يبدو أن وفاة العاهل السعودي الملك عبدالله بن عبدالعزيز سيكون لها انعكاسات إقليمية مقلقة لبعض الأطراف ليس لتغير متوقع في سياسة الرياض تجاه بعض القضايا الإقليمية فحسب بل لطبيعة صعود بعض الشخصيات داخل نظام الحكم الجديد بالسعودية.
وقد لاحظ مراقبون للشأن الخليجي تغيب ولي عهد ابوظبي الشيخ محمد بن زايد وهو اللاعب الرئيسي في الإمارات لتغييب الحاكم الشيخ خليفة بن زايد – لاحظوا- عدم مشاركته في الجنازة التي حضرها عدد كبير من قادة وحكام العالم في مقدمتهم بالطبع بقية قادة دول مجلس التعاون الخليجي الذين التفوا حول الملك السعودي الجديد في موقف في يفرضه الدين الإسلامي قبل الأعراف والتقاليد العربية عندما يتوفى كبير قوم.
الملاحظة الثانية التي أبداها مراقبون للشأن الخليجي كان كذلك تغيب حاكم دبي رئيس وزراء الإمارات الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم عن المشاركة بالجنازة وهو الرجل الثاني بالإمارات رغم علاقاته الطيبة مع قادة وحكام السعودية والخليج وهو ما أرجعه بعض المغردين من دبي لخلافات نشبت بين الجانبين حول مستوى التمثيل الإماراتي في الجنازة ورفض ولي عهد أبوظبي مشاركة محمد بن راشد والاكتفاء بإرسال حاكم الشارقة في موقف أثار العديد من الاستغراب.
ولعل السؤال الذي طرحه المراقبون للشأن الخليجي .. لماذا كل هذا الغضب المكتوم لدى ولي عهد أبوظبي مِمَّا جرى في السعودية؟! يقول سياسيون أن هذا الغضب العارم الذي أصاب ولي عهد أبوظبي ليس بالطبع لوفاة الملك بل للتغييرات التي تبعت ذلك وهمشت رهانه الأكبر في حكم السعودية.
يقول المغرد الإماراتي الشهير “زايد ” في تغريدة له على تويتر
(@Zayed_04: #وفاة_الملك_عبدالله هو خسارة لـ #محمد_بن_زايد الذي راهن على تولي متعب الحكم خلفا لوالده وثم بسط نفوذه على المملكة).
ربما تحليل المغرد زايد ذلك هو ما يكشف السبب الحقيقي لغضب محمد بن زايد فالرجل راهن كثيرا على تولي صديقه الحميم الأمير متعب بن عبدالله الحكم بعد والده وخطط لذلك كثيرا مع بقية الثلاثي خالد التويجري رئيس الديوان الملكي الذي كان أول قرار للملك سلمان هو الإطاحة به وما تردد عن هروبه خارج البلاد ، لكن صديقه خرج خالي الوفاض تماما من ترتيبة بيت الحكم السعودي الجديدة .
الصدمة الثانية وربما الأصعب لمحمد بن زايد – كما يقول محللون – كانت صعود نجم الأمير محمد بن نايف وتوليه منصب ولي ولي العهد ليكون أول أحفاد الملك عبدالعزيز قربا للعرش السعودي .
غضب الشيخ محمد بن زايد من الإطاحة بصديقه الحميم تحول مع الصدمة الثانية لقلق ليس لضياع حلمه بالهيمنة على المملكة بل خوفا مِن ” نجل أسد الجزيرة ” وأسد الجزيرة هنا هو الأمير الراحل نايف بن عبدالعزيز والذي سبق ووصفه محمد بن زايد في إحدى لقاءاته مع مسؤول أمريكي رفيع ب” القرد” وهو ما فضحته وثائق “ويكليكس المسربة” وسبب التسريب في حينه صدمة في أوساط الشعب السعودي وهم يَرَوْن من يتهكم على ولي عهدهم الراحل المحبوب الأمير نايف بن عبدالعزيز والد الأمير محمد بن نايف ومثله الأعلى.
الفترة القادمة ستشهد العديد من المفاجآت على هذا الصعيد وربما تكشف الكثير من الخفايا والخبايا والمؤامرات التي تمت خلال الفترة الماضية بين الثلاثي “متعب وبن زايد والتويجري” للهيمنة على مقدرات الشعب السعودي وتطويعها لخدمة قضايا ومخططات معينة لا تخدم شعوب ولا أمن المنطقة الإقليمي وربما هذا ما يفسر حالة الحزن التي انتابت أيضا إيران وإسرائيل لمتغيرات ما بعد رحيل الملك عبدالله .