قالت صحيفة “التايمز” البريطانية إن تدهور صحة الملك عبدالله أدى إلى صراع على السلطة بين أجنحة العائلة المالكة، للسيطرة على عرش أكبر دولة منتجة للنفط في العالم، التي تعيش وسط أزمات داخلية وصراعات خارجية تؤثر على البلاد.
ويقول كاتب التقرير هيو توملينسون إن مستقبل العائلة الحاكمة على المحك، حيث تقترب من مرحلة تاريخية لنقل السلطة، التي من المحتمل أن تؤدي إلى توترات بين أفراد العائلة. مضيفا أن الملك البالغ من العمر 90 عاما أو أكثر، نقل قبل أسبوعين إلى المستشفى بعد إصابته بالتهاب رئوي، لكنه وضع أبناءه في مراكز مهمة ورئيسية في الدولة.
ويبين التقرير أن الحالة الصحية للملك أصبحت مدار الحديث في وسائل التواصل الاجتماعي، وتظهر بشكل يومي تقارير كاذبة عن وفاته، وفي الوقت نفسه بدأت الأجنحة التي لديها حق في العرش بالهرولة من أجل تأمين حصتها من ثروة النفط المذهلة التي تملكها البلاد.
وتنقل الصحيفة عن مستشار للحكومة قوله: “الكل ينتظر، ففي الوقت الذي تم فيه تأمين الخليفة المباشر للملك، إلا أن من بعده غير معلوم، وخلف الأضواء يقاتل الأشخاص مثل المجانين لتأمين مراكز لأنفسهم”.
ويجد توملينسون أن هذه هي أوقات مثيرة للقلق بالنسبة للمملكة، التي تقوم باستعراض عضلاتها في سوق النفط العالمي وأسعاره، وفي وقت تتوتر فيه العلاقات بينها وبين حليفتها الرئيسية الولايات المتحدة الأمريكية. فقد راقبت الرياض بنوع من القلق كيف ذاب الجليد بين الولايات المتحدة ومنافسة السعودية الكبرى إيران.
وترى الصحيفة أن العائلة السعودية ستواجه تحديات كبيرة من ناحية المخاطر التي تمثلها الدولة الإسلامية، حيث قام جهاديون من داخل البلاد بشن هجمات على الحدود السعودية – العراقية. وتواجه المملكة مخاطر زيادة نسبة العاطلين، والدعوات المطالبة بالإصلاح بين الشباب، والشعور بالإحباط بين عامة الشعب السعودي.
ويشير التقرير إلى أن المرحلة الأولى من ترتيبات الخلافة قد أمن من خلال تولي الأخ غير الشقيق للملك عبدالله الأمير سلمان بن عبد العزيز (79 عاما) مهام متزايدة، في الوقت الذي تدهورت فيه صحة الملك.
وتوضح الصحيفة أن الأمير سلمان سيواصل مشروع الملك عبدالله في الإصلاحات؛ لأن صحة الملك معتلة. مشيرة إلى أن وريث العرش يعاني من “الخرف”، مع أن التقارير حول حالته تختلف في تقدير خطورة وضعه الصحي.
ويذكر توملينسون أنه في حالة وفاته أو إذا أصبح غير قادر على مواصلة الحكم فسيفتح الباب أمام الجيل الشاب، ما سيعيد ترتيب عملية الخلافة، التي تدور بين أولاد الملك المؤسس للمملكة الملك عبدالعزيز بن سعود، الذي توفي عام 1953. فتداول السلطة بين الأخوة قد ينتهي بوفاة الأمير/ الملك سلمان ونائبه الأمير مقرن إن عينه وليا للعهد، والطريق معبد أمام الجيل الجديد من أحفاد الملك عبدالعزيز.
ويلفت التقرير إلى أن نائب ولي العهد الأمير مقرن عمره 69 عاما، وهو أصغر أبناء الملك عبدالعزيز بن سعود، ورغم شعبيته إلا أن مدير المخابرات السابق لا ينظر إليه الكثيرون من أفراد العائلة الحاكمة على أنه وريث حقيقي للعرش، خاصة أن أمه يمنية، وكانت ملك يمين للملك عبد العزيز بن سعود، ولم يتزوجها أبدأ.
وبحسب إشاعات فقد جاء تعيينه نائبا لولي العهد جزءا من صفقة لإيصال نجل الملك عبدالله الثاني متعب (62 عاما) إلى الحكم، ما يفتح المجال أمام الجيل الثاني وبقيادة نجل الملك، بحسب “التايمز”.
وتستدرك الصحيفة بأن عائلة سلمان، جناح السديريين القوي لديها أفكار أخرى، فبعد رحيل الملك عبدالله فسيتحكمون بخط وراثة العرش، فمحمد بن نايف (55 عاما) وزير الداخلية والمسؤول عن مكافحة الإرهاب يعد من مرشحي الجناح السديري، وهو ابن أخ الأمير سلمان، ونجل الأمير نايف الذي توفي عام 2012، وظل وزيرا للداخلية وأصبح وليا للعهد بعد وفاة الأمير سلطان.
ويفيد التقرير بأن الأمير محمد بن نايف تلقى تدريباته على يد مدربي مكتب التحقيقات الفيدرالي الأمريكي (إف بي آي) وسكوتلند يارد البريطاني، ويحظى باحترام في داخل العواصم الغربية، بعد عدة سنوات من العمليات المشتركة ضد تنظيم القاعدة.
ويعتقد توملينسون أن السعوديين يتميزون بالبراغماتية العالية، وما يهمهم في النهاية هو نجاة العائلة. فرغم التدافع المحموم للحصول على مراكز في الدولة، إلا أن الرياض لن تشهد أزمة نقل سلطة، وسيتم استرضاء الأطراف التي خاب أملها بوزارات ومناصب.
ويخلص الكاتب إلى أن التنافس على السلطة بين الرجال المرضى والكبار يشير إلى الفجوة بين القيادة والشعب، خاصة أن نسبة 60% من الشعب السعودي من الشباب تحت سن 21 عاما، وقلة منهم شاهدت أو تمتعت بثروة البلاد.