الأناضول – طرح الرئيس عبد الفتاح السيسي، أمام منتدى “دافوس” الدولي، المنعقد في سويسرا، أفكاره حول الدعوة التي أطلقها في احتفالية المولد النبوي الشريف تحت عنوان “الثورة الدينية”، والتي أثارت جدلًا واسعًا في مصر.
وردا على سؤال من مدير جلسة على هامش المنتدي، اليوم الخميس، بشأن دعوة السيسي لتصحيح المفاهيم الإسلامية عبر “ثورة دينية”، قال الرئيس المصري إن “سماحة الإسلام لم تعد واضحة للعالم كله، فخلال 30 سنة مضت، قدمت العمليات الإرهابية شكلًا قبيحًا للإسلام؛ لذا نحتاج أن نتوقف ونقوم بتنقية خطابنا الديني من الأفكار المغلوطة، وهذا لن يحدث إلا بعلماء الأزهر والدين المهتمين بالإسلام؛ لأنهم معنيين بالتعامل مع الخطاب الديني، الذي يجب ألا يصطدم مع العالم، وهذا يتطلب من المسلمين مراجعة الخطاب”.
ونفى السيسي أن يكون هناك علاقة بين مراجعة الخطاب الديني في الإسلام وبين المساس بالعقيدة، قائلاً: “علينا كمسلمين مراجعة الخطاب، وهذا لا علاقة له بالعقيدة، ثوابت العقيدة لا أحد يتكلم فيها”.
وفي مطلع يناير الجاري، أثارت تصريحات السيسي، جدلًا عندما دعا رجال الدين إلى تصحيح المفاهيم الخطأ التي ترسخت في أذهان الأمة الإسلامية، من خلال “ثورة دينية”، موضحًا أن هناك بعض الأفكار تم تقديسها لمئات السنين وأصبح الخروج عليها صعبا للغاية.
الرئيس المصري في تصريحاته، حينها، التي جاءت على هامش الاحتفال بذكرى المولد النبوي الشريف، أشار إلى أن تلك الأفكار تتسبب في معاداة العالم بأسره، قائلًا: “يعني 1.5 مليار مسلم هيقتل الـ7 مليار، علشان يعيشوا، مش ممكن ، احنا في حاجة إلى ثورة دينية”.
واليوم في منتدى دافوس، أكد السيسي، في كلمته، أن “الإرهاب الذي يواجه العالم واحد، ولا يستثني أحدا”.
وقال إن “الملايين التي خرجت في فرنسا، في إشارة إلى المظاهرات التي خرجت الشهر الماضي؛ احتجاجا على مقتل 12 فرنسيا على خلفية نشر صورًا مسيئة للرسول، هي امتداد للملايين التي خرجت في مصر قبل عام ونصف”،في إشارة إلى المظاهرات التي خرجت ضد حكم الرئيس المعزول محمد مرسي في 30 يوليو 2013.
وأضاف: “الدماء التي يسيلها الإرهاب في مصر وفرنسا وسوريا ومالي ونيجيريا لها نفس اللون، ويجب التعاون الشامل مع كافة الجميع لمواجهة الإرهاب وإن اختلف مسمياته”.
وتابع: “يجب حرمان المنظمات الإرهابية من شبكات التواصل الاجتماعي والمواقع الالكترونية التي تتيح لهم باستقطاب فئات جديدة”.
وتطرق السيسي إلى ما قبل 3 يوليو الماضي، قائلاً: “الشعب نزع شرعية الفرد الواحد، ونزع الشرعية ذاتها عمن أرادوا الانحراف بشرعية الشعب والانفراد بها بعيدًا عن العالم وهويته”، في إشارة إلى حكم الرئيس الأسبق محمد مرسي.
وأضاف الرئيس: “الملايين التي خرجت في فرنسا هي امتداد للملايين التي خرجت في مصر.. الإرهاب واحد، لا يجب أن يؤخذ الإسلام السمح بحفنة من فئة قتلة، يجب علينا أن نصلح من أنفسنا حتى لا نسمح لقلة بتشويه حاضرنا وتهديد مستقبلنا”.
وقال السيسي بلهجة حادة: “لن تثنينا معركة الارهاب عن معركتنا الأساسية في بناء مؤسسات الدولة المدنية الحديثة”، في إشارة إلى الانتخابات البرلمانية المقبلة المقرر عقدها في مارس المقبل.
ورداً على سؤال بشأن الدور الذي تخطط له مصر من أجل التوصل إلى حل بين الفلسطينيين والإسرائيليين، قال السيسي إن “مصر كان لها دور محوري دائمًا وكانت الأولى التي خطت خطوات جادة نحو السلام مع إسرائيل” في إشارة إلى معاهد كامب ديفيد.
وضرب السيسي مثالًا باتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل قائلًا: “لم يكن يتصور أحد قبل تحقيق معاهدة السلام (1979) أن يكون شكل السلام بين مصر وإسرائيل بالصورة دي، فإذا حدث بسرعة أننا تمكنا من تحقيق سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين، وشجعنا عليه كلنا، سيكون هناك واقع جديد في المنطقة أكثر من مبدع، لو قدرنا نحققه”.
ومضى: “تصوروا.. لم يكن يتوقع أحدا تصور السادات للسلام، لكن الزمان والتغير والسنين أكدت صواب رؤيته وعبقرية فكرته، وهذا ما أريد البناء عليه”.
وأوضح السيسي أنه لا يمكن اختزال دور مصر في وقف إطلاق النار بين غزة وإسرائيل، لافتًا إلى أنه “كان هناك جهود تبذل حتى لا يتطور الأمر أكثر من ذلك، كما أن مصر ستظل تقوم بدورها وتبذل كل جهودها وتشجع على إقرار سلام حقيقي”.
وتابع: “مستعدون نحن والعالم العربي أن ننظر في كل الأفكار التي تشجع الطرفين الإسرائيلي والفلسطيني على الاقدام على هذه الخطوة وهذا سيحقق واقعا جديدا في الشرق الأوسط لا يتصوره أحد ويؤدي لمزيد من الاستقرار ويقطع الطريق على الفكر المتطرف في المنطقة”.