واصل أستاذ العلوم السياسية في جامعة الإمارات «عبدالخالق عبدالله» انتقاده لما أسماه بعودة النظام البوليسي في مصر في ظل حكم «عبدالفتاح السيسي»، والتي تخطت ما كانت عليه إبان حكم «جمال عبد الناصر»، والرئيس المخلوع «حسني مبارك»، حسبما أخبره بعض أصدقائه في مصر.
وفي 25 نوفمبر/تشرين الثاني الماضي انتقد مستشار ولي عهد أبوظبي دولته الإمارات وقال إنها «أصبحت عدو لملايين العرب بسبب عدائها للإخوان».
وتأتي تلك الانتقادات وأكبر الداعمين لانقلاب 3 يوليو الذي نفذه الجيش؛ سواء في الإمارات أو البحرين، يستعدان لاستقبال «عبدالفتاح السيسي» على بعد أن استقبلته الكويت قبل أيام.
وتتزامن تلك الانتقادات وتخوفات نقلها «أحمد الجار الله» رئيس تحرير جريدة السياسة «الكويتية» عن رجال الأعمال في الكويت الذين يريدون الاستثمار في مصر ولكنهم يخشون ضياع أموالهم إن عاد الإخوان للحكم وانهار الانقلاب.
وكان الشيخ «محمد بن راشد» نائب رئيس الإمارات رئيس مجلس الوزراء حاكم دبي قد أعلن سابقا تفضيله بألا يرشح «السيسي» نفسه لرئاسة مصر قبل 30 يونيو/حزيران 2014 وكررها «ضاحي خلفان» عندما عضد وكرر نفس الجملة مؤكدا أنه يفضل لو بقي «السيسي» وزيرا للدفاع حاميا للدولة ونظامها العسكري بعد إزاحة «الإخوان» من سدة الحكم.
مراقبون يرون أن الإمارات ودول الخليج تدرك أن بقاء «عبدالفتاح السيسي» في رئاسة مصر غير مجد فهو صاحب الملف الدموي الأكثر بشاعة في تاريخ مصر وأن دعمه انتهى بمجرد أداء الدور المرسوم له وأنه طمع في أكثر من حقه.
لكن، وعلى الرغم من تخفيض الدعم الاقتصادي للسيسي، سواء بقصد أو رغما عنهم لانخفاض أسعار النفط العالمية، يرى كثير من المتابعين أنه حتى اللحظة الراهنة ليس ثمة تحول حقيقي في مواقف دول الخليج تجاه «السيسي».
انتقادات قاسية
الانتقادات الخليجية متمثلة في تغريدات مستشار ولي عهد أبوظبي ،الدكتور «عبدالخالق عبدالله» – المهاجم الشرس لجماعة «الإخوان المسلمين» وتيار «الإسلام السياسي» بشكل عام – كانت جلية، وفي ظرف سياسي واقتصادي حرج وصمت إعلامي مصري مطبق.
حيث أوضح «عبدالخالق عبد الله» في عدة تغريدات نشرها على حسابه الشخصي في موقع التواصل الاجتماعي تويتر، أن الحكومة الإماراتية وعلى الرغم من دعمها لانقلاب «السيسي» سياسيا وماليا، إلّا أنها ترفض وجود من 20 – 40 ألف معتقل سياسي بحجة محاربة الإرهاب و«الإخوان»، مضيفا: «هذا الثمن غير مقبول سياسيا وأخلاقيا».
وأضاف «مهما كانت حقيقة عودة الدولة السلطوية في مصر، فالمهم أن لا يستغل البعض دعم الإمارات ودول الخليج لاستقرار مصر من أجل تنفيذ أجندته السلطوية، لأن الإمارات ودول الخليج تدعم مصر الآمنة والمستقرة، لكن لا يمكن أن تكون مع حكومة تهدر كرامة الإنسان المصري، وتنتهك حقوقه وحرياته ليلا ونهارا».
وتابع: «البعض في مصر يعتقد أنه بالنسبة للإمارات ودول الخليج، فإن عودة الاستقرار مرتبط بعودة الدولة السلطوية ممثلة في السيسي، فهما وجهان لعملة واحدة».
وقال: «طرحت هذا السؤال على عدد من الزملاء في مصر: هل أخذت الدولة البوليسية في مصر تنتعش من جديد بعد 4 سنوات من ثورة 25 يناير وفي ظل الرئيس السيسي». وأضاف: «هل انتهى الربيع المصري إلى لا شئ وهل انتهت ثورة الحرية دون أن تحقق الحرية والتنمية المنشودة بعد أربع سنوات من اندلاعها».
ولفت أستاذ العلوم السياسية إلى أن «الدولة البوليسية عادت بقوة بل أسوأ مما كانت عليه.. ومن مظاهر الدولة البوليسية في مصر ٢٠-٤٠ ألف معتقل وقانون التظاهرات والهجوم على النشطاء والمناخ المكارثي والتخويني في الإعلام ضد كل معارض».
وأضاف: «الإمارات ودول الخليج تدعم مصر الآمنة والمستقرة لكن لا يمكن أن تكون مع حكومة تهدر كرامة الإنسان المصري وتنتهك حقوقه وحرياته ليلا ونهارا.. البعض في مصر يعتقد انه بالنسبة للإمارات ودول الخليج فان عودة الاستقرار مرتبط بعودة الدولة السلطوية ممثلة في السيسي ، فهما وجهان لعملة واحدة».
وحمل في آخر تغريداته في هذا الإطار المسؤولية لـ«الإخوان» قائلا: «البعض أيضاً يعتقد أن الدولة البوليسية تنتعش بسبب غباء الإخوان ويحملون الجماعة مسؤولية عودة السلطوية بأسوأ مما كانت عليه قبل الثورة».
