فرضت العديد من وسائل الإعلام البريطانية والأمريكية رقابة على الرسومات المسيئة للإسلام، بعد الهجوم الدموي ضد مجلة شارلي إيبدو.
وأوضحت صحيفة سليت الفرنسية، أنه في حين أشادت بعض الصحف بعمل مجلة شارلي إيبدو من خلال نشر مجموعة مختارة من رسوماتها، بما فيها تلك التي هي على الأرجح مسيئة، فضَّل آخرون الامتناع عن نشر مثل هذه الرسومات. كما قامت عدة وسائل إعلام أمريكية وبريطانية، في مقالاتها المنشورة الأربعاء، بعدم إظهار الرسومات المسيئة للإسلام.
بدورها، نشرت الصحيفة البريطانية اليومية “الديلي تلغراف” صورة لامرأة وهي تحمل العدد المثير للجدل من مجلة شارلي إيبدو، الذي نشر فيه رسومات مسيئة للإسلام، إلا أن الصحيفة البريطانية قامت بتنقيط الرسم تمامًا حتى لا يظهر لقرائها، ثم تم لاحقًا إزالة الصورة من موقعها.
كما فضَّل الناشرون إظهار صورة لمدير تحرير المجلة وفنان رسومها ستيفان شاربونييه، المعروف باسم “شارب”، وهو يحمل صحيفته، كما حرصوا على أن يكون الرسم الموجود على الصفحة الأولى غير مرئي. وكان الرسم بعنوان “المحصنون 2″، لحاخام وهو يدفع إمامًا على كرسي متحرك.
أما بالنسبة لصحيفة نيويورك ديلي نيوز الأمريكية، فقد نشرت صورة لـ”شارب” وهو يحمل مجلته وبها رسم مسيء للنبي محمد، مع جعل الرسم غير واضح تمامًا.
وفي عام 2012، عندما نشرت مجلة شارلي إيبدو الرسومات الكاريكاتورية المسيئة للنبي محمد صلى الله عليه وسلم، نشرت الصحيفة الأمريكية نيويورك ديلي نيوز تقريرًا عن الموضوع مع صورة لـ”شارب” وهو يمسك المجلة التي بها الرسم بعنوان “المحصنون 2” مع عدم إظهار الإمام، في حين كان رسم الحاخام واضحًا.
من جهتها، قالت وكالة أسوشيتد برس: “نحن لم نوزع أي صورة فيها رسوم مسيئة للنبي محمد. وسياستنا خلال السنوات الأخيرة هي عدم نشر الصور الاستفزازية عمدًا”.
إلى ذلك، قررت معظم شبكات التلفزيون الأمريكية الرئيسة، بما في ذلك CNN وNBC عدم إظهار الرسومات التي من شأنها أن تصدم بعض الحساسيات.
وهو النهج المعتمد نفسه في صحيفة نيويورك تايمز التي أوضحت أنه “وفقًا لقواعد الصحيفة، فنحن لا ننشر عادة الصور التي يتم إنشاؤها عمدًا من أجل صدم المشاعر الدينية. وبعد أن فكرنا مليًّا في هذه المسألة، اعتبر محررو الصحيفة أن وصف هذه الرسوم من شأنه أن يعطي للقراء المعلومات الكافية لفهم الأحداث”.
وبعيدًا عن الإجراءات الأمنية، فإن هذا الموقف ربما يعكس أيضًا حقيقة أن بعض الناشرين يرون أنه لا داعي لنشر مثل هذا النوع من الرسوم المسيئة، حتى إن نشرها يعتبر غباء، بحسب ما كتبه كاتب عمود صحيفة فاينانشال تايمز الأربعاء.
وبينما يرى البعض أن هذه الرقابة الذاتية تعتبر شكلًا من أشكال الاستسلام أمام التطرف، يرى البعض الآخر أن هذا التوجه فيه الكثير من الواقعية، فما الداعي من إلقاء الزيت على النار؟ هذا الموقف الذي يقترب من ردة الفعل الرسمية للبيت الأبيض، عندما نشرت شارلي إيبدو رسومات مسيئة للإسلام سنة 2012.
وأعلن المتحدث باسم الرئيس باراك أوباما أنه إذا كان من حق الصحافيين نشر أشياء جارحة، فإن ذلك لا يعتبر بالضرورة فكرة جيدة، قائلًا: “تحدثنا عدة مرات حول أهمية حماية حرية التعبير، وهو حق منصوص عليه في دستورنا، وبعبارة أخرى، نحن لا نشكك في حق نشر مثل هذه الأشياء، وإنما فقط نشكك في اتخاذ القرار بنشرها”.