جدد أدونيس ما كان ذهب إليه في أكثر من مناسبة بأن ما يحدث في سورية ليس ثورة، وأن أياً من البلدان العربية لم يشهد ثورة في كل ما سمي بـ «الربيع العربي».
وتساءل أدونيس في برنامج تلفزيوني معنى أن يكون بلد قائم على أسس دينية ثقافية سياسية وشرعية وتقوم فيه ثورة، بمعنى أن الثورة هنا إما قائمة على الدين أو ثورة من المستقبل وبناء مجتمع جديد.
ويؤكد أدونيس أنه لا يمكن أن تقوم بثورة اذا لم تفصل الدين عن الدولة ولا يمكن أن تقوم بثورة في بلدان ليست المرأة حرة فيها والشرع يقيدها ولا يعطيها حرية وهذا غير موجود في مصر وليبيا، معتبراً ذلك أولى أوليات الثورة التي يجب أن تقوم على أساس الفصل بين الدين والدولة وعلى أساس مشروع ثقافي- اجتماعي- سياسي وليس على أساس مشروع ديني، لافتاً إلى أنه كثيراً ما أكد هذه الآراء لدرجة أنه بات يشعر بالخجل من كثرة تكرارها.
وبالعودة إلى موضوعة الحرية فإن أدونيس يؤكد أنه حتى في لبنان لا توجد حريات، «الحريات فيه فردية وليست حريات اجتماعية»، مشدداً على أن الحرية هي الحرية الاجتماعية وليست حرية الفرد وأن هناك نساء دفعن حياتهن أثمانا لحرياتهن، «الحرية في أي بلد عربي ليست مسالة سهلة ذلك أن الإنسان يدفع نوعاً من النضال الهائل الذي يأتي ثمنه غالياً».
واعتبر أدونيس أن ولادته الثانية كانت في مدينة بيروت التي ذهب إليها في سنة 1956عقب خروجه من السجن وقراره ألا يعيش في سورية، وقال أدونيس: «لو تأخرت عن الحدود خمس دقائق لبقيت في سورية ولتغيرت حياتي ومصيري، ذلك أن نفيراً عاماً أعلنته سورية على أثر ضرب القوات الفرنسية والبريطانية قناة السويس اكتوبر 1956»، ولفت أدونيس إلى أنه وجد بيروت مدينة مختلفة جدا عن أي مدينة في العالم العربي، «ربما لفرحي بها كنت سعيداً لأبعد حدود السعادة»، ويروي أدونيس- أنه استأجر (استديو) غرفة صغيرة في بيروت لا تكاد تتسع لتخت وطاولة وأنه لغاية اليوم كلما مر من هناك يجدها مثلما تركها.
وحول رسالته الشهيرة التي وجهها لبشار لأسد أكد أدونيس أنها حملت أول نقد للحزب الحاكم، موضحاً أنه ليس شتاماً وأنه لم يكتب الرسالة كسياسي إنما كتبها للتاريخ وكرجل يحس أن هناك مسؤولية كبرى على النظام أن يتحملها.
وأكد أدونيس أنه في بداية ما يسمى بالربيع العربي كتب تحيةً لهذا الربيع، وطالب بضرورة التغيير: «كتبت كتاباً بذلك صدر بالفرنسية وسوف يصدر العربية» مشدداً أنه ضد العنف وأنه ليس مؤمناً ولكنه ليس ضد المؤمنين وأنه يحترم إيمانهم لكنه ضد العنف وضد الخروج من الجامع بشعارات سياسية.
وأشار أدونيس إلى أن الناس في القاهرة خرجوا من «ميدان التحرير» ومن الشوارع والجامعات والأسواق، مؤكداً أن القمع عنيف لكن هذا لا يعني على الإطلاق أن نعمل ونمشي تحت شعارات دينية، «عندما مشى الناس تحت شعارات دينية انتهى الموضوع».
وحول «قبر من أجل نيويورك» ديوانه الصادر في سنة 1973 الذي قال فيه بوجوب هبوب رياح من الشرق تطيح بناطحات السحاب قال إن الأمر لا يتعدى في حينه (1971) كونه خيالاً و وتشبيهاً مجازياً ولا علاقة له بنبوءات أو إشارات إلى برجي التجارة التي رأى أدونيس فيما حدث هناك أي (أيلول 2001) أن جانباً جمالياً يجب النظر من خلاله إلى التفجير الذي عده حدث القرن العشرين والمشهد الأكثر تأثيراً ، لكن المشكلة كما يقول أن ناقداً أمريكياً كتب أن أدونيس هو من أوحى لـ بن لادن ليقدم على فعلته.
المشهد الأكثر تأثيراً بنفس أدونيس كيف أن الطائرة في 11 أيلول دخلت بالبرج الكبير وجاءت طائرة أخرى لتدخل بكل برود في البرج المقابل، مشهد لخص القرن العشرين.. شباب عرب! إذا كان العرب قادرين على هذا العمل فهذا يخلق أسئلة عديدة وهم بهذا البؤس وأن أمريكا سيدة العالم يمكن أن تكون بموقع ضعيف جداً وغير قادرة على الرد.
وختم أدونيس حديثه للمشهد بأنه يتمنى أن يموت ويدفن في قريته، الأمر الذي يؤكد أدونيس أنه سيكون متعذراً «أتوقع أن أموت خارج سورية».