بعد الهجوم الذي نفذه مسلحون الأربعاء على مجلة شارلي إيبدو الفرنسية وأودى بحياة 12 شخصا، بينهم 10 صحفيين يظهر تساؤل هام عن تاريخها وماهيتها.
صحيفة الإندبندنت البريطانية أجابت على ذلك فذكرت أن شارلي إيبدو هي مجلة أسبوعية ساخرة يسارية التوجه، تشتهر بطابع استفزازي وتتبنى موقفا معاديا للدين، وتحتوي أقسامها على رسوم كارتونية وتقارير ونكات، ومناظرات جدلية عنيفة.
واعتادت المجلة العلمانية السخرية من كافة الأديان، والدفاع عن حقوق المرأة، وانتقاد الشخصيات العامة من السياسيين إلى القضاة، ومؤسسي الأديان.
ووُصفت شارلي إيبدو بأنها أكثر فجاجة وقسوة من غريمتها “لو كانار”، والتي تركز على نشر تفاصيل تقارير سرية.
كيف بدأت؟
بدأت شارلي إيبدو بطاقم عمل مجلة فرنسية أخرى تدعى “هارا كيري”،كانت قد حظرت بدعوي “مخالفتها للذوق العام”، بعد أن سخرت على واجهتها من وفاة الرئيس الفرنسي “شارل ديجول”.
وفور حظر المجلة، أسس فريق عملها “شارلي إيبدو” عام 1969، وترأس تحريرها فرانسوا كافانا حتى أغلقت عام 1981.
وعادت شارلي إيبدو للظهور مجددا عام 1992، تحت قيادة فيليب فال، حتى عام 2009، وتولى ستيفان شاربونييه مهمة رئاسة التحريرعام 2012.
تاريخ من الرسوم المسيئة
في عام 2006، احتوى غلاف أحد أعداد المجلة على عبارة “محمد يطغى عليه المتشددون”، أعادت فيه نشر كاريكاتيرات للرسول محمد كانت قد نشرته في الأصل صحيفة دانماركية، بجانب رسم كارتوني جديد من صنيعة شارلي إيبدو.
وينظر المسلمون إلى تجسيد النبي محمد باعتباره نوع من الكفر، وأثارت الرسوم المشار إليها احتجاجات عنيفة في معظم أرجاء العالم.
ورفضت محكمة فرنسية دعوى قضائية، رفعتها 5 منظمات إسلامية، طالبت فيها بحظر نشر الرسوم.
وفي عام 2011، نشرت المجلة عددا خاصا، أظهر رسما كارتونيا للرسول محمد على غلافها مع عبارة: ” ألف جلدة إذا لم تمت ضاحكا”، مع إعادة تسمية المجلة على نحو هزلي باسم “Charia Hebdo’ أو “شريعة إيبدو”، في سخرية من الشريعة الإسلامية، وزعمت أن النبي هو “رئيس تحرير” هذا العدد.
واشتعلت النيران في مقر المجلة ذات الطابقين، ودمرت تماما في أعقاب نشر هذا العدد الخاص، وتعرض صحفيوها لتهديدات بالقتل، كما تعرض الموقع الإلكتروني للمجلة للقرصنة، واستبدل بصورة لمكة، مع عبارة “لا إله إلا الله”.
وبعد أسبوع، احتوى غلاف المجلة على رسم كارتوني لرجل ملتح يقف أمام مبنى تعرض لقصف، مع عبارة “الحب أقوى من الكراهية”.
وفي 2012، نشرت شارلي إيبدو مجددا صورا ساخرة للرسول على خلفية المظاهرات التي شهدتها ضد الفيلم الأمريكي “براءة المسلمين”، والذي أساء للرسول.
وفي أحد تلك الرسوم، يظهر يهودي أرثودوكسي، وهو يدفع رجلا يجلس على كرسي متحرك زعمت المجلة أنه الرسول، كما جسدته في أخرى عاريا.
أبو بكر البغدادي
ونشرت قبل قرابة 15 دقيقة من وقوع عملية إطلاق النار داخل مقرها في العاصمة الفرنسية باريس رسماً ساخراً للخليفة المزعوم لتنظيم داعش أبو بكر البغدادي، مع تعليق يقول “أطيب التهاني للبغدادي” ويرد الأخير بالقول “وخصوصاً بالصحة”، في إشارة إلى الحملة التي يخوضها التحالف الدولي من أجل القضاء عليه وعلى تنظيمه.
كما نشرت في وقت سابق على غلاف لها رجلًا ملثمًا يرتدى ملابس أشبه بالتى يرتديها عناصر (داعش)، ويحمل سيفًا يقطع به رأس النبى محمد، وهو يتفوه بكلمات بها إساءة بالغة للرسول تحت بعنوان (عودة محمد).
وأعلنت الشرطة الفرنسية مقتل 12 شخصا وإصابة 20 بإطلاق نار إثر الهجوم، وروى صحفي فرنسي اسمه بينوا برينجيه الذي شهد الهجوم أن ملثمين مسلحين شنا الهجوم بينما أفاد بيار كوسيت، وهو مذيع في “أوروب 1″، أن المهاجمين المزودين بأسلحة أوتوماتيكية وقاذمة صواريخ صرخا :”تم الثأر للنبي”، وهما تمكنا لاحقاً من الفرار في سيارتين ومعهما رهينة بعد تبادل للنار مع رجال الأمن.
وتوجه الرئيس الفرنسي فرانسوا هولاند إلى مقر الصحيفة في العاصمة باريس، وقال :”نحن في أيام صعبة، نحن نواجه التهديد لأننا أمة حرة”.