نشرت الكاتبة الإسرائيلية “هداس هروش” هذا المقال ردا على الحملة التي استهدفت بطلة أفلام البورنو مايا خليفة:
منذ عدة أيام، لا يتوقف العالم العربي عن الغضب بخصوص ممثّلة الإباحية من أصول لبنانية، مايا خليفة. كان السبب الرئيس للانشغال بها، خصوصا كونها نجمة الإباحية الأكثر شهرة في العالم العربي، هو اختيارها لتكون نجمة في فيلم إباحي وهي ترتدي الحجاب. الدمج بين رمز إسلامي واضح جدّا ممّا اعتُبر ذروة اللعنة.
ولكن، تطرح هذه القضية العديد من التساؤلات. إلى جانب صرخات الـ “حرام”، من الواضح أنّ الحديث عن خليفة أصبح شائعا جدا لكونها ممثّلة إباحية، بخلاف صورها الإباحية المكشوفة التي تظهر في كل مكان في الشبكة. أصبحت كلمات “مايا خليفة” على مدى عدة أيام أكثر كلمات يتم البحث عنها في جوجل في غالبية الدول العربية، ومن المرجّح أن الناس لم يبحثوا عن المقالات فحسب… أحد الأدلة على ذلك هو أنّه بعد كلمات “مايا خليفة” بشكل مباشر كان البحث التالي في القائمة هو موقع “بورن هاب”، وهو أحد مواقع الإباحية الأكثر شهرة في العالم. أي إنّ الاهتمام بمايا خليفة نابع من البحث عن الإباحية.
ويوجد لذلك مرجعية من الإثباتات. تُظهر العديد من الدراسات، بالإضافة إلى إحصاءات التصفّح البسيطة، أنّ استهلاك الإباحية في العالم الإسلامي هو من الأكبر في العالم. على سبيل المثال، وفقا لما نشرته جوجل، من بين 10 دول في العالم كان فيها أكثر نسبة عمليات بحث مرتبطة بالجنس، فإنّ 6 منها كانت دولا إسلامية، حيث تقع باكستان في المركز الأول، ومصر في المركز الثاني. ويأتي بعدها أيضًا إيران (المركز 4)، المغرب (5)، السعودية (7) وتركيا (8).
بالإضافة إلى ذلك، كانت اللغة التي بحث فيها أكبر عدد من الأشخاص عن كلمة “سكسي” هي العربية. يُظهر بحث صغير في موقع تصنيف المواقع، “أليكسا”، أنّه من بين أكثر 50 موقعا مشهورا في مصر، هناك 3 مواقع إباحية، وهكذا أيضًا في الأردن. وذلك أيضًا دون تضمين الدخول إلى مواقع كهذه من خلال نوافذ “التصفّح المتخفّي” التي لا يمكن تعقّبها.
لماذا، إذا كان الأمر كذلك، هناك فجوة كبيرة جدا؟ لماذا في الدول الإسلامية بالذات هناك الكثير من المعارضة للإباحية على أساس أنها “خطيئة ورجس”، ومن جهة أخرى فإنّ استهلاك الإباحية فيها هو من بين أعلى المعدّلات عالميّا؟ هل هو نفاق؟
أول تفسير يقفز إلى الذهن مباشرة هو أنّ الحظر تحديدا هو الذي يزيد من الفضول. إنه قانون بسيط يعمل على كلّ طفل: المحظور هو الأكثر رغبة. ولأنّ تلك الدول تحظر مواقع الإباحية وتحجبها، يتزايد الفضول والبحث عنها. لأنّ موضوع الجنس هو أحد “المحظورات” ولا يتم الحديث عنه، فإنّ الفضول إزاءه يتزايد، بحيث إنّ المزيد والمزيد من الأشخاص يبحثون عن معلومات عن الجنس في الإنترنت.
ولكن في نظري هناك تفسير أكثر عمقا. من وجهة نظري ليس هناك في الحقيقة تناقض بين تلك المعارضة العلنية للإباحية، وبين الاستهلاك المتزايد لها في العالم الإسلامي. من وجهة نظري أنهما وجهان لعملة واحدة؛ اضطهاد المرأة وتشييؤها، النظر إلى المرأة كـ “ممتلكات” تخصّ الرجل، وأداة في يديه يفعل بها ما يشاء، وفقا لما تمليه الثقافة العربية والإسلامية منذ مئات السنين.
قضية مايا خليفة توضّح ذلك جيّدا. من جهة؛ كان هناك من صاح من فوق أسطح المنازل بأنّها كافرة، وأنّه يجب قتلها وقطع رأسها، كما لو أنهم يعرفون ما هو الجيّد لها، وكان هناك من بحث ببساطة عن صورها العارية والأفلام الإباحية من بطولتها، بالتالي، من أجل تلبية احتياجاتهم الخاصة.
لم يُطرح النقاش ولو حتى لمرة واحدة حول رغبات مايا واختياراتها: إذا كان هذا هو جسدها، لماذا تختار أن تفعل به استخداما كهذا بالذات، وهل اختارت ذلك بنفسها، وهل هذا أمر جيّد؟ أم إنّه لا يزال يعتبر مهينا للمرأة حيثما كانت
وقد أشارت خليفة نفسها إلى النفاق في الشرق الأوسط، عندما كتبت في حسابها الرسمي بتويتر:
“ألا يوجد لدى الشرق الأوسط أمور أهم تدعو للقلق سواي؟ ماذا عن إيجاد رئيس (للبنان)، أو إيقاف داعش”؟
إذن فقبل أن يستمرّ أولئك الإسلاميون في الصراخ من فوق أسطح المنازل وتهديد حياة خليفة؛ ربما من المفضل أن يقوموا بالنقد الذاتي ويفهموا لماذا يستهلك الرجال المسلمون الكثير من الإباحية. ربما سيؤدي المزيد قليلا من الانفتاح، والمزيد قليلا من الاحترام لحرية المرأة، إلى اعتدال ما لهذه الظاهرة.
هداس هروش