تشير تحليلات إلى تنامي التقارب خلف الستار بين السعودية وفرنسا، على أمل بقاء الطرف العربي مؤثرا في الترتيبات الأوروبية الجديدة التي تتفاعل بعد هجوم “شارلي إيبدو” الفرنسية، خصوصا مع توسع نظرة أوروبا والسعودية لما يجري في اليمن، وما يراه معسكر “الاعتدال العربي” من تأثيرات سلبية للمفاوضات الأمريكية الإيرانية.
وترى السعودية والأردن، وهما طرفان أساسيان في التحالف الدولي العسكري الذي تقوده الإدارة الأمريكية، أن النطاق العملياتي للتحالف بدأ يثير الشكوك، إذ لا يلبي الحد الأدنى المطلوب منه عربيا.
وبرز النقد المباشر في الأردن داخل الغرف المغلقة لعمليات التحالف، خصوصا بعد حادثة سقوط الطائرة الأردنية المقاتلة فوق الرقة السورية، حيث طُرحت تساؤلات حول امتناع غرفة عمليات التحالف عن تنفيذ بروتوكول متفق عليه لإنقاذ الطيار قبل أسره، وحول عدم قيام طائرة إنقاذ مساندة بواجبها ضمن السرب المقاتل، وفقا لما أورده مرسل صحيفة “القدس العربي” في عمان.
ويشير الصحافي نفسه إلى أن الأردنيين لا يقفون عند هذه الحادثة وفقط، بل يشاركون الجانب الإماراتي في المعلومات عن “إحداثيات مضللة وغير مفيدة”، تمنح للمشاركين من الطيارين العرب في التحالف وعن “إحداثيات” حقيقية تقدمها الغرف العربية ولا يتم التعامل مع قصفها بجدية.
كما تشعر السعودية بأن الولايات المتحدة غير جادة في تنفيذ عمليات حاسمة ميدانيا تقلل من قوة تنظيم الدولة الإسلامية أو تضعفه فعلا على الأرض، وهو أمر أرجعه بعض السفراء الخليجيين في أوروبا والمنطقة لاحتمالات الابتزاز المالي على أمل أن لا تنتهي المعركة ضد داعش في وقت قريب ويتم الالتزام بالبرنامج المعد سلفا وقوامه ثلاث إلى خمس سنوات، وفقا لما أورده مراسل صحيفة “القدس العربي” في عمان، والذي سمع مباشرة شكوى سفير خليجي، كما نقل، في جلسة خاصة بالعاصمة الأردنية، من الأولويات المالية للتحالف على حساب الواجبات القتالية الميدانية الأساسية.
وبخصوص الأردن، فبعد أكثر من ثلاثة أشهر لم يحقق انضمامها للتحالف رسميا وعلنا أي التزام بالمساعدات الموعودة المتعلق باللاجئين السوريين، الذي أصبح أصعب مشكلات الأردن وأكثرها تعقيدا، وفقا للمراسل نفسه.
لذلك تشعر عمان بالخذلان، كما لم يحقق التحالف حسب البرلماني الأردني البارز خليل عطية أي مساعدة للأردن في قضية معالجة تنامي المديونية.
في الحسابات السعودية، كما يرى مراسل “القدس العربي”، فإن ما يحصل في اليمن لا يقل أهمية عما يحصل في العراق ولبنان، والإدارة الأمريكية ترفض أي مقترحات بالامتداد في عمليات التحالف لليمن والمخاوف السعودية تتنامى من نتائج وتداعيات ما يسمى اليوم بالغرف الخليجية المغلقة بـ”خديعة الحوثيين”، الذين دخلوا ضمن ترتيب إيراني أمريكي سعودي على أساس المغادرة والرجوع بعد إعادة تنصيب علي عبد الله صالح، لكن السعودية شعرت بأن الجانب الآخر يخذلها ويفرض وقائع جديدة.
الاهتمام الواضح بالتفاهمات الأمريكية الإيرانية تحت عنوان الملف النووي يقلق السعوديين، وفقا للمراسل، ويدفع باتجاه الانزعاج من الأداء العملياتي للتحالف في العراق وسورية والخشية من صفقات من وراء ظهر المملكة.
ومن هنا حصريا، كما يقول، يرحب السعوديون بحاملة الطائرات الفرنسية “شارل ديغول”، وقد تكون لديهم مصلحة في أن تطور فرنسا بمساندة أوروبية موقفا ميدانيا يدفع باتجاه السيناريو “المالي”، بمعنى أن تعود فرنسا للمنطقة عسكريا بصورة منفردة وبعيدا عن الحسابات الأمريكية وبدعم أوروبي للمنطقة، ولليمن تحديدا، وخارج سياق تأثير المفاوضات النووية الإيرانية الأمريكية، وعلى أساس ان أوامر القتل لخلية باريس صدرت من اليمن.
وفيما تعمل السعودية على استقطاب فرنسا للمنطقة مجددا، كما يرى مراسل الصحيفة، تنطلق الأفكار الأردنية بقوة حول تحالف عربي بقيادة القوة العسكرية السنية الأبرز في المنطقة وهي القوة المصرية على أمل استدراج، أو إقناع، الرئيس عبد الفتاح السيسي بأن مكافحة الإرهاب في سيناء وليبيا تبدأ في الواقع من مواجهته في سورية والعراق، وهو خيار من الواضح أن السعودية لا تمانعه إن لم تكن تقف خلفه أصلا، كما أورد الكاتب.
العصر