أدانت السلطات السعودية الدولة الإسلامية، ولكنها تخشى من الآثار المزعزعة للاستقرار لأي فحص مفصلي لمبادئها المشتركة مع هذا التنظيم.
قبل فجر يوم الاثنين، هاجم مسلحون نقطة حدودية سعودية على الجانب العراقي من الحدود، وأدى الاشتباك إلى مقتل ثلاثة جنود وأربعة متشددين، وفقًا لوكالة الأنباء الحكومية السعودية.
وتبين لاحقًا أن أحد الجنود القتلى لم يكن من حرس الحدود العاديين، بل كان قائد قوات الحدود الشمالية للمملكة العربية السعودية، العميد عوض البلوي. وهذا يشير إلى أن الهجوم استهدف ضحيته بعناية، وربما بناءً على معلومات داخلية تتعلق بمكان الجنرال.
ويعزى تنفيذ هذا الهجوم على نطاق واسع إلى تنظيم الدولة الإسلامية، مع وجود بعض التقارير التي تقول بأن الجماعة أعلنت مسؤوليتها عنه. ومن الممكن النظر إلى هذا الهجوم ببساطة على أنه طريقة للانتقام من مشاركة السعودية في حملة القصف التي تقودها الولايات المتحدة ضد داعش، أو كخطوة ضمن مساعي داعش المعلنة لتوسيع دائرة الصراع الحالي في سوريا والعراق لتشمل الأراضي السعودية.
وليس هناك شك في أن لدى داعش على حد سواء متعاطفين ومؤيدين نشطين داخل المملكة، فقد أعلنت الجماعة مسؤوليتها عن إطلاق النار على المواطن الدنماركي في الرياض في نوفمبر الماضي، على سبيل المثال. ولكن مسألة ما إذا كانت الجماعة قادرة على تأسيس موطئ قدم عسكري لها في المملكة، هي مسألة أخرى. داعش تميل إلى الازدهار عسكريًا في أماكن تكون فيها الحكومة المركزية ضعيفة، وهذا ليس هو الحال في المملكة العربية السعودية.
حيث إنه، ومن الناحية العسكرية، جهاز الأمن السعودي قادر على الأرجح على قمع داعش على أراضيه، تمامًا كما فعل مع تنظيم القاعدة طوال عقد من الزمن. ولكن من الناحية الأيديولوجية، المملكة ليست في وضع يمكنها من مواجهة داعش.
والمشكلة هنا هي أن هذا التنظيم والمملكة العربية السعودية يتشابهان أيديولوجيًا؛ ولذلك، فإن محاولة تحدي داعش في هذا الشأن سوف تحمل خطر تقويض الأسس الأيديولوجية للدولة السعودية أيضًا.
وكما لاحظت هبة صالح، وسيميون كير، في مقالهما لصحيفة فاينانشيال تايمز في سبتمبر الماضي، فإن: “بعض ملامح أيديولوجيا داعش، مثل الكراهية للمسلمين الشيعة وتطبيق عقوبات صارمة مثل بتر الأطراف، هي ملامح مشتركة مع الفكر السلفي الذي تتبناه الوهابية السعودية. داعش أشارت صراحةً إلى المعلمين الوهابيين في وقت مبكر، مثل محمد بن عبد الوهاب، لتبرير تدميرها للمزارات الشيعية والكنائس المسيحية عبر العراق وسوريا. وقام التنظيم أيضًا بتجنيد الآلاف من المواطنين السعوديين إلى صفوفه”.
وأضاف المقال: “مع ذلك، وعلى النقيض من التشجيع الرسمي الضمني للمزيد من الأصوات الليبرالية بعد 9/11، كان أي نقاش داخل المملكة العربية السعودية حول دور العقيدة الرسمية في تعزيز تطرف المجموعة خجولًا، ومقتصرًا إلى حد كبير على وسائل الإعلام الاجتماعي. وكانت السلطات السعودية سريعة في إدانة داعش. ولكن، وفقًا للمراقبين، كانت حريصة أيضًا على تجنب أي فحص دقيق للروابط الأيديولوجية المشتركة بين المجموعة المتطرفة والمدرسة الدينية السعودية، قد يؤدي إلى زعزعة الاستقرار وشرعية العائلة المالكة“.
ولذلك، تعد القضية الأساسية هنا هي المنافسة بين شرعية الملك، وشرعية الساعي إلى أن يصبح الخليفة. وعلى حد قول اثنين من مؤيدي الحكومة السعودية: “لاستعادة الخلافة، ستحتاج داعش في نهاية المطاف إلى زرع نفسها في بؤرة الحياة الإسلامية، مكة المكرمة والمدينة المنورة؛ ولذلك، فإن طريق داعش إلى الخلافة يمر عبر المملكة العربية السعودية حتمًا”.
ولسوء حظ نظام الحكم في السعودية، يأتي هذا التحدي من الخليفة المغرور في الوقت الذي تسود فيه حالة من عدم اليقين بشأن الخلافة الملكية. الملك عبد الله، وهو الآن في التسعينيات من عمره، هو في المستشفى، ويقال للعلاج من الالتهاب الرئوي. وخليفته المحتمل، ولي العهد الأمير سلمان، هو في الـ77 من عمره، وليس في صحة جيدة أيضًا.
وحتى الآن، اتخذت الجهود السعودية لمواجهة داعش أيديولوجيًا شكل الاستنكارات الصادرة عن رجال الدين، وهم الشخصيات التي ليس لديها تأثير محتمل على أنصار داعش والمتعاطفين معها. ولكن، من الصعب معرفة ماذا يمكن للحكومة السعودية أن تفعل أيضًا في هذا المجال دون تعريض نظام الدولة الخاص بها للخطر.
الملك والأمراء السعوديون حفروا حفرة لأنفسهم عن طريق تسخير الدين في السعي وراء السلطة. وقد عززت هذه المؤهلات الدينية مطالبتهم بالشرعية، وساعدتهم في تأكيد سلطتهم لفترة طويلة، ولكنها الآن أصبحت عبئًا، قد يكون من المتأخر جدًا تجنب ضرره.
براين ويتاكر – الغارديان (التقرير)