هجوم مضاد
التغرديات واجهتها تعليقات غاضبة من بعض المغردين، ومنهم «بوفارس» الذي قال: «عندما يذهب الأمن ويزيد الدم ويقتل الأخ أخاه ويشرد الآلاف فمرحبا بالدولة البوليسية».
وقالت «MONA»: «اتضح النظام البوليسي هو الأنفع والأجدر في ظل أحزاب إرهابية مخربة أرادت بعملياتها إضعاف الأمن المصري وجيشه». وقال «أبو عبد العزيز& £ »: «ما يصلح للمصريين إلا الدولة البوليسية وأما مقولة ديمقراطية فهذه لا تصلح للعرب البته».
أما أكثر المغردين حضورا تعليقا وتهديدا على التغريدات «عبد الله عقيدة» والمعروف بخلفيته العسكرية ويشغل منصب هيئة حكومية للزكاة حيث تساءل: «الضرب على يد من تسول له نفسه العبث بأمن مصر وقتل الأبرياء وتفجير الممتلكات العامة والخاصة أصبحت الآن دولة قمعية دكتور ؟!!!».
واعتبر «عقيدة» أن «التغريدة – يقصد التي تتعلق بالدعم الإماراتي – تحمل الكثير من القنابل وطرح فيه الكثير من الفتنة»، وأضاف: «هل يترك الأمر وتعبث يد التطرف والإرهاب في أوصال مصر هو الصح يا دكتور ؟.. حبالك طويله يا دكتور».
وتسائل «أحمد سعيد – بوذياب»، الذي يصفه مغردون معارضون كأحد أفراد اللجان الإلكترونية الأمنية، قائلا: «إن كانت الدولة كما تراها يا دكتور تحولت لدولة بوليسية ونجحت في قمع الارهاب، وحماية المدنيين ونشرت الأمن، فأين المشكلة إذا؟».
وقال «Browse Account»: «الله يديم نعمة الدول البوليسة علينا».
هل هي مراجعات مهمة؟!
بعض المعلقين رأوا أن لا داعي لإعطاء وزن للتغريدات. بينما الكاتب والصحفي المصري «جمال سلطان» أعتبر أن ما يقدمه «عبدالخالق عبدالله» «مراجعات مهمة للدعم الخليجي الإماراتي لمصر» وأنها تغريدات «جديرة بالتأمل».
أما «Abo Omer» فسخر قائلا: «الحمد لله… لم يعد هناك دولة من الأساس… إرتاح!!!».
وتعجب «عبدالله العنزي» من تغريدات «عبد الخالق يكذبها الواقع قائلا: «هذا ما أراده حاكمك، أنت أول من بارك هذا الفعل الشنيع إذا لا تدعي الشرف وأنظر لمن هم قابعين بالسجن ظلما في بلادك»، وشاطره «Kһɑlìɗ ♡» الرأي قائلا: «على أساس أن الإمارات والسعودية يحترمون المواطن في بلدهم وكرامته روح شوف السجون السياسية مافي فرق بينهم وبين بشار والسيسي».
وفي سياق متصل قال «omar»: «المصيبة أنك لا زلت تتسأل! كأنك لاتعلم عن المجازر والقمع وعدد المعتقلين ولا أحكام القضاء الجائرة .! ألم تتسأل عن القتلى !؟».
فيما رأي «سلطان نهير العْلُوي» أن التغريدات من المستشار «تغيرت نبرته تجاه مصر وهو أمر له علاقة بالدعم الإماراتي الخليجي لمصر السيسي».
وسيرا على منهج التساؤلات، تساءل «ناصر النعيمي» :«هل تعتقد أن مذبحة رابعة التى ارتكبها السيسي تمت بدون ضوء أخضر خليجي؟».
وقال «مترك البندر»: «كرامة المصري تهان وتداس تحت مرئى ومسمع وبرضى وبأموال حكام السعوديه والإمارات».
توزيع أدوار
لم يصدق «ابن الصحراء» التغريدات وقال: «لكنكم يادكتور دعمتم جهارا نهارا من انتهك حقوق المصري وحريته والدليل وضع حزب بقائمة الإرهاب ومصادرة رأي المتعاطفين معه بالحق».
وأوضح «لو تلاحظ يادكتور ستجد أن أغلب الردود متعاطفة مع الإخوان رغم عدم انتماءهم لهم وانا أحدهم مما يدلك على أن الظلم ترفضه الفطرة».
وعلى نفس نغمة التناقض علق «د. يوسف العولة»: «يادكتور أنت كمن يقتل القتيل ويمشي في جنازته ، أرجو أن تكون صحوة ضميرٍ غير متأخرة».
وشاطره «عـــزّام» الرأي بقوله: «صحوة ضمير متأخره؟ أم تحسين لصورة البعض؟».
ولكن« مشعل المغامسي» قال: «أن تقول الحق متأخرا خيرا من أن لاتقوله ابدا»، ووصف «عتيق الزهراني» التغريدات بـ«ـكلام جميل ومنطقي افتقدناه كثيرا منكم دكتور».
ولكن «NasserIbnHamad» و«عبدالعزيز المطوع» عاد إلى رأي «أديب» و«أحمد رحمه »قائلا: «دكتور هذا حسابك ولا مهكرز؟!!» وقال «Hasan Nassar»: «هذا الحساب يتحدث باسم الحكومة الإماراتية غير رسمية».
وعلى كل قال «عبدالعزيز التميمي»: «سبحان مغير الأحوال.. أكمل دكتور متابعينك نسمع أرآئك والتحول المفاجئ».
الخليج الجديد