أثارت المشاركة المرتقبة، للرئيس الفلسطيني محمود عباس، في تظاهرة باريس، اليوم الأحد، للتنديد بالهجمات التي وقعت في فرنسا الأيام الماضية، وراح ضحيتها 17 شخصاً، موجة من الاستنكار والغضب في صفوف رواد مواقع التواصل الاجتماعي الفلسطينيين.
ولم يكن الاعتراض على المشاركة بحد ذاتها، فالحوادث التي طالت فرنسا مدانة عند الفلسطينيين. لكن عدم قيام عباس بالتضامن مع غزة، بذات الطريقة، ومنع التظاهرات في الضفة المحتلة خلال العدوان على القطاع، وقمع إحدى التظاهرات المؤيدة لفلسطينيي اليرموك في سورية، هو ما أثار غضب الفلسطينيين.
وذكرت وكالة الأنباء الرسمية “وفا”، أنّ عباس وصل إلى باريس للقاء الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند، والمشاركة في المسيرة الجماهيرية التي تقام في المدينة، بمشاركة العديد من قادة العالم، للتنديد بالاعتداءات الأخيرة التي استهدفت فرنسا، والتضامن مع الضحايا.
وكتب المحلل والكاتب السياسي، فايز أبو شمالة، على صفحته في “فيسبوك”، أنه “من عجائب السياسة الفلسطينية، أنّ محمود عباس يشارك في مسيرة ضد الإرهاب في باريس، في الوقت الذي منع خروج أي مسيرة فلسطينية ضد العدوان الإسرائيلي الإرهابي على قطاع غزة”.
أما أستاذ العلوم السياسية، بجامعة الأمة في غزة، عدنان أبو عامر، فكتب بلغة أهل الشام: “آن أوان بق البحصة”، ليكمل بالعامية: “يعني سيادة رئيسنا المبجل سيصل فرنسا لتقديم التعازي، صاحب واجب طلع، لكن الـ2200 شهيد في غزة ما كانوا يستاهلوا منك زيارة تعزية؟.. طيب شو أحكي، لساني مش مطاوعني! حدا يحكي عني..”.
من ناحيته، كتب رئيس “المرصد الأوروـ متوسطي لحقوق الإنسان”، رامي عبده، على صفحته عن الزيارة قائلاً: “هذا الصباح يستحث الخطى إلى باريس، رئيس، يقدم شعبه مئات الشهداء في كل مواقع تواجده من غزة مرورا بالقدس واليرموك وعرض البحر! يسابق الزمن جنباً إلى جنب، وكتفاً بكتف مع المجرم، نتنياهو ليقدم العزاء في ضحايا حادثة باريس المدانة، لكن لم يسجل له أن وقف جنباً إلى جنب، مع طفل جائع، يقهره البرد، في اليرموك أو غزة!”.
وأضاف عبده: “لم يسجل له أن وقف كتفاً بكتف مع أسرة شهيد، لم يسجل له أن زار بيت شهيد أو أسير أو جريح”.
ومن المتوقع أن يشارك رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو في ذات التظاهرة، بعد أن استغل الهجوم بطريقة فاضخة لدعوة يهود فرنسا وأوروبا إلى الهجرة إلى إسرائيل، لأنها، حسب زعمه، الأكثر أماناً.
وفي صفحته على “فيسبوك”، قال الكاتب الفلسطيني عباد يحيى: “بما أن مؤسسات المجتمع المدني والبلديات وفعاليات سياسية وأهلية دعت لمظاهرة بمباركة وتوجيه من السلطة للتضامن مع “فرنسا الصديقة ضد الإرهاب”، يمكن أن يحمل بعض المتظاهرين لافتات ضد الاعتقال على خلفية قضايا الرأي والتعبير، وتطالب بإطلاق سراح المعتقلين لدى السلطة على تهم إطالة اللسان والتطاول على المقامات العليا”.
وأضاف يحيى، أنّ هذه دعوة بناءة للمشاركة، وبكل الأوجه مهمة ومفيدة خاصة أنها ستحظى بتغطية صحافية وإعلامية واسعة. مختتماً تدوينته بالقول: “مقاتلة السلطة في فضاءاتها وخطاباتها .. عبادة”.
ومن المفارقات، أنّ الرئيس عباس تفاخر بعد العدوان على غزة في عدة لقاءات صحافية، أنه منع خروج تظاهرات في الضفة الغربية تضامناً مع القطاع الذي تعرض لأقسى عدوان على مدار 51 يوماً.