تمكَّن الكثير من زبائن متجر بيع المأكولات المطابقة للشريعة اليهودية في باريس أمس من الاختباء من المسلح المسلم الذي قتل أربعة أشخاص، وكانت المفارقة أن6 منهم اختبئوا في غرفة التبريد (الثلاجة) التي اقتادهم إليها العامل المسلم من أصول مالية لسانا باتيلي.
صحيفة” يديعوت أحرونوت” علقت على تلك المفارقة قائلة: “عندما دخل الإرهابي أميدي كوليبالي أمس الجمعة للمتجر اليهودي بباريس وفتح النار على المشترين فقتل 4 منهم، أنقذ أحد العمال في المكان ويدعي لسانا باتيلي- وهو مسلم هاجر إلى فرنسا من مالي- حياة 6 أشخاص بعد أن أدخلهم غرفة التبريد”.
ونقلت الصحيفة عن العامل المسلم قوله: “عندما ركضوا إلى أسفل فتحت لهم باب الغرفة وأدخلتهم إليها، قمت بإطفاء النور وإيقاف التبريد، أخبرتهم أن يبقوا هادئين”.
وبعد انتهاء العملية وقتل المسلح كوليبالي على يد قوات الشرطة، اعترف المشترون أنهم اختبئوا داخل غرفة تبريد باتيلي الذي أنقذ حياتهم. وقال مصدر فرنسي تحدث مع هؤلاء الرهائن إنهم تندروا داخل غرفة التبريد حول ما إن كان بإمكانهم فتح زجاجة خمر من عشرات الزجاجات المخزونة هناك.
ربما يستشهد البعض بالعامل باتيلي للبرهنة على سلمية المسلمين، والتأكيد أنه من الخطأ تعميم تهمة “الإرهاب” عليهم، في وقت بات يحلو لجماعات اليمين الفرنسي والأوروبي إلصاق تلك التهم بالمواطنين المسلمين بعد عملية اقتحام مقر مجلة “شارلي إيبدو” بالعاصمة الفرنسية باريس وقتل 12 من موظفيها الأربعاء.
المفارقة أيضًا أنَّ من ضمن الضحايا في الهجوم على مقر المجلة الساخرة، شرطي فرنسي مسلم من أصول عربية، اسمه “أحمد مرابط” كان أول الواصلين إلى موقع الهجوم، قبل أن يطلق عليه المهاجمون الرصاص ليردوه قتيلاً. وبحسب التقارير الفرنسية فإن مرابط يعمل في شرطة باريس المتجولة على الدراجات.
وكان المرابط42 عامًا في دورية قريبة من المكان عندما شاهد سيارة الأخوين كواتشي تحاول الفرار مخترقة شارع ريشار لونوار بالدائرة الـ11بباريس، وسرعان ما دار تبادل سريع لإطلاق النار وسقط المرابط ذو الأصول الجزائرية على الشارع بعد إصابته. وتقدم أحد المهاجمين نحوه صارخا” هل تريد أن تقتلنا” ثم أجهز عليه برصاصة في رأسه.
يقول زملاء أحمد المرابط إنه كان مستقيمًا ومتفانيًا في عمله، وكان رجلاً طيبا يحب زوجته وطفليه، وبمجرد انتشار أنباء مقتله توافد العشرات من سكان المنطقة على مركز الشرطة الذي عمل فيه، حاملين باقات الورود.
كان من بين هؤلاء “إيزابيل” مديرة مقهى قريب من مركز الشرطة والتي قالت “كان أحمد رجلا طيبا بالفعل ودودا لا تغادر الابتسامة محياه” وانتقدت الإعلام الذي لا يسلط الضوء إلا على “الإرهابيين المسلمين” دون التطرق لنماذج مثل أحمد رغم ما قدمه من تضحيات.
كذلك وبخلاف لسانا باتيلي، الذي خبأ 6 رهائن في الهجوم على المتجر اليهودي الجمعة، وأحمد المرابط الذي قتل خلال محاولته التصدي لمهاجمي “شارلي إيبدو” فإن هناك أيضًا مصطفى أوراد والذي قتل داخل مقر المجلة الفرنسية.
بالطبع لم يكن الجزائري أوراد 60 عاما ضمن المهاجمين، بل كان بين أعضاء هيئة تحرير شارلي إيبدو أثناء اجتماعهم الأسبوعي يوم الأربعاء الماضي، حيث يعمل مدققا لغويا في المجلة منذ نحو 18 عامًا قبل أن يسقط قتيلاً بفعل زخات الرصاص التي لم تسأل الضحايا عن دينهم أو بلدانهم.