لا زالت قضية الناشطتين السعوديتين لجين الهذلول وميساء العامودي تحظى بتفاعل كبير في الأوساط الحقوقية والسياسية في المملكة، حيث تم اعتقالهما على الحدود الإماراتية السعودية، بسبب قيادتهما للسيارة، والذي يعد أمرا محظورا في المملكة، وإصرارهما على دخول المملكة وهن يقدن سيارتيهما، مما أدى إلى تحويلهما للمحكمة الجزائية في الإحساء، والتي قضت بعدم الاختصاص وحولت القضية إلى محكمة الإرهاب الجزائية المتخصصة بالرياض.
وكانت لجين الهذلول قد أعلنت في الأول من ديسمبر الماضي عبر حسابها في موقع التواصل الاجتماعي، تويتر، أنها قررت عبور الحدود السعودية الإماراتية، حيث نقلت احداث توقيفها على الحدود لمدة تجاوزت 24 ساعة، ومن ثم اعتقالها بشكل مباشر عبر تغريدات متتالية على تويتر، وهو ما استدعى أن تقوم صديقتها الناشطة الإعلامية ميساء العمودي باللحاق بها على الحدود للتضامن معها، حيث تم اعتقالهما معا بعد ذلك.
الدور الإماراتي
تساءل مراقبون حول الدور الإماراتي وراء أزمة اعتقال لجين وميساء في السعودية، حيث استخرجت الفتاتان رخصتي القيادة من الإمارات، كما أنهما قد حصلتا على ختم الخروج من المنفذ الإماراتي على الحدود، متسائلين كيف تسمح الإمارات بذلك وهي تعلم القوانين السعودية التي تمنع قيادة النساء للسيارة.
وأوضح المراقبون أن مسؤولين في دولة الإمارات كانوا يهدفون إلى إثارة تلك الأزمة للنيل من الأمير محمد بن نايف وزير الداخلية السعودي، وتشويه سمعته بين السعوديين بهدف وضع العراقيل أمام طموحاته السياسية باعتباره مرشحا محتملا قويا لوراثة الحكم السعودي بعد وفاة عمه الملك عبد الله بن عبد العزيز بن سعود.
عداء بن زايد مع نايف سبب الأزمة
وتشير تقارير إعلامية إلى أن العلاقة بين وزير الداخلية السعودي محمد بن نايف، وبين ولي عهد أبو ظبي ونائب القائد الأعلى للقوات المسلحة في الإمارات محمد بن زايد ليست جيدة، حيث كان بن زايد قد هاجم الأمير نايف بن عبد العزيز، وزير الداخلية السعودي الأسبق وولي العهد السابق ووالد الأمير محمد بن نايف، ووصفه بكلمات مشينة أثناء مباحثات له مع أحد المسؤولين الأمريكيين.
فقد قالت تسريبات ويكليكس في وثيقة لها سريت في مارس الماضي إن الشيخ محمد بن زايد وصف الأمير نايف بـ “القرد”، حيث قال لمدير مجلس العلاقات الخارجية الأمريكي، ريتشارد هاس، في عام 2003 وهما يتحدثان عن الأمير نايف: “إن أخلاقياته وتصرفاته اقنعتني بنظرية داروين التي تقول بأن الانسان يتطور من الأسفل إلى الأعلى”.
بن زايد يسب السعوديين
كما أن محمد بن زايد، وحسب وثيقة أخرى سربت في نفس التوقيت، وصف السعوديين بالتخلف، قائلا: “إن شعبا لا يستطيع 52% منه قيادة السيارة هو شعب متخلف”، في إشارة إلى منع الحكومة السعودية للسعوديات من قيادة السيارة، مما يوضح رأيه في قضية قيادة المرأة للسيارات في المملكة وتبنيه لها.
وأوضح المراقبون أن محمد بن زايد لا يرغب في أن يكون الأمير محمد بن نايف منافسا محتملا على الحكم في المملكة، خاصة وأنه كان السبب في إبعاد حليفه الأمير بندر بن سلطان من دائرة التأثير في القرار السعودي، خاصة فيما يعلق في ملفات مشتركة مثل التعامل مع الإخوان والملف السوري.
ودلل المراقبون على الدور الإماراتي في أزمة لجين وميساء، بالتصريحات النارية، للمستشار السياسي للشيخ محمد بن زايد واستاذ العلوم السياسية عبد الخالق عبد الله، والذي رفض فيها تحويل لجين وميساء إلى محكمة الإرهاب، منتقدا منع السعودية لنسائها من قيادة السيارة، داعيا إلى تنظيم حملة للضغط على المملكة لإفراج عن الفتاتين
رد ناشطي تويتر والمنظمات الحقوقية
واعتبر المراقبون أن تحويل قضية لجين وميساء من قضية جنائية عادية إلى قضية تتبع محكمة الإرهاب، هو تصعيد من وزير الداخلية السعودي على ما اعتبر تحديا للقانون السعودي، وهو ما أثار ردود أفعال حقوقية واسعة على المستوى الدولي بشكل خاص.
فقد اعتبرت الشبكة العربية لحقوق الإنسان في بريطانيا، أن قرار تحويل لجين الهذلول وميساء العامودي إلى محكمة الإرهاب في المملكة هو عودة للعصور الوسطى والمظلمة، معتبرة القرار مجافيا لكل قواعد العدالة المتعارف عليها، واستمرارا للانتهاكات السعودية لحقوق الإنسان.
فيما نددت منظمة العفو الدولية باعتقال الفتاتين، كما انتقدت قرار مد احتجازهما وتحويلهما إلى محكمة الإرهاب، حيث قالت في بيان لها: إن اعتقال امرأة بسبب قيادتها للسيارة هو أمري غير منطقي وغير مقبول.
وقام ناشطو موقع التواصل الاجتماعي، بمتابعة القضية منذ بدايتها حيث دشنوا هاشتاقين على تويتر لمتابعة أحداث توقيفها على الحدود واللذين جاءا باسم #توقيف_لجين_الهذلول #لجين_على_الحدود ليدخلا في قائمة أكثر الهاشتاقات تداولا على موقع تويتر في وقتها.
وانتقد معظم المغردين عل الهاشتاقين السلطات السعودية لتوقيفها للجين الهذلول، فيما حظيت بحملة تضامن واسعة، حيث نشرت فتيات سعوديات مقاطع مصورة لهن وهن يقدن السيارة داخل شوارع الرياض العاصمة تضامنا معها.
شؤون خليجية