تحظر شرب الكحول وتكتفي بفرض ضرائب باهظة على المشروبات الكحولية- ما يمثل بالنسبة لها مصدر دخل محترم. مع ذلك ما زال من غير المقبول في المجتمع الفلسطيني شرب الخمور علانية وبحرية.