كشف الكاتب بلال فضل، أن الرئيس عبدالفتاح السيسي عرض قبل أسابيع، مبادرة صلح على جماعة “الإخوان المسلمين”، رابطًا ذلك بالمخاوف من يوم 28يناير الجاري، الذي قال إنه “يمثل له شبحًا قابلا للانبعاث”، ولذلك، يفعل كل ما في وسعه، حتى يعبر ذكرى الثورة بسلام، ليثبت للقوى الدولية المانحة للمعونات أنه مسيطر على مقاليد الأمور”.
نسب فضل في مقال نشرته جريدة “العربي الجديد”، الخميس الماضي إلى “مصادر مطلعة” ـ لم يسمها ـ أن “مستشار السيسي للأمن القومي، أحمد جمال الدين، حملها (المبادرة) إلى محمد بديع (المرشد العام لجماعة الإخوان) و(نائبه) خيرت الشاطر في محبسيهما”.
وقال إن المبادرة جاءت “خصوصًا بعد أن ساد تصور بوجود رغبة إخوانية في التهدئة، بسبب الكلمة التي ألقاها بديع في محاكمته وامتدح فيها القضاء المصري، وطلب (الرئيس المعزول) محمد مرسي عقد جلسة سرية تجمعه بقادة القوات المسلحة، بدلاً من استغلال الفرصة التي أتاحتها له المحكمة في الحديث مباشرة للرأي العام”.
وأضاف أن هذا “ما يفسر إجراءات تجميد أموال وممتلكات الإخوان، التي تم اتخاذها، في هذا التوقيت بالذات، وبعد فترة طويلة من احتدام الصراع، حيث جاءت رد فعل على فشل مبادرة الصلح”.
وفي حين لم يفصح فضل عن تفاصيل المبادرة، قالت مصادر مطلعة لصحيفة “المصريون” إن اللواء أحمد جمال الدين، مستشار الرئيس للأمن القومي تقدم بعرض إلى قيادات “الإخوان” للتصالح بين الجماعة والدولة.
ويقضي العرض بالسماح للجماعة بالعودة للساحة السياسية، وتشكيل حزب سياسي عوضًا عن حزب “الحرية والعدالة” الذي أصدرت المحكمة الإدارية العليا حكمًا قضائيًا بحله، مع التزام الدولة بدفع الدية والتعويضات اللازمة لضحايا فض اعتصامي “رابعة” و”النهضة”.
وتحدثت المصادر عن ضغوط إقليمية ودولية مكثفة، تمارس على الدولة والجماعة معًا، للعودة من أجل البحث عن تسوية تخرج مصر من أزمتها، لاسيما أن الإشارات التي صدرت من الكويت عقب زيارة السيسي لها غير مطمئنة، حيث ربطت بين تقديم الدعم لمصر وموافقة البرلمان الكويتي، الذي ترفض مجموعات ذات قيمة داخله تقديم دعم مفتوح لمصر، “لتتحول بفضل هذه المعونات لدولة بوليسية استبدادية”.
وكشف القيادى الجهادى محمد أبوسمرة، الأمين العام لـ “الحزب الإسلامي”، عن أن المفاوضات بين الدولة والإخوان حققت خطوات واسعة فى إطار تحقيق الحل، لافتًا إلى أن المفاوضات تدور بين الجماعة والجيش وليس القيادة السياسية، باعتبار أن المجالس الأعلى للقوات المسلحة هو المسيطر على الأوضاع فى البلاد بشكل كامل.
وتحدث أبوسمرة عن دور كبير لكل من قطر وتركيا والمملكة العربية السعودية فى إقناع الطرفين، بالوصول لتسوية سياسية يعتبرها البعض من البنود السرية التى قادت إلى المصالحة بين قطر وتركيا وبروز إشارات من تركيا بتقارب محتمل مع مصر حيث ستسعى هذه الدول إلى تحقيق المصالحة بين الطرفين.
وربط أبوسمرة بين المفاوضات غير المعلنة وإصدار جماعة الإخوان بيانًا يرفض التنازل عن حقوق الشهداء، ما اعتبره قدم دليلاً على وجود قنوات التفاوض السرية بين الطرفين، حيث لم يرتبط هذا الأمر بأى تطور على المشهد مما يعزز من صدقية الأنباء التى تتحدث عن مصالحة قريبة.
إلا أن الدكتور طارق الزمر رئيس حزب “البناء والتنمية”، الذراع السياسية لـ “الجماعة الإسلامية” نفى لـ “المصريون”، وجود أى قنوات للتفاوض بين السيسى والإخوان والتحالف، قائلاً “لاتوجد أى رغبة للسيسى فى المصالحة كونها تخالف رغبته فى الهيمنة على المشهد وتناقض الثورة المضادة التى قادها فى الثالث من يوليو 2013”.
وتابع: “السيسى لن يخوض مفاوضات مع الإخوان والتحالف إلا إذا شعر بمخاطر شديدة على نظامه أو تعرض لضغوط مكثفة من حلفائه”، مضيفًا: “أيًا كانت هناك مفاوضات من عدمه، فهناك ثورة مستمرة وجهود لتوحيد الصف الوطنى فى الذكرى الرابعة للثورة للعمل على تحقيق أهدافها”.
يأتى هذا فى الوقت الذى ترددت أنباء عن لقاءات تتم فى سجن العقرب بين القيادي الإخواني، الدكتور محمد على بشر، وعدد من كبار ضباط الأمن الوطني، للحديث عن تسوية بين الدولة وجماعة “الإخوان”.
ولم تحقق المشاورات نجاحًا حتى الآن بسبب معارضة رموز لجماعة داخل السجون لتقديم تنازلات، وعدم القبول بأقل من إسقاط كل التطورات التى جرت بعد الثالث من يوليو، بل إنهم رفضوا عرضًا بعودة الرئيس المعزول محمد مرسى للحكم ليوم واحد وتعيين الدكتور محمد سليم العوا نائبًا له مع تفويضه بصلاحيات الرئيس، واستقالة مرسى بعدها بساعات.
فى السياق ذاته، رجح القيادى الجهادى أمل عبدالوهاب، احتمالات عقد صفقة بين “الإخوان” والدولة تفضى لتسوية سياسية بين الطرفين يكون ثمنها تخلى الجماعة عن حلفائها، وفى مقدمتهم “الجماعة الإسلامية” و”بقايا الجهاديين” و”الجبهة السلفية”.
وقال عبدالوهاب: “تاريخ الجماعة مليء بالصفقات سواء كان من يبرمون معه الصفقة عدوًا أو صديقًا، مادام ذلك يصب فى مصلحة الجماعة حتى ولو كان على حساب الإيديولوجية التى يزعمون اعتناقها”.
ووصف الإخوان بأنها “جماعة سياسية لا علاقة لها بالدين وأن الخلاف بينهم وبين الدولة إنما هو خلاف سياسى، لاسيما وأنهم يستخدمون الدين ستار لتحقيق أهدافهم”.
وشدد على ضرورة أن “يفيق حلفاء الإخوان من غفوتهم ويعوا أنهم تعرضوا لخديعة كبيرة من جانب الإخوان والعودة مرة أخرى للاصطفاف الوطني”.
المصريون