اصطفت الطوابير أمام منافذ بيع الصحف في فرنسا للحصول على العدد الجديد من المجلة الساخرة شارلي إبدو.
وطبع من هذا العدد خمسة ملايين نسخة، بعد أسبوع واحد من قتل مسلحين إسلاميين ثمانية صحفيين في مقر المجلة، وأربعة آخرين في باريس.
وقد أثار العدد غضب بعض البلدان الإسلامية، وبعض الجماعات لأنه صور النبي محمد على غلافه.
وتبنى تنظيم القاعدة في جزيرة العرب مسؤولية الهجوم على المجلة في فيديو بثه التنظيم.
ولكن الفيديو لم يقدم أي دليل لدعم ما ادعاه. وكان التنظيم قد رحب بالهجوم في وقت سابق، دون أن يعترف بأي دور في العملية.
ويظهر غلاف العدد الجديد رسما كاريكاتيريا للنبي وهو يذرف الدمع، بينما يحمل ورقة مكتوبا عليها “أنا شارلي”.
وقيل إن المسلحين استخدموا رسوما نشرت في وقت سابق ذريعة لهجومهم على المجلة.
وقد انتشر شعار “أنا شارلي” كرسالة تأييد للمجلة في أعقاب هجوم 7 يناير/كانون الثاني الذي خلف ….
وفي هجوم منفصل في باريس بعد يومين، قتل أربعة يهود بعد احتجاز مسلحين رهائن في متجر يهودي في العاصمة الفرنسية.
كما قتلت شرطية فرنسية في حادث إطلاق نار ثالث يعتقد أن منفذه هو المهاجم نفسه الذي قتل اليهود الأربعة.
نسخة “الناجين”
وقرر المحررون زيادة عدد النسخ المطبوعة من العدد الأخير إلى خمسة ملايين الأربعاء بعد نفاد النسخ المطبوعة بسرعة.
وكانت ثلاثة ملايين نسخة طبعت من العدد، بينما لم يكن يزيد عدد النسخ الأسبوعية التي كانت تطبع في الماضي على 60.000 نسخة.
وطبع العدد في ست لغات، من بينها الإنجليزية، والعربية، والتركية.
وستخصص عوائد العدد لأسر ضحايا الهجوم.
ولا يضم العدد رسوما كاريكاتيرية أخرى للنبي داخله، ولكن توجد رسوم تصور إسلاميين متطرفين.
“ثأر”
وقد أثار قرار شارلي إبدو نشر رسم كاريكاتيري آخر للنبي تهديدات على مواقع إسلامية متشددة، وانتقادات من العالم الإسلامي.
وقال تنظيم الدولة الإسلامية على محطة إذاعته إن النشر كان “عملا شديد الحماقة”.
وبث الأربعاء فيديو قال فيه تنظيم القاعدة في جزيرة العرب الذي ينشط بشكل كبير ولديه قواعد في اليمن، إن الهجوم كان ثأرا للإساءة للنبي محمد، بحسب ما ورد في فيديو نشر على موقع يوتيوب.
وبث الفيديو – الذي تبلغ مدته 11 دقيقة – الأربعاء.
وقال نصر بن علي الأنسي أحد قياديي فرع التنظيم في اليمن في الفيديو المذكور: “بالنسبة لغزوة باريس المباركة، فنحن – تنظيم قاعدة الجهاد في شبه جزيرة العرب – نتبنى مسؤولية العملية ثأرا لرسول الله”.
تحليل: بي بي سي محلل الشؤون الأمنية فرانك غاردنر
الفيديو المنسوب لتنظيم القاعدة في جزيرة العرب لا يبدو أنه حقيقي، لكن السؤال بشأن مدى ضلوع التنظيم عن قرب في هجمات الأسبوع الماضي يظل باقيا. وقد مر أكثر من عامين منذ خروج سعيد كواشي، أحد المسلحين الثلاثة، من اليمن، بعد قضائه، على ما يعتقد، بعض الوقت هناك مع أعضاء التنظيم، ومن بينهم الداعية المتطرف أنور العولقي.
وقد ذكر اسمه في الفيديو عند الحديث عن التخطيط للهجوم، لكن العولقي كان قتل في عام 2011 في هجوم بطائرة أمريكية بدون طيار، ولذلك يمكن القول إن هذه فترة طويلة جدا للتخطيط لهجوم بسيط نسبيا، لكنه مدمر.
ومن الغريب أيضا أن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب لم يصدر أي “فيديو شهادة” يظهر المدبرين وهم يقدمون تبريراتهم قبل بدء الهجوم، كالمعتاد.
وقد يظهر مثل هذا الفيديو لاحقا، لكن فيما يتعلق بالوقت الراهن فإن الصلة التي تبدو بين مهاجمي باريس وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب ليست أكثر من طموح أيديولوجي وتدريبا أكثر منه إدارة مباشرة للعملية.
وكان أحمدي كوليبالي أعلن ولاءه لتنظيم الدولة الإسلامية في رسالة بالفيديو، بينما قال مهاجما شارلي إبدو، سعيد وشريف كواشي إنهما يتصرفان نيابة عن تنظيم القاعدة في جزيرة العرب.
وقال كوليبالي أيضا إنهم نسقوا الهجمات معا، لكن خبراء يقولون إنه ليس من المحتمل أن يتفق تنظيم الدولة الإسلامية، وتنظيم القاعدة في جزيرة العرب، وهما خصمان في الشرق الأوسط، على التخطيط لهجوم واحد معا.
ونشر غلاف العدد الجديد على نطاق واسع قبل طبعه عبر وسائل الإعلام الفرنسية.
كما تداولته الصحف خارج فرنسا، في أمريكا، وألمانيا، وإيطاليا، وبريطانيا.
ونشرت بي بي سي صورة غلاف العدد الجديد في موضوع سابق، وقالت في بيان “لقد قررنا تحريريا أن الصور ذات أهمية في عرض الموضوع”.
بي بي سي