أعرب خبراء ومتخصصون عن تخوفهم إزاء ظاهرة أعمال الخطف في بغداد والمحافظات العراقية الأخرى والتي تجددت منذ نحو ستة أشهر في ظل انشغال القوات الأمنية العراقية في المعارك ضد تنظيم «الدولة الإسلامية».
كما أبدى المختصون قلقهم من عودة ظاهرة الخطف في العراق التي تعود إلى الأعوام 2009/2006 والتي كانت تحدث لأسباب مذهبية أو لطلب ديات مالية، مشيرين إلى أن الأرقام الكبيرة التي يطالب بها الخاطفون والتي أصبحت تشكل تجارة رابحة قد تدخل إلى الأسواق وتأخذ صفة شرعية.
وأوضح الخبير الاقتصادي «آدم ذي النون» أن عائلات كثيرة بدأت بتغيير سلوكياتها اليومية لكي لا تثير انتباه الخاطفين، بحيث امتنعت عن شراء سيارة أو تشييد بيت، أو وضع الكمية المطلوبة من البضائع في محال المجوهرات، وهذا بالتأكيد أثر سلبا على المواطن وعلى حياة العائلات.
كما أشار الخبير الاقتصادي «محمود الحسيني» إلى أن وجود أجهزة أمنية رديفية ساهم في ترهل القانون، ما ترك مساحة واسعة للكثيرين، بممارسة الخطف بحرية، مضيفا: «تثير المبالغ التي يطالب بها الخاطفون قلق المستثمرين، الذين يترددون في إقامة مشاريع في العراق وسط تلك العمليات، والتي غالبا ما تنفذ من قبل جماعات لها نفوذ».
ووفق «الحسيني»، تسببت هذه الأعمال، بحدوث انكماش واضح داخل القطاع الخاص، فالذي يريد الآن الاستثمار يجب أن يكون أقوى من تلك الجماعات.
ويتابع «الحسيني»: «بعد دراسة اقتصادية للكثير من حالات الخطف، تبين أن المبالغ التي يطالب بها الخاطفون تعتمد على وظيفة الضحية، وراتبها الشهري، إذ تبدأ قيمة الفدية بـ 30 ألف دولار، وحتى الآن آخر رقم وصل إليه الخاطفون في تحديد قيمة الفدية هو 500 ألف دولار».
ومنذ شهر يونيو/حزيران الماضي وحتى النصف الأول من شهر ديسمبر/كانون الأول، وصلت المبالغ المدفوعة شهريا إلى 800 ألف دولار، بحسب بيانات وزارة الداخلية ومنظمات مهتمة بهذه الظاهرة.
من جهته رجح الخبير المالي «مناف طعمه السليطي»، أن يعمد الخاطفون إلى إعطاء تلك المبالغ التي يجنونها الصفة الشرعية من خلال إدخالها كودائع في المصارف العراقية سواء الحكومية أو الأهلية، ومن ثم المضاربة بها في السوق أو شراء عقارات. وهنا يأتي دور مكتب غسيل الأموال الذي يعاني قانونه الكثير من المشاكل.
وقال «السليطي»: «يحتاج قانون غسيل الأموال، الذي يعتمده مكتب غسل الأموال إلى أمرين حتى يتم تفعيله بالشكل الصحيح، الأول أن يحمل في بنوده مظلة وطنية كبيرة تدعمه بالتعليمات والآليات والسياسات التي تتناغم والقانون العراقي، والأمر الثاني أن يحتوي على مظلة وطنية أخرى تهتم بالعمليات من حيث متابعة الجريمة وملاحقتها، وهذان الأمران غير موجدين بشكل فعال في القانون الذي يعتمد على بلاغات تفتقد الكثير من المهنية».
وكان رئيس الوزراء العراقي «حيدر العبادي» قد قرر قبل نحو شهر من الآن تشكيل لجنة لمتابعة الظاهرة الجديدة التي انتشرت وبدأت تثير الرعب بين البغداديين على وجه الخصوص، فيما قال الناطق باسم وزارة الداخلية العميد «سعد معن» أن الوزارة شكلت خلية تعنى بمتابعة حالات الخطف في بغداد والمحافظات، وهي تتكون من الأمن الوطني والاستخبارات ومجلس القضاء الأعلى.
العربي الجديد