رأى الجنرال أيتاي برون، رئيس قسم الأبحاث في شعبة الاستخبارات العسكريّة (أمان) في الجيش الإسرائيليّ، رأى أنّه ليس مؤكّدًا أنْ يستمرّ تنظيم الدولة الإسلاميّة انتشاره العسكريّ في كلٍّ من سوريّة والعراق، ولكنّه بالمقابل شدّدّ على أنّه سيُواصل انتشاره الفكريّ، لافتًا إلى أنّه لا يُمكن تدميره، على حدّ تعبيره. وجاءت أقوال الجنرال بارون، التي انتهت ولايته مؤخرًا في مقابلةٍ مطولّةٍ أجرتها معه صحيفة (يسرائيل هايوم)، المُقربّة من رئيس الوزراء الإسرائيليّ، بنيامين نتنياهو.
وقال المُحلل العسكريّ، يوآف ليمور، الذي أجرى اللقاء، في المقدّمة إنّ المتفائلين جدًا سيتوقّفون عن التفاؤل بعدما يعلموا ماذا تتوقّع المخابرات الإسرائيليّة أنْ يحدث خلال العام الجاري، إذ أنّها ترسم صورة قاتمة للغاية حول الشرق الأوسط، وتصفه بأنّه أكثر عنفًا، وأكثر تعقيدًا، ومن الصعب على المخابرات رصد التغيرّات على وقع المستجدات الأخيرة، على حدّ قول ليمور. الجنرال برون، الذي سيترك الجيش بعد أربع سنوات في منصبه الأخير، قال في معرض ردّه على سؤال حول عدم قيام المعارضة المُسلحة المُرابطة في الجزء المحرر من هضبة الجولان العربيّة السوريّة بتنفيذ عمليات عسكريّة ضدّ إسرائيل، ردّ الجنرال بارون قائلاً إنّ هذه القضية هي مسألة وقت فقط، مُعبّرًا عن تقديره بأنّهم سيفعلون ذلك، دون أنْ يُفصح عن الفترة الزمنيّة. وقال أيضًا: إنّ العمليات ضدّ إسرائيل هي أمرٌ لا مفرّ منه، ذلك لأنّ الايدولوجيا، التي تُحرّك هذه التنظيمات، تُحتّم عليهم العمل ضدّ إسرائيل، وعزا تأخرهم في القيام بأعمال ضدّ إسرائيل إلى انشغالهم في تحقيق الهدف الذي وضعوه لأنفسهم، وهو إسقاط نظام حكم الرئيس السوريّ، د. بشّار الأسد، على حدّ تعبيره.
وساق قائلاً: في البداية، هكذا يعتقدون، سيقومون بالسيطرة على العاصمة السوريّة، دمشق، وبعد ذلك على القدس. وادّعى أيضًا أنّه بحسب تقديرات شعبة الاستخبارات العسكريّة الإسرائيليّة فإنّه يوجد داخل هذه التنظيمات نقاش في ما إذا كان هذا يجب أنْ يجري بالتسلسل، أمْ بالتوازي مثلما يجري في شبه جزيرة سيناء، ولفت إلى أنّه حتى اللحظة اعتمدوا خطّة المراحل، مُستدركًا بأنّ هذه الإستراتيجيّة قد تتغيّر في أيّ لحظة، على حدّ تعبيره.
أمّا بالنسبة لصمود الرئيس السوريّ، فعاد الجنرال الإسرائيليّ وكرّرّ النظرية القائلة إنّ سوريّة لم تعد قائمة على الخريطة، وتابع: النقاش الدائر اليوم فيما يتعلّق بسوريّة يدور حول الكيانات الموجودة على الأرض التي كانت تُسّمى في الماضي سوريّة، لافتًا إلى أنّه لا وجود اليوم لسوريّة، إذْ أنّه ستنشأ مكانها كيانات أخرى، لم يُحدد حتى الآن اسمها. موضحًا أنّ ما تُسّميه اليوم المخابرات الإسرائيليّة بسوريّة الصغرى هي التي تمتد من درعا إلى دمشق وحمص وحلب وصولاً إلى الساحل، وفي هذه الأراضي، أضاف بارون، تتجمع أغلبية السكان الذين كانوا يومًا ينتمون إلى سوريّة ويُشكّلون الجزء الأكبر من تركيبتها الوطنيّة.
وأعرب عن تقديره بأنّ الرئيس السوريّ سيصمد في هذه المناطق، أمّا في سائر المناطق فستنشأ كيانات مستقلة، أغلبيتها إسلاميّة وقسمٌ منها إسلاميّ متشدد، وهذا هو الوضع اليوم في هضبة الجولان، على حدّ تعبيره. وقال أيضًا إنّ تنظيم الدولة الإسلاميّة تمكّن من السيطرة على مساحة كبيرة من الأرض تمتد من الرقة في سوريّة حتى ضواحي العصمة العراقيّة، بغداد، لافتًا إلى أنّ هذه السيطرة تمّت بصورةٍ وحشيةٍ هدفها ترهيب الجميع ودفعهم إلى الرحيل.
مع ذلك، أقرّ بأنّ هذه السيطرة ليست مستقرّة ومستقبلها مرتبط بالمواجهة مع قوات التحالف الدوليّ، مُشددًا على وجود جدل داخل الاستخبارات حول هذه المسألة، ومع ذلك، قال إنّه من الصعب على قوات التحالف الدوليّ الذي تقوده الولايات المتحدّة تنفيذ المقولة التي أرساها الرئيس الأمريكيّ، باراك أوباما، والقاضية بإضعاف تنظيم الدولة الإسلاميّة، وفي نهاية المطاف تدميره. وكشف النقاب عن أنّه على ضوء هذه المتغيّرات والمستجدات، وتحديدًا في هضبة الجولان، فإنّ الجيش الإسرائيليّ اضطر إلى تبنّي عقيدة قتاليّة جديدة، تختلف كليًّا عن العقيدة التي كانت مطبقة على مدار عشرات الأعوام الماضية، مُعربًا عن اعتقاده بأنّ هذه التغييرات في العقيدة العسكريّة الإسرائيليّة من شأنها أنْ تكبح جماح التنظيمات الإسلاميّة المُتشدّدة الفاعلة اليوم على الساحة السوريّة.
وحول النتيجة الأفضل لإسرائيل بالنسبة للأحداث في سوريّة، قال الجنرال برون إنّ المعادلة باتت واضحة اليوم أكثر من أيّ وقت مضى: مواصلة سيطرة المحور المتطرّف، الذي يشمل سوريّة، إيران وحزب الله، أوْ سيطرة التنظيمات الإسلاميّة المتشددة على سوريّة، لافتًا إلى أنّ الإمكانيتين لا تصُبّا في صالح إسرائيل، وعليه، فلا يوجد أيّ مؤشر للتفاؤل ممّا قد يجري في سوريّة، على حدّ تعبيره.
زهير أندراوس