جاءت التغييرات التي أجراها الملك الجديد للمملكة العربية السعودية، الملك سلمان بن عبد العزيز في دائرة الحكم العليا، مثيرة لكثير من التكهنات حول تأثيراتها على السياسة الخارجية للمملكة في العهد الجديد، خاصة فيما يخص الشأن المصري، حيث كان يعتبر الملك الراحل من أكبر الداعمين للانقلاب العسكري في مصر ولقائده الجنرال عبد الفتاح السيسي.
تمثيل ضعيف للإمارات في الجنازة
ووفق موقع “شؤون خليجية” أبدى مراقبون اهتمامًا كبيرًا بدلالة التمثيل الإماراتي الضعيف في جنازة الملك الراحل، حيث لم يشارك نائب رئيس الدولة حاكم دبي، الشيخ محمد بن راشد، ولا ولي عهد أبو ظبي نائب القائد الأعلى للقوات المسلحة، محمد بن زايد في مراسم التشييع والصلاة، في حين حضر مشايخ إمارات عجمان والشارقة ورأس الخيمة.
وأشار المراقبون إلى أن عدم وجود نائب رئيس الدولة وولي عهد أبو ظبي يرجع إلى وجود خلافات بينهما حول مستوى التمثيل في الجنازة، بسبب إصرار بن زايد على عدم حضور محمد بن راشد للجنازة، والاكتفاء بحضور حكام الشارقة وعجمان ورأس الخيمة.
وكان المغرد الإماراتي الشهير، زايد، قد قال في تغريدة له عبر موقع التواصل الاجتماعي، تويتر: “#وفاة_الملك_عبدالله، خسارة لـ #محمد_بن_زايد الذي راهن على تولي متعب الحكم خلفًا لوالده ومن ثم بسط نفوذه على المملكة”، مما اعتبره دلالة على عدم رضا محمد بن زايد عن التغيير الذي أحدثه الملك الجديد للمملكة، خاصة بعد تعيينه للأمير محمد بن نايف وليًا لولي العهد.
عداء قديم ابن زايد يصف ابن نايف بالقرد
ويعرف عن الشيخ محمد بن زايد عداؤه الشديد لولي ولي العهد الجديد في السعودية، الأمير محمد بن نايف، ولوالده الراحل الأمير نايف بن عبد العزيز، ولقد أظهرت ذلك وثائق ويكيليكس، التي قالت في تسريبات لها في مارس الماضي: إن محمد بن زايد وصف الأمير نايف بـ “القرد”، حيث قال لمدير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ريتشارد هاس، في عام 2003، وهما يتحدثان عن الأمير نايف: “إن أخلاقياته وتصرفاته أقنعتني بنظرية داروين التي تقول: إن الإنسان يتطور من الأسفل إلى الأعلى”.
ابن زايد يصف الشعب السعودي بالمتخلف
وقام محمد بن زايد، حسب تسريب آخر لويكيليكس، بسب الشعب السعودي واصفًا إياه بالتخلف، حيث قال: “إن شعبًا لا يستطيع 52 % منه قيادة السيارة هو شعب متخلف”، في إشارة إلى منع الحكومة السعودية للسعوديات من قيادة السيارة، مما يوضح رأيه في قضية قيادة المرأة للسيارات في المملكة وتبنيه لها، خاصة مع أزمة الناشطتين لجين وميساء اللتين اعتقلتا من الحدود الإماراتية السعودية، بعد أن سمحت لهما الإمارات باستخراج رخص للقيادة وأعطتهما ختمًا للخروج للسعودية وهما تقودان سيارتيهما، ما اعتبره مراقبون محاولة من الإمارات في المساهمة في تشويه صورة محمد بن نايف أمام الشعب السعودي.
صحوة السديريين أفقدت متعب الحكم
ويؤكد مهتمون بالشأن السعودي، أن علاقة محمد بن زايد مع نجل الملك السعودي الراحل، الأمير متعب بن عبد العزيز، كانت وثيقة، كما أنه كان يدفع باتجاه توريث الحكم من الملك الراحل إلى ابنه عبر الأمير مقرن بن عبد العزيز، ولي العهد الجديد، إلا أن انقلاب السديريين الناعم حرم متعب ومن خلفه محمد بن زايد من تلك الفرصة لصالح محمد بن نايف.
إلى ذلك أوضح الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، أن الارتباط كان قويًا بين خالد التويجري رئيس الديوان الملكي للملك الراحل، وزملائه من المحافظين الجدد في منطقة الخليج، وعلى رأسهم في الإمارات محمد بن زايد، ولي عهد أبوظبي، حيث كان أول قرار للملك الجديد الإطاحة به من منصبه، وتعيين ابنه الأمير محمد بن سلمان رئيسًا للديوان الملكي.
الشأن المصري وغياب السيسي عن الجنازة
إلى ذلك لفت مراقبون إلى أن إعلان الجنرال عبد الفتاح السيسي، رئيس السلطات الانقلابية في مصر، قطعه زيارته لمنتدى دافوس وحضوره الجنازة، قبل أن يعود ويتراجع بدعوى سوء الأحوال الجوية، يعتبر واهيًا مشددين على أن الإعلان جاء بعد إعلان عدم حضور ولي عهد أبو ظبي ونائب رئيس دولة الإمارات للجنازة.
تصالح مع الإخوان
من جهته أشار الكاتب البريطاني، ديفيد هيرست، في مقال له أمس، إلى أن الملك الجديد وحاشيته، يتخذون اتجاهًا مختلفًا نحو الشأن المصري، مما اتخذه الملك الراحل وسكرتيره الخاص، خالد التويجري، وابنه متعب بن عبد الله، حيث أكد أن مستشارين للملك الجديد، تواصلوا مع مصريين ليبراليين على صلة مع جماعة الإخوان، التي كان قد أعلنها الملك الراحل جماعة إرهابية، بهدف إجراء مصالحة مع الإخوان وتهدئة الأجواء في مصر بعد أكثر من عام ونصف من الانقلاب العسكري.
الخطر الإيراني سبب التصالح
من جهة أخرى أشار معهد ستراتفور للاستخبارات، إلى أن المملكة ستشهد خلال عام 2015، إعادة تنظيم علاقاتها بمن وصفهم بـ”الحركات الإسلامية في المنطقة وعلى رأسها الإخوان، واتجاهها في عملية غير منظمة نحو قبول أوسع لحركات الإسلام السياسي المعتدلة مثل الإخوان المسلمين، لتقويض النفوذ الإيراني في الشرق الأوسط وتوغل الجهاديين، وإيجاد حل للصراع في سوريا والعراق وليبيا ومصر، وذلك بالتفاهم مع الإخوان والتفاوض مع قطر وتركيا”.
وتأتي تلك التكهنات بعد أقل من 48 ساعة من وفاة الملك الراحل، مما يثير تساؤلًا كبيرًا حول السياسة الخارجية للمملكة العربية السعودية في العهد الجديد، مع ثقلها الاقتصادي والسياسي المؤثر بشكل كبير في سياسات المنطقة خاصة والعالم بشكل عام.