الحدث تاريخي.. ويترتب عليه خروج كوبا من عزلة توقف خلالها الزمن في ستينيات القرن الماضي بعد أن فرضت الولايات المتحدة عقوبات تجارية عليها سنة 1962 وقيدت التعاملات التجارية معها على مدى أكثر من 50 عاما.
قبل أسابيع، اتخذ الرئيس باراك أوباما قرارا وصفه العديدون بالجريء لإنهاء الجمود بين الدولتين، في حين عارضه آخرون خاصة الجمهوريون الذين رأوا فيه “تنازلا طائشا”. لكن ما الذي يترتب عن القرار وكيف سينعكس على الشعبين الأميركي والكوبي؟
السيجار الكوبي.. أكبر المستفيدين
لعل أكبر تجليات الحصار الأميركي هو ذلك المفروض على السيجار الكوبي الشهير والذي لم يزده إلا شهرة وصيتا.
لكن مع تطبيع العلاقات بين الدولتين، سيتمكن أخيرا عدد من الأميركيين من تحقيق حلمهم باقتناء السيجار الكوبي بطريقة قانونية. وكان البيت الأبيض أعلن عن إجراءات للسماح للمسافرين الأميركيين بجلبه إلى الولايات المتحدة شريطة ألا تتجاوز القيمة 100 دولار، وهو ما يعادل سيجارين فقط. ومن المرتقب أن تدخل هذه الإجراءات حيز التنفيذ الجمعة في 16 كانون الثاني/يناير.
وسيكون بوسع الأميركيين كذلك تذوق شراب الروم الأصلي المصنع في هافانا عوض ذلك المصنع في بورتو ريكو تحت الاسم نفسه.
السياحة.. هل يتحقق الحلم؟
لطالما راود حلم استكشاف كوبا العديد من الأميركيين، لكن للأسف لن يكون بإمكان هؤلاء تحقيق ذلك على الأقل في الوقت الحالي، رغم تطبيع العلاقات بين الدولتين.
وسيبقى المنع مفروضا على الزيارات السياحية، في حين من المتوقع أن ترفع إدارة أوباما خلال الأيام المقبلة كل القيود المفروضة على الفئات الـ12 التي بوسعها السفر إلى الجزيرة بشروط. وتشمل هذه القائمة خصوصا العائلات والصحافيين والباحثين.
وفي المقابل، ينصح خبراء السياحة بزيارة جزيرة كوبا قبل أن تتغير ملامحها الأصلية لتلبس ثوب العولمة وتفقد جاذبيتها.
ويذكر أنه في الآونة الأخيرة، كان بإمكان بعض الفنانين مثل بيونسي أو جاي زي زيارة كوبا من خلال رحلات منظمة عبر وكالات مصرح لها من قبل الحكومة الأميركية.
إنترنت وسيارات جديدة
سيكون لرفع العقوبات فوائد اقتصادية كبرى على الجانب الكوبي ومن شأن ذلك أن يحقق نهضة اقتصادية للبلاد.
وللتذكير، لا يمكن لكوبا حاليا استيراد مواد تتجاوز تركيبتها الأميركية 10 في المئة، ما يشكل عائقا حقيقيا أمام ولوج الكوبيين التكنولوجيا الحديثة وتكنولوجيا المعلومات.
لكن الرئيس أوباما أعلن في خطابه، في 17 كانون الأول/ديسمبر الماضي، أنه سيسمح بتصدير أجهزة اتصال وتواصل بهدف تطوير خدمة الإنترنت في الجزيرة.
وللإشارة، كان بإمكان ربع الكوبيين فقط استخدام الإنترنت سنة 2011 من خلال متاجر خاصة بذلك و خمسة بالمئة فقط منهم استخدموها بشكل دائم.
ومن شأن هذا التغيير أن يجذب مواقع التواصل الاجتماعي نحو الجزيرة وكذلك موقع البحث غوغل.
وسيمكن رفع الحصار كذلك من تجديد أسطول السيارات المتدهور في كوبا حيث لازالت سيارات الشيفروليه والكاديلاك المصنعة في الخمسينات تملأ شوارع الجزيرة، بفضل قطاع الغيار المستوردة.
هافانا في انتظار المستثمرين
سيصبح بإمكان الشركات الأميركية تصدير مواد البناء والمعدات الفلاحية إلى كوبا من أجل تطوير القطاع الخاص في هذه المجالات.
لكن إلى حين استصدار قوانين جديدة من قبل الكونغرس، لن يكون بإمكان شركات تصنيع السيارات والفندقيين وشركات الاتصال الاستثمار في كوبا.
أما المجال المصرفي، فسيعرف بعض التسهيلات منها الزيادة في المبالغ المسموح بتحويلها من الولايات المتحدة إلى كوبا والتي سترتفع من 500 دولار إلى 2000 دولار كل ثلاثة أشهر.
وللمرة الأولى، سيكون بإمكان الأميركيين استعمال بطاقات الائتمان في كوبا كما سيسمح للشركات الأميركية بفتح حسابات في المصارف الكوبية.
حنان براي