أثارت الزيارة التي قام بها الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي، إياد مدني، لمدينة القدس المحتلة جدلا واسعا في أوساط العالمين العربي والإسلامي، حيث أنها أتت بالمخالفة للعديد من الفتاوى الشرعية وآراء المؤسسات الدينية المختلفة، التي تحرم زيارة مدينة القدس والمسجد الأقصى طالما كانا قابعين تحت سلطة الاحتلال الإسرائيلي، رافضين التطبيع مع الكيان الصهيوني تحت غطاء “زيارة المسجد الأقصى”.
ولاقت زيارة مدني للقدس رفضا واسعا من قبل العديد من الفصائل الفلسطينية وكذلك قوى وطنية وإسلامية في عدد من دول العالم الإسلامي، فضلا عن تجديد الأزهر والكنيسة المصرية رفضها لتلك الدعوات.
وفي مفارقة غريبة، رحب وزير الأوقاف الفلسطيني “يوسف ادعيبس” بزيارة أمين عام منظمة التعاون الإسلامي للقدس، في الوقت الذي رفض فيه الزيارة كل من مؤسسة الأزهر، والكنيسة المصرية، واتحاد علماء المسلمين، وحركة المقاومة الإسلامية حماس، وجماعة الإخوان المسلمين بالأردن، والحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر.
واعتبر الشيح رائد صلاح ، رئيس الحركة الإسلامية داخل الخط الأخضر، أن زيارة الأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إياد مدني إلى المسجد الأقصى في القدس المحتلة ودعوة المسلمين لزيارته؛ تطبيع غير مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي، وهو ما ذهب إليه الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي.
وقال الشيخ رائد صلاح – في مقابلة سابقة مع الجزيرة – إن الزيارة “عثرة مؤلمة وتطبيع غير مباشر مع الاحتلال الإسرائيلي”.
وأعرب عن أسفه لهذه الزيارة، التي قال إن مردودها “يصب في مصلحة الاحتلال الإسرائيلي ويكرس السيادة الباطلة على القدس والمسجد الأقصى المبارك”.
حماس: تحرير القدس أولى من زيارتها تحت الاحتلال:
كما رفضت حركة المقاومة الإسلامية “حماس” محاولات البعض التطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي تحت غطاء زيارة المسجد الأقصى المبارك.
وقالت الحركة – في بيان لها اليوم تعقيبا على دعوة أمين عام منظمة التعاون الإسلامي المسلمين لزيارة القدس وهي تحت ظل الاحتلال – :”إننا في حركة “حماس” نؤكد أن تحرير القدس والمسجد الأقصى من دنس الاحتلال هو واجب على كل المسلمين في كل بقاع الأرض، ولا يجوز التخلي عن هذا الواجب”.
وشددت على أن تحرير القدس والمسجد الأقصى ليس له إلا طريق واحد، طريق المقاومة والجهاد، لافتة إلى أن الشوق إلى المسجد والصلاة فيه لا يمكن أن يكون مبرراً للتطبيع مع الاحتلال.
الإخوان المسلمون بالأردن يدينون الزيارة:
كما أدانت جماعة الإخوان المسلمين بالأردن زيارة مدني للأقصى، وقالت في بيان لها: “لم نستغرب مطلقاً هذه الزفة التي نظمت للأمين العام لمنظمة التعاون الإسلامي إلى رام الله، لأجل أن يؤدي الدور المطلوب منه في تحليل زيارة القدس تحت راية الاحتلال ولفائدته وبشروطه والقفز على امتهانها وهوان أهلها واستهداف بقعتها وإنسانها وعمرانها وهويتها”.
القرة داغي: الزيارة بمثابة تطبيع مع الاحتلال:
ولم يختلف موقف الأمين العام للاتحاد العالمي لعلماء المسلمين علي القرة داغي، عمن سبقوه بالرفض القاطع للزيارة.
واعتبر في تصريحات صحفية أن زيارة المسلمين للقدس والمسجد الأقصى بمثابة تطبيع مع الاحتلال الإسرائيلي، وأوضح أنه يؤيد فقط زيارة القدس من قبل الفلسطينيين أو من هم من أصول فلسطينية أو من له مصلحة حقيقية، وفق تعبيره.
وعن الموقف الرسمي للاتحاد تجاه هذه الدعوة، أشار القرة داغي إلى أن الاتحاد لم يتخذ موقفا بهذا الشأن، وقال إن الموضوع سيطرح على مجمع الفقه الإسلامي الذي سيعقد في الكويت في أبريل المقبل.
الأزهر والكنيسة يجددان رفضهما لزيارة القدس:
وفي السياق ذاته جدد كل من الأزهر والكنيسة المصرية، رفضهما لتلك الدعوات، مؤكدين أن موقفهما واضح وهو وجوب مقاطعة الاحتلال وعدم التطبيع مع إسرائيل.
وقال عباس شومان وكيل الأزهر في تصريح صحفي: “موقفنا واضح، وهو وجوب مقاطعة الاحتلال، وعدم التطبيع مع إسرائيل، وبالتالي رفض زيارة القدس والأقصى”، فيما قال المتحدث باسم الكنيسة المصرية، القمص بولس حليم: “موقفنا واضح من زيارة القدس، بعدم السماح للأقباط بزيارتها، وعدم دخولها إلا مع إخواننا المسلمين، وهذا من الثوابت الوطنية الراسخة للكنيسة القبطية”.
تجدر الإشارة إلى أن من يريد زيارة القدس يحتاج إلى موافقة السلطات الإسرائيلية التي تفرض كذلك على الفلسطينيين من سكان الضفة الغربية وقطاع غزة الحصول على تصاريح خاصة تمكنهم من دخول المدينة، ولا تمنح عادة هذه التصاريح إلا لمن يتجاوز الخمسين عاما.