أثارت التطورات الأخيرة التي يشهدها اليمن، في ظل سيطرة المسلحين الحوثيين على العديد من مفاصل الدولة، واقتحامهم مقر الرئاسة، تساؤلات حول الموقف المصري إزاء انقلاب الميليشيا الشيعية على السلطة بصنعاء، وما إذا كان الرئيس عبدالفتاح السيسي سيكرر سيناريو التدخل المصري في اليمن، كما حدث في ستينات القرن الماضي إبان حكم الرئيس جمال عبدالناصر.
ودأب السيسي في أكثر من مناسبة على إطلاق تصريحات يتعهد فيها بحماية الأمن القومي العربي مستخدمًا تعبير شعبيًا دارجًا “مسافة السكة”، وهو تعبير يقصد به، أن الجيش المصري سيساند أشقائه من العرب، وقت الضرورة وإذا تطلب الأمر ذلك.
ولم تصدر أية إشارات عن السيسي أو أي مسئول مصري حول دور مصري محتمل في اليمن. فيما نقلت وكالة “الأناضول” عن مصادر يمنية بالقاهرة، الأحد، إن الرئيس اليمني عبد ربه منصور هادي، طلب عبر وزير خارجيته، من الرئيس عبدالفتاح السيسي، “التنسيق الأمني والعسكري بين البلدين لحماية مضيق باب المندب الاستراتيجي”.
ويتزايد القلق الإقليمي والدولي إزاء أمن وسلامة الملاحة في جنوب البحر الأحمر، في ضوء تراجع حضور الدولة اليمنية ومؤسساتها العسكرية والأمنية، وامتداد نفوذ جماعة الحوثي، التي يتردد أنها تعتزم التوسع عسكريا في محافظة تعز (وسط) ذات التضاريس الجبلية والمطلة على المدخل الجنوبي للبحر الأحمر، لاسيما وأن المضيق يقع ضمن السيادة الجغرافية لتلك المحافظة.
وقال السفير محمد العرابي، وزير الخارجية الأسبق لـ “المصريون”، إن “القيادة في مصر الآن لا بد أن تُعالج هذا الوضع بمنتهي الحساسية، وذلك لأن الوضع أصبح أكثر خطورة، وماقامت به جماعة الحوثي مؤخرًا بمحاصرة القصر الرئاسي في صنعاء وتطويقه، أغضب القيادة المصرية، وأصبحت تترقب الوضع وتنتظر ماتسفر عنه الأحداث”.
وحول ما إذا كان التدخل العسكري في اليمن مطروحًا الآن، قال العرابي: “الحفاظ على الآمن القومي المصري، وعلى أمن السعودية، وعلى مضيق باب المندب، وعلي العمالة المصرية في اليمن، جميعها أمور تؤخذ في الحسبان وتجعل جميع الاحتمالات متاحة للحفاظ عليها”.
واعتبر العرابي، أن “الموقع الإستراتيجي للعاصمة اليمنية “صنعاء”، جعلها مطمع لأنصار الله الحوثية المدعومة من إيران، وبالتالي فإن تهديد السعودية أصبح الآن واقع، والقيادة في مصر تنتظر وتطرح تساؤل هل يمكن أن تتمدد الجماعة الشيعية أكثر من ذلك وبالتالي فإن الإجابة علي هذا التساؤل هو مايحدد بدقة شكل التعامل مع الأزمة”.
وقال اللواء سامح سيف اليزل، الخبير الاستراتيجي، إن اليمن يسير الآن على طريق المجهول بعد سيطرة الحوثيين على دار الرئاسة اليمنية، وتردد أنباء عن مغادرة الرئيس اليمني عبدربه منصور البلاد.
وأضاف سيف اليزل، مساء الثلاثاء، في مداخلة هاتفية لبرنامج “آخر النهار” على فضائية “النهار”، أن “اليمن أصبح دولة غير مستقرة سياسيًا، يسيطر على جزء منه أنصار الحوثيين، والجزء الآخر تنظيم القاعدة”.
وردًا على سؤال حول ما إذا كان اليمن ينطبق عليه عبارة “مسافة السكة” من الرئيس عبدالفتاح السيسي، قال “إن مصر قامت بعدة مناورات مع اليمن والبحرين، ولكن صنعاء الآن غير مستقرة وإذا أرادت السعودية مساعدة القوات المسلحة المصرية لحماية الحدود الجنوبية فمصر على استعداد”.
فيما قال الدكتور سعد الزنط، رئيس مركز الدراسات الإستراتيجية، إن “الرئيس السيسي يستفيد من أخطاء الآخرين ولن يقع في أخطاء قام بها الزعيم الراحل جمال عبدالناصر”، واصفًا النظام المصري الحالي بأنه “أذكى من أن ينجر في حرب وهو يحارب أخطار داخلية”.
ووصف الزنط مايحدث في اليمن الآن بـ “الأمر المقلق”، مؤكدًا أن “السيسي لن يسمح بأن يتعرض أمن السعودية القومي لخطر خارجي”.
وتابع: “لن يتم إرسال قوات إلي اليمن لكن ستمارس ضغوط علي الحوثيين، اللذين تتلاعب بهم إيران كورقة رابحة في الضغط علي جيرانها والتفاوض حول وضعها السياسي والاقتصادي في ظل العقوبات التي توقع عليها”.