كتب مراسل صحيفة “كريستيان ساينس مونيتور” تايلور لاك تقريرا عن الانقسامات في بيت آل سعود حكام المملكة العربية السعودية.
ويقول الكاتب إن تراجع صحة الملك عبدالله جعل الأمراء في العائلة يحضرون لمن سيخلفه، إلا أن هناك خلافات دائرة بينهم تهدد “بشل” الرياض، في وقت تشهد فيه المملكة تحديات داخلية وخارجية.
ويشير التقرير إلى أن الملك عبدالله (92 عاما حسب التقديرات)، يعاني من التهاب رئوي، وبسبب مرضه فقد تركزت الأنظار كلها على ولي العهد الأمير سلمان بن عبد العزيز (79 عاما) .
ويذكر لاك أنه بسبب اعتلال صحة الأمير سلمان، حيث يقول مقربون من القصر الملكي إن ولي العهد يعاني من الخرف في مراحله الأولية، فإن هناك حملة تتزايد داخل العائلة في الرياض لتجاوز الأمير سلمان وتسليم العرش لنائبه الأمير مقرن (69 عاما)، حين يعجز الملك عبدالله عن مواصلة الحكم.
وتبين الصحيفة أن كلا من ولي العهد ونائبه متشابهان في الأيديولوجية والمواقف، ومن المتوقع أن تكون فترة حكمهما قصيرة، حيث سيتولى الحكم أفراد من الجيل الثاني.
وينقل التقرير عن دبلوماسي سعودي في العاصمة الأردنية عمّان قوله: “الجميع متفق من الناحية العملية على أنه سيتم التقدم للأمام، سواء كان الأمير سلمان أو الأمير مقرن على عرش البلاد”.
ويعلق الكاتب بأنه في الوقت الذي يتفق فيه الجميع على من سيتولى الحكم مباشرة بعد وفاة الملك عبدالله، إلا أن الخلافات والمعركة على السلطة ستتركزان على تعيين ولي عهد قادم للبلاد.
ويلفت التقرير إلى أن احتمال تعرض البلاد لفترة من عدم الاستقرار يثير المخاوف من تأثر المملكة بالتحديات الإقليمية التي تفرضها إيران، وتلك النابعة من النزاع الذي فرضته الدولة الإسلامية، حيث تؤدي السعودية دورا مهما في التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة ضدها.
ويوضح الكاتب أن السعوديين الداعين للتغيير يخشون أن تؤثر فترة عدم الاستقرار على خلق جو من المناخ السياسي المحافظ الذي لا يتسامح مع مطالبهم.
وترى الصحيفة أن توريث العرش لأبناء مؤسس المملكة عبد العزيز بن سعود يمثل تقليدا منذ وفاته عام 1953، والأمير سلمان هو واحد من الأبناء، ومن هنا فمنصب ولي العهد سواء في عهده أو عهد نائبه الأمير مقرن سينتقل إلى أحفاد المؤسس، وسيكون هذا لحظة تاريخية مهمة ومصدرا للخلافات داخل العائلة.
وينقل الكاتب عن سلمان الشيخ، الباحث في معهد بروكينغز –الدوحة، قوله: “في الوقت الذي تم فيه تأمين الخلافة بعد الملك عبدالله، إلا أن السؤال المحير والمحمل بالتحديات ينبع بما بعد ذلك”، مبينا أن “ولي العهد القادم سينقل الشعلة للجيل الثاني، والجدال الحقيقي سيكون حول من سيتسلمها”.
ويفيد التقرير أن الملك عبدالله قد عيّن في عام 2007 مجلسا مكونا من 35 من الأمراء البارزين، وهو ما يسمى”هيئة البيعة”؛ للنظر في عملية نقل السلطة، والتصرف إن أصبح الملك عاجزا عن الحكم. ولكن المجلس لم يمارس سلطته، حيث تجاوزه الملك مرتين عندما عين ولي العهد الحالي ونائبه.
ويجد لاك أنه نظريا يحق لهيئة البيعة أن تمارس سلطتها في إدارة البلاد وبشكل مؤقت إن عجز الملك وولي عهد عن الحكم. وعلى الهيئة أن تسمي الملك الجديد وولي عهده في فترة سبعة أيام.
