لقد كانت هناك معارضة من غالبية أصدقائي بسبب كتابة هذا المقال، ما جعلني أتردد بشدّة قبل تسليمه للنشر. لكنه بالنظر إلى خدمات الملك «عبد الله بن عبدالعزيز» التي قدمها حفاظًا على السلام واليهودية في المنطقة، فإنني لا أؤيد وجهة نظر أصدقائي بالسكوت الذي يبرره البعض بضرورة التحفظ العميق من أجل الحفاظ على الحلفاء الباقيين في منطقة الشرق الأوسط.
«آل سعود» – العائلة المالكة في المملكة – وخاصة الملك «عبد الله بن عبدالعزيز» أحد أبرز مؤيدي السلام الرئيسيين في الشرق الأوسط، ورحيل هذا الرجل العظيم سيكون بمثابة خسارة جسيمة بالنسبة لإسرائيل وللمنطقة ككل، كما أنّ سد الفراغ الذي ظهر برحيله قد يحتاج إلى سنوات من الجهود.
ولا يمكن إنكار دور الملك في منع تشكيل جبهة إسلامية – عربية مُوحدة لزعزعة السلام في المنطقة ضد إسرائيل.
وبعد مقتل الشيخ «أحمد ياسين»؛ كان الملك «عبدالله» هو الرجل الوحيد القادر على تهدئة الرأي العام في المنطقة. وتمّ استئناف مفاوضات السلام – بمشاركة حماس وفتح – بفضل جهوده؛ حيث نجح في السيطرة على الجماعات المتطرفة.
وسوف يكشف التاريخ عن خدمات هذا الرجل العظيم في حفظ السلام العالمي واليهودية، ورغم ذلك فإنه لا يمكنني التطرق إلى مزيد من التفاصيل بشأن دوره في المنطقة.
ولا يستطيع أي محلل سياسي أن ينكر دور الملك في حماية أمن الطاقة في العالم، مع الاعتماد على القوات متعددة الجنسيات وكبح جماح الجماعات الإسلامية المتطرفة.
وليس هناك شك في أن كبح جماح المتطرفين الإسلاميين في السنوات الأخيرة هو نتيجة إيمان حقيقي من الملك «بالحفاظ على السلام والهدوء بين اليهود والمسلمين في المنطقة».
لقد أرسل جلالة الملك مُمثليه إلى تل أبيب عدة مرات، وقدّم دعمًا ماليًا لا يُقدر بثمن لإحلال السلام في فلسطين، ودعم «عرفات» والفصائل الفلسطينية المحبة للسلام لتتصدى للجماعات الإسلامية المتطرفة.
تغيير خطة الأردن إلى وجهة بديلة للفلسطينيين كان بتدخله وإصراره شخصيًا، وكان لديه اعتقاد أن تل أبيب والرياض يمكنهما تنفيذ هذه الخطة بالمثابرة والتسامح.
ربما لم يسمع بعض المواطنين – الذين ليسوا على دراية بالقضايا السياسية – عن ما قام به الملك «عبدالله بن عبدالعزيز» من دورٍ في إحلال السلام الدائم في المنطقة، والحفاظ على التناغم في فلسطين، ومساهمته بالنفقات في بناء بعض المستوطنات الإسرائيلية؛ والتي تستخدم بشكل مريح من قبل المستوطنين الإسرائيليين.
وعلى الرغم من أنه كان لدينا بعض المساهمات في تعزيز موقفه لإدارة حكومته والقضاء على منافسيه في بيت «آل سعود»، لكن ما قام به من خدمات لإسرائيل لا يُقارن به شيء.
فعلى سبيل المثال؛ تحالفه وتعاونه مع إسرائيل لاحتواء الاضطرابات في مصر عن طريق دعم «حسني مبارك»، وإدارة التطورات لإعادته إلى السلطة لهو جدير بالإعجاب.
وكان الملك «عبد الله» الراعي الرئيسي لإسرائيل ضد الفشل الاستراتيجي للولايات المتحدة في دعم «محمد مرسي»، ما تسبب في إحلال السلام والأمن النسبي إلى مصر وكبح جماح الإخوان المسلمين المتطرفين.
ولا يُمكن تجاهل أدائه الرئيسي في حفظ التوازن في العراق وسوريا ولبنان، ومنع الجماعات المشبوهة والخارجة عن السيطرة من تهديد أمن إسرائيل.
ويمكننا أن نقول بدون تحفظ أو تردد إنه يدعم إسرائيل بقوة مُقارنة بقادة أوروبيين آخرين.
ولهذا السبب؛ فإنه من واجبنا أن نعلن عن عميق حزننا لرحيل هذا الأخ المسلم اليهودي، كما علينا أن نسجّل خدماته في التاريخ.
ربما لن يتمكن الرئيس الإسرائيلي أو رئيس الوزراء «بنيامين نتنياهو» من حضور مراسم تأبينه – وهذا قرار صائب بلا شك – ولكن من المتوقع أن يقوم كبار المسئولين الإسرائيليين بإقناع الرئيس «باراك أوباما» بإشراك بعض الممثلين عن اليهود وإسرائيل في هذه المراسم على أن يتمّ تمجيد خدمات الملك لإسرائيل خلال مراسم التأبين.
وعلاوة على ذلك؛ فإنه ينبغي حماية أولاد الملك حماية كاملة، فضلاً عن حماية الطريقة التي من شأنها توسيع نطاق هذه الخدمات الرامية إلى تأمين أمن إسرائيل، كما ينبغي الاستمرار في إعطاء الملك قدره ودعم أولاده للبقاء في السلطة.
المصدر | بهادري حريديم – يونا شب
ترجمة: الخليج الجديد