قالت مجلة “إيكونوميست” في تقرير لها عن أوضاع السعودية ومستقبلها في ضوء مرض العاهل السعودي الملك عبدالله (92 عاما)، إن البلاد تعاني من تحديات خارجية وداخلية، وتقف على أبواب تغيير جيلي محتوم.
وجاء في التقرير إن السعودية تعيش أوقاتا صعبة، فهي تخوض حربا للسيادة في سوق النفط العالمي ضد منتجي النفط من الصخر الزيتي الأمريكيين. وتشعر بالغضب للتقارب الأمريكي -الإيراني، حيث تتنافس السعودية مع إيران على سيادة المنطقة.
وتضيف المجلة أن السعودية حاولت وفشلت بالإطاحة بنظام الرئيس السوري بشار الأسد، ولم تؤد محاولاتها إلا لتقوية حلفائه الإيرانيين، وأدت كذلك ظهور تحد جهادي سني ممثل بالدولة الإسلامية.
ويذكر التقرير أن الرياض تشارك في التحالف الدولي، الذي تقوده الولايات المتحدة ضد الدولة الإسلامية.
وهناك مخاوف متزايدة في داخل البلاد من انتقال المشاكل التي تشهدها سوريا والعراق إلى السعودية. تماما كما واجهت السعودية حملة تفجيرات خاضتها القاعدة في الفترة ما بين 2003- 2005. وجاء التفجير الانتحاري، الذي قتل فيه جنرال سعودي واثنان آخران من الجنود في 4 كانون الثاني/ يناير، رغم الجهود الحثيثة لتعزير منطقة آمنة، كما أن الحدود مع اليمن ليست آمنة.
وترى “إيكونوميست” أنه لهذا السبب شعر السعوديون بالخوف عندما انتشرت الأخبار عن نقل الملك عبدالله إلى المستشفى في 31 كانون الأول/ ديسمبر الماضي. فقد أثار قرار نقله للمستشفى قلقا؛ لأن الملك عادة ما يعالج في قصوره التي تتوفر فيها المعدات الطبية اللازمة.
ويكشف التقرير أنه رغم تحسن صحته، وانتشار إشاعات في 7 كانون الثاني/ يناير بأن الملك بدأ يستقبل الزوار، إلا أنه ليس سرا القول إن الملك لن يعيش طويلا. والرجل المرشح لخلافته هو ولي العهد الأمير سلمان، ولكن الأخير ليس شابا، فعمره 78 عاما، وهناك تقارير تتحدث عن إصابته بمرض الخرف.
وتقول المجلة: “حسب نظام الوراثة لا يتم نقل السلطة من الأب للابن، ولكن يتم تسليمها من الأخ لأخيه، حيث يتداول العرش أبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود، الذي أنشأ الدولة عام 1932، وعددهم 45 ابنا من زيجات متعددة. وقد مات عدد منهم، ومن لا يزال على قيد الحياة فهو في سن متقدمة”.
ويجد التقرير أنه لهذا السبب قام الملك عبدالله في آذار/ مارس عام 2014 بتعيين أصغر إخوانه وهو الأمير مقرن (69 عاما)، مدير الاستخبارات السابق وأمير المدينة المنورة سابقا، نائبا لولي العهد. وبحسب الصحافي السعودي البارز خالد المعينا، فإن عملية “نقل السلطة عادة ما تكون منظمة، وحامل المضرب القادم هو الأمير سلمان، لكن كل شيء قابل للحدوث فيما بعد”.
وتبين المجلة أن المهمة الصعبة هي نقل السلطة للجيل القادم، حيث يتنافس مئات الأمراء على السلطة. ويدخل دائرة المنافسة الأمير محمد بن نايف، وزير الداخلية الحالي، وأحد أعضاء الجناح القوي من السديريين. وهناك أيضا إشاعات تفيد بأن الملك عبد الله يحضر نجليه للخلافة، وهما الأمير متعب قائد الحرس الوطني والأمير مشعل أمير مكة.
ويشير التقرير إلى أن ملك السعودية القادم قد يجد السياسة الخارجية الجزء الأسهل من عمله، مقارنة مع المشاكل الداخلية التي تنتظره، فالليبراليون غاضبون من بطء عجلة الإصلاح في البلد، فيما لا تزال المرأة ممنوعة من قيادة السيارات، وتتحفظ المؤسسة المحافظة على تعيين 30 امرأة في مجلس الشورى، وتواجه الدولة غضبا بين سكان المنطقة الشرقية الشيعة، وتضاف إلى هذه المشاكل كلها رغبة الشباب، الذين يشكلون غالبية السكان البالغ عددهم 30 مليون نسمة، في الحصول على وظائف، وهذا يعني تخفيض المساعدات والمعونات التي تقدمها الدولة، وتقليل اعتماد الدولة على النفط.
وتخلص المجلة إلى أن السعوديين يرون في الملك عبدالله رجلا سخيا، لكن خليفته قد لا يكون في وضع يسمح له بالسخاء مثله.