ويبين الكاتب أنه لا يُعرف كيف ستتم آلية نقل السلطة، فمجلس البيعة يترأسه الأمير مشعل بن عبد العزيز، وهو نفسه ليس من المرشحين للملك، ويحتاج لتعيين الملك القادم موافقة ثلاثة أرباع أعضاء المجلس. وقد توزعت عضوية المجلس على أبناء الملك المؤسس من أجل منع أي جناح في العائلة من السيطرة على العرش.
وتقول “ساينس مونيتور” إنه بالنسبة للجيل القادم في العائلة، فإن الأمير متعب بن عبدالله، نجل الملك الحالي، برز مرشحا في لعبة الخلافة. ويترأس حاليا منصب رئيس الحرس الوطني منذ عام 2013، ويؤدي متعب دورا لافتا في الحياة العامة، خاصة منذ مرض والده العام الماضي، حيث ناب عنه في عدد من المناسبات العامة، وقاد وفودا لزيارة دول عربية وغربية.
وتضيف الصحيفة أن الخبراء بالشأن السعودي يقولون إن صعود الأمير متعب (61 عاما) للحكم سيمنح البلاد استمرارية واستقرارا، خاصة أنه يمثل مدرسة والده في الإصلاح السياسي والاجتماعي المحدد، ولديه خبرة 30 عاما في السلك العسكري.
ويستدرك الكاتب بأن الأمير متعب ليس وحده مرشح الجيل القادم، فهناك وزير الداخلية الأمير محمد بن نايف (59 عاما)، ولديه علاقات قوية مع المسؤولين في دول الخليج. وينظر إليه على أنه المرشح الأجدر بعد الأمير سلمان والأمير مقرن.
ويورد التقرير أن المراقبين ينظرون إلى زيارة الأمير محمد إلى واشنطن في كانون الأول/ ديسمبر العام الماضي، واجتماعه مع مدير المخابرات الأمريكية جون برينان، ومستشارة الأمن القومي سوزان رايس ووزير الخارجية جون كيري، على أنها “الختم الرسمي” من الولايات المتحدة.
ويشير الكاتب إلى أن العديد ممن يدعمون الأمير نايف داخل العائلة المالكة هم من المخالفين للأمير متعب، الذين يتهمون الملك عبدالله بمحاولة بناء وراثة عائلية، وهو ما يعدونه خرقا لتقاليد الحكم في البلاد، حيث يتم تداول الحكم بين الإخوة.
ويقول دبلوماسي سعودي آخر: “في الوقت الحالي هناك جناحان داخل العائلة المالكة، فإما أنك مع الأمير متعب أو الأمير محمد، ولا توجد منطقة وسطى”، بحسب الصحيفة.
وتوضح الصحيفة أنه حسب توقعات سايمون هندرسون، من معهد واشنطن لدراسات الشرق الأدنى فهناك مرشح آخر للحكم، وهو الأمير أحمد بن عبد العزيز، وزير الداخلية السابق، الذي يرى البعض أن الملك عبدالله قد تجاوزه في تعيينات ولي العهد، رغم أن من حقه تولي العرش.
ويرى لاك أنه أيا كان الشخص الذي سيختاره مجلس البيعة، إلا أن السعودية ستعيش مرحلة خلافة طويلة، حيث ستنقل الشعلة للجيش الثاني من أحفاد الملك عبد العزيز.
ويقول الشيخ: “إن هذه الفترة تأتي في وقت غير مناسب للمملكة، التي تواجه تحديات من إيران والدولة الإسلامية”، فقد نفذ أتباعها عملية في 5 كانون الثاني/ يناير في بلدة على الحدود السعودية مع العراق. ويخشى الناشطون والداعون للإصلاح من تأثير الصراع على السلطة على ما تبقى لديهم من حريات، وفق التقرير.
وتختم “ساينس مونيتور” تقريرها بالإشارة إلى وجهة نظر ناشطة اسمها ياسمين، التي تقول: “مع الملك عبدالله كنا نعرف الخطوط الحمراء، وما هي المناطق التي نتحرك من خلالها. وفي ظل غموض الوضع حول الخلافة نخشى من تراجع الوضع وظهور عملية قمع للحريات الفردية”.